لوبس: الناس هنا جوعى.. لبنان ينحدر نحو الجحيم

Protest in Lebanon
متظاهر يحمل العلم اللبناني خلال مظاهرات سابقة منددة بالفساد وغلاء المعيشة وسط بيروت (الأناضول)

قالت مجلة لونوفيل أوبس (Le Nouvel Obs) الفرنسية إن العاصمة اللبنانية بيروت كانت عاصمة الشرق الأوسط للحياة العذبة ومركزا لحركة مدنية مفعمة بالحيوية والطموح، إلى أن تسبب الفساد وغياب حس المسؤولية لدى نخب البلاد السياسية في إغراقها في مستنقع من البؤس واليأس.

وذكرت المجلة -في تقرير لمبعوثتها الخاصة إلى لبنان ماري فاتون- أن البلاد التي اهتزت في أغسطس/آب 2020 على وقع انفجار مدمر بمرفأ بيروت ما زالت تداعياته مستمرة حتى اللحظة، تعاني من مشاكل لا تعد ولا تحصى، ليس آخرها مستويات الدين القياسية وتدهور قيمة الليرة وهجرة الكفاءات وفساد النظام والأزمة السياسية المتقدة التي لا تنتهي وسرقة مدخرات الناس من قبل البنوك.

ويقول الكاتب اللبناني وأحد مواليد بيروت في ستينيات القرن الماضي شريف مجدلاني إن "لبنان دخل فعليا في فوضى اقتصادية.. كل شيء الآن يقايض ويستبدل ويباع ويشترى بالمال. البلد تجري نحو حتفها كدجاجة مفصولة الرأس ونحن نتعايش مع الوضع".

عالم موازٍ

ويتحدث مجدلاني واصفا متاعب وبؤس حياة يومية تحللت ملامحها بالكامل، مشيرا بمزيج من السخرية وفقدان الأمل لأزمة العملة والمصارف الخانقة وللوباء المتسارع وللفساد المستشري في طبقة سياسية حاكمة غير قادرة على التفكير أبعد من مصالحها الضيقة.

كما يروي يوميات انهيار مجتمع فشل فشلا ذريعا، فأجبر على العيش في عالم مواز تحكمه المساومات والأسواق السوداء، عالم الفجوة بين الأغنياء الذين يستطيعون شراء مولدات الكهرباء الخاصة بهم وتوفير مياه الشرب من خلال الصهاريج، وفقراء يتسولون على أرصفة بيروت.

وقد اعتبر البنك الدولي -في تقرير صادر مطلع الشهر الجاري- الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان "ضمن 10، إن لم يكن أخطر 3 أزمات في العالم، منذ منتصف القرن التاسع عشر".

وتضيف الصحيفة أن البلاد تعيش منذ 10 أشهر بلا حكومة، كما أكدت الأمم المتحدة أن 60% من سكانها باتوا تحت خط الفقر، بينما وصلت نسبة البطالة إلى 39.5%، وفقدت العملة الوطنية 90% من قيمتها مقابل الدولار، وارتفعت أسعار المواد الغذائية 5 أضعاف منذ نهاية عام 2019.

عملة وهمية

ويقول زياد (39 عاما) وهو من أبناء الطبقة المتوسطة التي ما زالت لديها قدرة شرائية و"لولار" (دمج لكلمتي دولار وليرة، في إشارة للمدخرات العالقة في البنوك اللبنانية) إن "الوقت لم يعد كالوقت، والمال لم يعد يساوي شيئا. الأسعار تتضاعف وتتضاعف ولا شيء مستقر.. لدينا جميعا انطباع بأننا نطفو في زمان ومكان غير محددين".

وتؤكد لوموند في هذا الإطار أن الليرة اللبنانية تحولت فعليا منذ بدء الأزمة المصرفية نهاية عام 2019 إلى عملة وهمية بلا قيمة تقريبا، لكن قطاعا من اللبنانيين ما زالوا يستبدلونها مقابل شيكات أو حوالات على أساس سعر تحويل حدده مصرف لبنان المركزي، هو أقل 4 مرات من سعر السوق السوداء.

وتختم بأن عاصمة لبنان تبكي يوما وتضحك يوما على وقع الأزمة، في ليلها تتكدس السيارات بالشوارع ويحتفل الشباب من كل الطوائف بحريتهم المكتشفة حديثا في مقاهٍ مزدحمة، وفي الصباح تتراءى لك في أرجاء المدينة طوابير طويلة من سيارات تنتظر ساعات أمام محطات الوقود، سيارات دفع رباعي لامعة ذات نوافذ مظلَّلة بجانبها عربات توك توك صدئة، "الجميع سواسية في مواجهة الأزمة".

المصدر : لونوفيل أوبسرفاتور