لوموند: تهديد الأسراب.. حروب الطائرات المسيرة التي تقلق جيوش العالم

Record Number Of Migrants Cross English Channel By Sea
الصحيفة قالت إن استخدام الطائرات المسيرة بات يثير قلق العديد من الجيوش عبر العالم (غيتي)

قالت صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية إن الصراعات التي دارت أو التي ما زالت مستمرة في مناطق عدة عبر العالم -مثل أوكرانيا وسوريا وليبيا وخاصة الصراع في إقليم ناغورني قره باغ بين أرمينيا وأذربيجان- شهدت استخداما غير مسبوق وواسع النطاق لأسراب الطائرات المسيرة التي كان لها -إلى جانب الوسائل العسكرية التقليدية- أثر مدمر على القوات البرية.

وذكرت الصحيفة -في تقرير للصحفية إيليز فانسون- أن استخدام الطائرات دون طيار أو "الدرونز" هي ظاهرة جديدة وأحد ملامح الحروب الهجينة التي فاجأت وتثير قلق العديد من الجيوش عبر العالم.

ومهما اختلفت تسميات الخبراء العسكريين لهذه الطائرات -تضيف لوموند- إلا أنها في الواقع تغيير لوظيفة أجهزة طائرة مسيرة من مختلف الأحجام كانت تستخدم حتى وقت قريب بشكل أساسي لأغراض استخباراتية أو لتنفيذ عمليات دقيقة، من أجل شن هجمات مسلحة جماعية ومتزامنة أو انتحارية في بعض الأحيان، وهو أسلوب عسكري ولّد سباقا سريا ضد الزمن بين عدة جيوش حول العالم -ومنها فرنسا- من أجل البحث عن حلول للحد من فاعليته.

مطلب ملح

وبالنسبة للقادة الفرنسيين؛ صار هذا المطلب ملحا بشكل أكبر خاصة بعد نزاع ناغورني قره باغ الأخير، حيث دفع التخوف من تكرار ما جرى خلال تلك الحرب -وخاصة بفضل دور الطائرات المسيرة التركية- القادةَ العسكريين إلى اعتبار معالجة إشكالية الطائرات المسيرة أمرا ذا صبغة "استعجالية عملياتية"، وقد تم الأسبوع الماضي إدراج هذه المسألة ضمن أولويات مراجعة قانون البرمجة العسكرية 2019-2025.

وتؤكد لوموند أن الملامح الأولى لأسلوب الهجمات العسكرية المتزامنة بدعم مكثف من أسراب الطائرات المسيرة ظهرت أول مرة عام 2014، على يد المليشيات الموالية لروسيا خلال حربها ضد أوكرانيا في منطقة دونباس قبل أن يتجسد بشكل أكبر وأوضح في ناغورني قره باغ العام الماضي (2020)، فيما كان هذا النوع من الطائرات يستخدم سابقا وبشكل أساسي من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل لتنفيذ استهدافات مباشرة.

فدخلت بذلك -تضيف الصحيفة- هذه الطائرات الرخيصة الثمن ضمن آليات وأساليب "الجيوش الفقيرة" والمليشيات وحتى التنظيمات "المتطرفة"؛ حيث استخدم تنظيم الدول الإسلامية مثلا طائرات مسيرة انتحارية منذ عام 2016، خاصة خلال معركة الموصل.

فمع القليل من الإبداع التقني وتقبل الأضرار الجانبية، يمكن لهذه الطائرات دون طيار -إن هي اُستخدمت بطريقة جماعية- أن تعوض بالنسبة للعديد من الدول ضعف الوسائل التقنية الحربية التي تكون غالبا باهظة الثمن.

وقد كانت تركيا -تضيف لوموند- من أوائل الدول التي فهمت هذا الأمر؛ حيث استطاعت أن تختبر فاعلية هذه الطائرات وقوتها في محافظة إدلب السورية، آخر معاقل الثورة على نظام بشار الأسد، فخاضت مواجهة مفتوحة مع النظام السوري وداعميه منذ عام 2016 وحتى يومنا هذا.

ساحة اختبار

وبوصفها عضوا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فقد راكمت تركيا خبرة في الأنظمة العملياتية وكيفتها لتطوير أسلوب الرشقات باستخدام الطائرات المسيرة من خلال توظيف متزامن أحيانا للمئات من الطائرات المجهزة بقدرات حرب إلكترونية قوية، وهو الأمر الذي مكنها مثلا من تحييد أنظمة دفاع أرض-جو السورية وتدمير حوالي 100 مركبة ثقيلة باستخدام المدفعية وحتى شن هجمات بطائرات مسيرة "انتحارية".

ومنذ العام 2019 تحول بلد بأكمله إلى "ساحة اختبار" للطائرات المسيرة الهجومية، حيث فتحت "الحرب الأهلية" الثانية (2014-2020) في ليبيا -وما شهدته من انخراط لقوى إقليمية ودولية (منها روسيا والإمارات)- المجالَ لمرحلة جديدة للاستخدام الإستراتيجي لهذا النوع من الطائرات.

وتختم الصحيفة بأن إدخال هذه الطائرات الخدمة خلال الحرب -إلى جانب نشر المرتزقة على الأرض ومنهم المتعاقدون الروس من مجموعة فاغنر- أتاح توفير بديل آخر للقوة الجوية، لدرجة أن المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة حذر في سبتمبر/أيلول 2019 من خطورة هذا الأمر، واصفا ليبيا بأنها "على الأرجح أكبر مسرح لحرب الطائرات المسيرة في العالم".

المصدر : لوموند