غزة وإسرائيل.. عودة محتملة لتفعيل "الأدوات الخشنة" وحماس تحذر من انفجار وشيك

Israel-Gaza cross-border violence continues
العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة خلّف دمارا هائلا في البنية التحتية للقطاع (رويترز)

غزة – ثمة مؤشرات كثيرة تضع الأوضاع في غزة على المحك، وتعزز من احتمالات تدحرجها نحو مواجهة مسلحة جديدة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -كبرى فصائل المقاومة- وإسرائيل، في ظل تباينات حادة بين الطرفين تهدد بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في 21 مايو/أيار الماضي وأوقف حرباً عنيفة استمرت 11 يوماً.

وتشعر حماس بغضب شديد من مماطلة تل أبيب، ومما تصفه الحركة بمحاولات ابتزاز إسرائيلية تهدف إلى تحقيق مكاسب عبر ربط ملفات الحصار وإعادة إعمار ما دمرته الحرب بملف صفقة تبادل الأسرى.

وعلى وقع فشل اللقاء الأول بين رئيس حماس في غزة يحيى السنوار ومبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام تور وينسلاند، الاثنين الماضي، الذي وصفه السنوار بالسيء جداً، تصاعدت حدة التهديدات المتبادلة بين الحركة وإسرائيل بالعودة إلى المواجهة المسلحة.

قنبلة موقوتة

ودفع اللقاء العاصف مع السنوار الذي استمر نحو 40 دقيقة، وينسلاند إلى مغادرة غزة من دون أن يلتقي أي أطراف فلسطينية سياسية أو أهلية أخرى كما كان مخططاً.

وقالت مصادر فصائلية، للجزيرة نت، إن السنوار أسمع المبعوث الأممي كلاماً قاسياً، رداً على تبنيه مقترحات إسرائيلية عكست تماهياً مع السياسات الإسرائيلية أكثر من كونه "وسيطاً أممياً"، يسعى لمعالجة ملفات إنسانية في غزة تتعلق بالحصار والقيود الإسرائيلية على المعابر وإعادة الإعمار.

وقبيل لقاء عقدته حماس مع الفصائل في غزة لوضعها في صورة اللقاء مع وينسلاند، حذر السنوار من أن "الأوضاع قد تتجه نحو الهاوية".

وبحسب المصادر فإن الفصائل منحت الوسيط المصري فرصة -بناء على طلبه- لبذل مساعي مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة من أجل رفع القيود عن غزة، والدفع في اتجاه إعادة الإعمار، بعد فشل مهمة الوسيط الأممي.

وحذر عضو مكتب العلاقات الدولية في حماس باسم نعيم، من أنه لا سقف زمنيا للانفجار المحتمل، وقال للجزيرة نت، إن "ملفات الحصار عبارة عن قنبلة موقوتة، وهي الآن في وضع العد التنازلي وقد تنفجر في أي لحظة".

وأضاف "المماطلة والتذرع بوجود حكومة إسرائيلية جديدة ليست مشكلتنا، كما أن عمر هذه الحكومة القصير لم يمنعها من المصادقة على إجراءات الاستيطان في الضفة والاعتداءات في القدس وحصار غزة، عليها أن تفي بالتزاماتها".

وأكد نعيم أن وقف إطلاق النار "هش للغاية"، وتدحرج الأوضاع نحو الانفجار مجدداً وارد جداً، على اعتبار أن العوامل التي أدت إلى المواجهة الأخيرة لا تزال قائمة، كاستمرار الاعتداءات الإسرائيلية في القدس المحتلة خاصة في حي الشيخ جراح، وتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة بسبب الحصار الخانق.

وبالنسبة لنعيم فإن غزة تقف الآن على "أرضية متفجرة"، وحماس لن تقبل استمرار الحصار والابتزاز الإسرائيلي، وعلى المجتمع الدولي والوسطاء كافة العمل بسرعة على "نزع صواعق الانفجار" عبر معالجة جذور المشكلة ورفع الحصار وإعادة الإعمار.

مواقف متباينة

ترفض حماس بشدة ربط الملفات الإنسانية -المتعلقة بالحصار الخانق المضروب على غزة منذ 15 عاماً أو إعادة الإعمار- بملفات أخرى وأهمها "صفقة تبادل الأسرى".

كما ترفض الحركة التي تتحكم بمقاليد الحكم في غزة منذ عام 2007 العودة إلى العمل بآلية الأمم المتحدة لإعادة الإعمار التي أعقبت حرب عام 2014؛ حيث تمنح إسرائيل السلطة المطلقة للتحكم في توريد الاحتياجات من حيث الكمية والنوعية، فيما تتحكم السلطة الفلسطينية بالأموال، وتسبب ذلك في البطء الشديد وعدم الشفافية.

وقال نعيم إن "حماس منفتحة على تطوير أي آليات جديدة من شأنها ضمان وصول الأموال والمساعدات إلى مستحقيها في غزة"، وأعاد التذكير بموقف الحركة بأنها "ليست حريصة على مرور الأموال عبرها ولن تأخذ منها شيئاً"، في رد منه على مطالب إسرائيلية للأمم المتحدة بتطوير آلية تضمن استخدام الأموال في شؤون إنسانية وعدم وصولها إلى حماس.

وضرب مثلاً بالمنحة القطرية الشهرية المقدرة بنحو 30 مليون دولار التي تصل غزة شهرياً منذ عام 2018 عبر "اللجنة القطرية" بناء على تفاهمات سابقة مع إسرائيل، ولا تتدخل حماس في توزيعها، وهي موزعة بالتساوي بين الأسر الفقيرة ووقود محطة الكهرباء والموظفين.

وتعتبر هذه المنحة أحد الملفات الشائكة حالياً، لرفض إسرائيل دخولها إلى غزة وفق الآلية المعتادة يدوياً عبر معبر بيت حانون "إيرز".

ومع انفتاح حماس على تطوير آليات مباشرة جديدة تضمن للجميع وصول الأموال سواء المخصصة لإعادة الإعمار أو المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها في غزة، فإن نعيم يرى أنه "إذا لم تكن هناك آليات جديدة، فالحد الأدنى المقبول أن يستمر العمل وفق الآليات القديمة المتوافق عليها بعد مباحثات ماراثونية جرت في السابق"، من دون أي ابتزاز أو محاولة ربط الملفات ببعضها البعض.

هيئة وطنية مستقلة

ورفضت حماس لجنة شكلتها السلطة الفلسطينية في رام الله بشكل منفرد ومن دون التشاور معها، للإشراف على عملية إعادة الإعمار.

وقال نعيم إن حماس تدعم تشكيل جسم وطني يمثل الجميع، ويضم في عضويته شخصيات وطنية مهنية، يشرف على الأموال وعملية إعادة الإعمار، بما يضمن سرعة الإنجاز والشفافية.

ورأى أن إشراف السلطة على هذا الملف من شأنه "إعاقة العمل والتشويش"، وكان لغزة تجربة مريرة معها بعد حرب عام 2014؛ حيث لا تزال مبان ومنشآت غير معمرة حتى اللحظة، وبناء على هذه التجربة فإن "حماس منفتحة على أي آلية جديدة تتسم بالسرعة والجدية والشفافية".

وعلمت "الجزيرة نت" من مصادر موثوقة أن حماس ومعها فصائل المقاومة في غزة قد تلجأ قريباً إلى تفعيل ما تعرف بـ"الأدوات الخشنة" على حدود غزة مع إسرائيل، مثل فعاليات "الإرباك الليلي" وتصعيد عمليات إطلاق "البالونات الحارقة"، في خطوة احتجاجية أولية الهدف منها "إنذار الوسطاء" للتحرك الفاعل قبل تدهور الأوضاع نحو مواجهة مسلحة واسعة إن لم تلتزم إسرائيل بتفاهمات التهدئة السابقة وترفع القيود المفروضة على غزة، وتسمح بمرور الأموال والمساعدات وتسهل عملية إعادة الإعمار.

المصدر : الجزيرة