حكومة جديدة في إسرائيل.. هل تمهد لنهاية حقبة نتنياهو؟

رئيس حزب يمينا نفتالي بينيت (يمين) ورئيس حزب هناك مستقبل يائير لبيد (الفرنسية)

في الوقت الذي أعلن فيه رئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لبيد -عند منتصف ليل أمس الأربعاء- للرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين أنه نجح في التوقيع على اتفاقيات ائتلافية مع أحزاب "كتلة التغيير" لتشكيل حكومة جديدة؛ تتجه الأنظار إلى جلسة الكنيست التي ستعقد الأسبوع المقبل للتصويت على الحكومة المقترحة.

ووفقا للاتفاقية -التي وقعها حزب "هناك مستقبل" وحزب "يمينا"، سيشغل رئيس الحزب الأخير نفتالي بينيت -أولا- منصب رئيس الوزراء، وبعد عامين سيحل محله يائير لبيد الذي سيتولى منصب وزير الخارجية.

وتحظى حكومة التغيير -التي أعلن عنها لبيد- بأغلبية 61 من أعضاء الكنيست (البرلمان) عن أحزاب "كتلة التغيير"، ممثلة بحزب "هناك مستقبل" برئاسة لبيد، و"يمينا" برئاسة بينيت، و"أمل جديد" برئاسة غدعون ساعر.

وتضم الكتلة أيضا حزب "العمل" برئاسة ميراف ميخائيلي، و"أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس، و"يسرائيل بيتنو" برئاسة أفيغدور ليبرمان، وحزب "ميرتس"، برئاسة نيتسان هوروفيتس، فيما القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس ستدعم الحكومة من الخارج.

وخلافا لموقف القائمة الموحدة الداعم لحكومة التغيير والتي كانت تفاوض نتنياهو لدعم حكومته؛ اتخذ التجمع الوطني -برئاسة النائب سامي أبو شحادة- موقفا مبدئيا بالتصويت ضد أي حكومة تشكل في إسرائيل.

وفي المقابل، أعلنت القائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة -والتي أوصت لدى الرئيس الإسرائيلي بتكليف لبيد لتشكيل الحكومة- أنها ستصوت ضد حكومة بينيت-لبيد الذي ما زال يفاوض ويراهن على امتناع بعض من مركبات القائمة المشتركة على التصويت ضد الحكومة الجديدة في الأسبوع المقبل.

وتؤسس الحكومة الجديدة -في حال المصادقة عليها بالكنيست الأسبوع المقبل- لمرحلة جديدة بالمشهد السياسي الإسرائيلي؛ كونها تشكل الخطوة الأولى لنهاية حقبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الممتدة على مدار 12 عاما، والذي يحاكم بتهم فساد من شأنه أن تدينه وتزج به بالسجن لسنوات.

وعلى الرغم من إعلان لبيد توصله لاتفاقيات ائتلافية، بيد أن نتنياهو يواصل ممارسة ضغوطات على أعضاء الكنيست من حزب "يمينا"؛ بغية إقناعهم بالانشقاق والتصويت ضد الحكومة، الأمر الذي يعزز سيناريو التوجه لانتخابات خامسة ليكون بمثابة طوق نجاة أخير له.

Israeli Opposition Closes In On Coalition To Oust Netanyahu
القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس (يمين) ستدعم الحكومة الجديدة دون المشاركة فيها (غيتي)

ضغوطات وانتقادات

ويعتقد يوفال كارني -المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (Yedioth Ahronoth)‏- أن نتنياهو -الذي ما زال الأقوى ويتحكم في زمام الأمور داخل حزب "الليكود"- قد يواجه حالة من التمرد إذا استمرت حكومة التغيير لفترة طويلة وأظهرت استقرارا وبقي الليكود في صفوف المعارضة.

ونقل المراسل السياسي عن وزراء وأعضاء الكنيست عن حزب الليكود قولهم "صحيح نتنياهو ما زال الأقوى وسيبقى رئيسا لليكود بحال أجريت انتخابات داخلية، لكن إذا بقي الليكود في المعارضة وتم تثبيت الحكومة الجديدة؛ فهذه المستجدات ستزيد الضغوط والانتقادات الداخلية لنتنياهو، وسيظهر من ينافسه على رئاسة الحزب".

وعزا كارني الانتقادات الصامتة في الليكود وعدم التمرد على نتنياهو إلى تباين المواقف داخل الحزب بشأن بقاء حكومة "معسكر التغيير" لفترة طويلة بحال صادق عليها الكنيست.

لكنه يرجح أنه بحال أظهرت الحكومة الجديدة استقرارا واستمرت لفترة طويلة؛ فإن ذلك يقوض من مكانة ونفوذ نتنياهو، قائلا "توجد انتقادات خفية داخلية بالليكود لنتنياهو وترى أنه تحول لعبء على معسكر اليمين".

نتنياهو وترامب

وفي مشهد يجسد أوجه الشبه بين الواقع السياسي في إسرائيل وأميركا بعد انتخاب الرئيس جو بايدن؛ يعتقد يوسي فيرتر -محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس" (Haaretz)- أن نتنياهو بدا كأنه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.

وأضاف أنه مع بوادر تشكيل حكومة بديلة بإسرائيل يقول نتنياهو "حكومة بينيت-لبيد خدعة القرن، الكل يعرف أن هناك حكومة يمينية برئاستي، والحكومة اليسارية تعرض دولة إسرائيل وشعبها وجنودها للخطر".

وأوضح أن أحداث السادس من يناير/كانون الثاني في أميركا يمكن أن تحدث في 8 أو9 يونيو/حزيران الجاري، عندما يلتئم الكنيست للتصويت على تشكيل الحكومة الجديدة.

ومضى قائلا "الخطاب في شبكات التواصل مشبع بالعنف، والتهديدات ضد المرشحين لمنصب حكومة التغيير تؤخذ على محمل الجد في جهاز الشاباك، واليمين الإسرائيلي الذي أنتج العنف السياسي في العقود الأخيرة، يستعد للمعركة النهائية".

ويعتقد محلل الشؤون الحزبية أن مجرد الإعلان عن حكومة التغيير يؤسس للخطوات الأولى لنهاية عهد نتنياهو، بحيث أن عهد التخويف والترويع بأن "إسرائيل في خطر" قد ولى، مشددا على أن نتنياهو ظهره للحائط ويبدو متهورا، لأنه بات أقرب إلى فقد كرسي رئاسة الوزراء بعد 12 سنة، ليجد نفسه في قفص الاتهام دون حصانة.

Reactions As Israel's Radical Right Rallies Centre To Oust PM Netanyahu
لعدة أشهر تظاهر أنصار المعارضة في إسرائيل للمطالبة برحيل نتنياهو (غيتي)

مأزق وتحالف

وعن أهمية "كتلة التغيير" -التي تؤسس للحكومة الجديدة- يقول المحلل السياسي تسفي برئيل إن "الحكومة التي على وشك أن تتشكل هي ليست حكومة أحلام أي ناخب إسرائيلي، إذا كانت مثل هذه الحكومة ستخوض الانتخابات العامة ككتلة واحدة ولم تكن نتاج للمأزق السياسي؛ فإننا نشكك إذا ما كانت تحصل على العدد الإجمالي للمقاعد التي تعتمد عليها الآن".

ويعتقد برئيل أن الحكومة الجديدة تمكنت من فعل المستحيل، فقط بسبب القاسم المشترك الوحيد بين مكوناتها ومركباتها، وهو الإطاحة بنتنياهو، حيث تحالف الكثيرين من المعارضين لنتنياهو الذي يشكل جوهر الفساد والأنانية والكذب والاحتيال، على حد قوله.

وأوضح أنه ثبت خلال 4 جولات انتخابية أن تنحية نتنياهو لم تكن مسألة شخصية فقط، بل إنها ضرورة وطنية وأيديولوجية وديمقراطية وثقافية بإسرائيل، مشيرا إلى أن نتنياهو خلق ثقافة وسياسية تقدس الزعيم الأعلى، كونه فرض قواعد الديمقراطية وتحكم بها، وعمد إلى ازدراء نظام القضاء، ووضع نصف سكان الدولة في دائرة "الخيانة"، وأسس 3 شعوب يهودية في دولة واحدة، شعب يهودي في الضفة الغربية واثنان داخل الخط الأخضر.

وأضاف برئيل أن "نتنياهو داس على الأقليات، وخطط لضم الضفة الغربية والأغوار، ووضع إسرائيل في مسار تصادمي مع الولايات المتحدة، واستولى على أجزاء كبيرة من الإعلام، ونجح في إقناع الجمهور بأنه لا ينضب، كل ذلك ولم نتحدث بعد عن محاكمته بتهم فساد".

المصدر : الجزيرة