توماس فريدمان: في إسرائيل.. نتنياهو هو ترامب وائتلاف التغيير الجديد هو بايدن

فريدمان يرى أن إستراتيجية نتنياهو السياسية للفوز كانت دوما مثل ترامب، وهي تكريس ثقافة "تقديس الشخصية" ومحاولة الاستيلاء على السلطة عبر تقسيم البلاد (الأوروبية)

قال الكاتب الصحفي الأميركي توماس فريدمان (Thomas Friedman) إنه لفهم الدراما السياسية الجارية في إسرائيل ومحاولة تشكيل تحالف وحدة وطنية هدفه الإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يكفي فقط إدراك شيء واحد وهو أن نتنياهو يجعل خصومه يشتاطون غضبا بالضبط كما كان يفعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

ويرى فريدمان -في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز (The New York Times)- أن إستراتيجية نتنياهو السياسية الرئيسية للفوز في الانتخابات كانت دوما مثل ترامب، وهي تكريس ثقافة "تقديس الشخصية" ومحاولة الاستيلاء على السلطة بأغلبية ضئيلة من خلال تقسيم إسرائيل بأكبر عدد ممكن من الطرق أو الثنائيات، أولها اليهود في مقابل العرب، ثم اليسار مقابل اليمين، والمتدينون مقابل العلمانيين، والقوميون مقابل الخونة.

كما أنه لم يتوقف مثل ترامب عند الخطوط الحمراء وكان سعيدا تماما بتقويض المؤسسات الديمقراطية الإسرائيلية وحرية الصحافة وسيادة القانون وأي شيء آخر يحد من سعيه للاحتفاظ بالسلطة بعد قضائه 12 عاما برئاسة الوزراء.

وهو ما يفسر -يضيف فريدمان- كفاحه اليوم للبقاء سياسيا على قيد الحياة في الوقت ذاته الذي يرتبط فيه مستقبله بتحقيقات وإجراءات قانونية متعلقة بتهم رشوة واحتيال وخيانة للأمانة.

لحظة حساسة

وكما كانت الحال بالنسبة لترامب، كان نتنياهو -وما يزال- مستعدا لإدخال المجتمع الإسرائيلي في حرب أهلية حفاظا على السلطة، وهو ما يجعل البلاد حاليا تمر بلحظة حساسة يبقى فيها مسلسل تشكيل حكومة ائتلافية لفترة ما بعد نتنياهو، بعيدا كل البعد من نهايته.

فقبل أن يؤدي "ائتلاف التغيير" الهش والمتنوع أيديولوجيا بشكل لا يصدق الذي اجتمع للإطاحة بنتنياهو اليمين الدستورية، وهو أمر قد يستمر حتى 14 يونيو/حزيران الجاري، سيستخدم نتنياهو و"أتباعه السياسيون" بلا رحمة كل خدعة يتيحها لهم القانون -أو من خارج القانون- لوقف انتقال السلطة.

ويشبه هذا التحالف غير المحتمل الذي اجتمع لمحاولة الإطاحة بنتنياهو -يضيف فريدمان- من جوانب عديدة أنصار "مذهب بايدن" في الولايات المتحدة، وهي حركة كانت تعتقد أنه على المجتمع إصلاح نسيجه السياسي الممزق والابتعاد عن حافة الهاوية واستعادة احترام المؤسسات وكل فئات المجتمع لبعضها بعضا بعد رئاسة ترامب.

ويمكن أن يطلق على النسخة الإسرائيلية من هذا التيار "مذهب لبيد" نسبة ليائير لبيد، المذيع التلفزيوني السابق ومؤسس حزب "يوجد مستقبل" الوسطي الذي يعد أكثر شخص تنازل عن غروره السياسي من أجل السماح بخروج هذا الائتلاف للوجود، حيث سيتناوب على رئاسة الوزراء مع منافسه اليميني وشريكه الآن، نفتالي بينيت رئيس حزب "يمينا"، وهو قومي ديني مؤيد للاستيطان.

حتى أن لبيد -يضيف الكاتب- سمح لبينيت بتولي المنصب القيادي الأعلى في الدولة أولا لتعزيز فرص دعمه للائتلاف رغم أن حزبه أصغر بكثير.

وقد كان خطاب لبيد السياسي يرتكز أساسا على التقليل من أهمية الأيديولوجيا وعلى النهج العملي واستعادة عافية المؤسسات الديمقراطية الإسرائيلية التي تم الإضرار بها بشدة في عهد نتنياهو.

أكبر المحرمات

وقد بلغت الرغبة الشديدة للبيد وللائتلاف الجديد من أجل الإطاحة بنتنياهو -يقول الكاتب- حد كسر أحد أكبر المحرمات السياسية في التاريخ السياسي الإسرائيلي، حيث فتحوا المجال لأول مرة لائتلاف وحدة وطنية يضم حزب القائمة العربية الموحدة، وهو حزب عربي إسلامي كانت مقاعده الأربعة في الكنيست ضرورية لتحقيق الأغلبية الحاكمة الجديدة.

وذكرت مصادر صحفية إسرائيلية أن بينيت ولبيد وعدا رئيس حزب القائمة العربية، منصور عباس، بتقديم تمويل كبير من أجل "معالجة العنف المتفشي والجريمة المنظمة في المجتمع العربي وإصلاح البنية التحتية المتداعية في البلدات والقرى العربية" في الداخل الإسرائيلي خلال العشر سنوات المقبلة.

وقد كانت لافتة بالفعل -يضيف فريدمان- الصورة غير المسبوقة للزعماء الثلاثة لبيد وبينيت وعباس وهم يجلسون حول طاولة صغيرة الأربعاء الماضي خلال وضعهم اللمسات الأخيرة على اتفاقهم وهم يبتسمون للكاميرات.

وكتبت صحيفة هآرتس (Haaretz) الإسرائيلية واصفة هذه اللحظة "لقد كانت صورة تاريخية تم التقاطها في غرفة فندق بواسطة مساعد لمنصور عباس: اللحظة الفارقة للوصول لأغلبية تخرج للوجود، حكومة قد تحل محل بنيامين نتنياهو، رغم أن الأمر لم ينته بعد".

وتضيف "لكن دعونا لا ننسى أن الرجل الذي جعل كل هذا ممكنا لم يكن موجودا في تلك الجلسة.. إنه نتنياهو".

المصدر : نيويورك تايمز