30 دقيقة في ضيافة الأمن.. شهادات عن قتل الناشط الفلسطيني نزار بنات وتشييعه بالخليل

أظهر استطلاع للرأي نشره المركز الفلسطيني للبحوث المسحية في وقت سابق أن 84% من الفلسطينيين يعتقدون أن السلطة الفلسطينية فاسدة.

شيّع الفلسطينيون -اليوم الجمعة- جثمان المُعارض والناشط الفلسطيني نزار بنات، في حين ظهرت شهادات عائلية وإفادات طبية بظروف اعتقاله في مركز أمني تابع للشرطة الفلسطينية، حيث “تعرَّض للضرب العنيف” قبل وفاته.

وألقت عائلة بنات نظرة الوداع الأخيرة على الجثمان في منزل العائلة ببلدة دورا في محافظة الخليل (جنوب).

وأدى المشيعون صلاة الجنازة على الجثمان في مسجد “وصايا الرسول” في مدينة الخليل، قبل أن تتم مواراته الثرى في مقبرة الشهداء.

وشارك آلاف الفلسطينيين في مراسم التشييع، وأطلقوا هتافات منددة بالأجهزة الأمنية.

وكان بنات توفي فجر أمس الخميس على يد عناصر أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، بحسب شهود عيان كانوا معه، وذلك بعد الاعتداء عليه وضربه خلال مداهمة منزله واقتياده للاعتقال، وفق شهادات طبية وعائلية.

وقد طالبت عائلة الراحل بإجراء تحقيق نزيه وشفاف في ظروف مقتل ابنها، واستبعاد السلطة الفلسطينية عن التحقيق بصفتها طرفا.

وقال عمار بنات المتحدث باسم العائلة إن ما جرى هو اغتيال بحق نزار. وأضاف "تعرض نزار للاعتقال عند الساعة الثالثة والنصف فجرا من قبل قوة أمنية من جهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة".

​​​​​​​وتابع "القوة اقتحمت منزل نزار بنات بعد تفجير مدخله، وانهالت عليه بالضرب بواسطة هراوات حديدية وخشبية.

وقال عمار بنات في مقابلة إذاعية إن عناصر القوة "سَحَلوه وضربوه أثناء جرّه إلى سيارة الاعتقال، وقاموا بشتمه وإهانته، وكانت الدماء تسيل منه".

السلطة الفلسطينية قالت إن الحالة الصحية للناشط نزار بنات تدهورت بعد اعتقاله (رويترز)

تقرير طبي

وكان تقرير أولي حول تشريح جثمان نزار بنات قد أشار إلى وجود آثار للعنف على جسده، مما يؤكد أن الوفاة لم تكن طبيعية.

وقال طبيب معتمد من مؤسسات حقوقية اطّلع على تشريح جثة نزار بنات، إنّ وفاته لم تكن طبيعية وإنه تعرض للضرب.

وأكد الطبيب سمير أبو زعرور في مؤتمر صحافي في مقر الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، "من خلال المشاهدة والكشف الظاهري، شاهدنا إصابات عديدة وكدمات في مناطق عديدة من الجسم، في الرأس والعنق والصدر والكتفين والأطراف العلوية والسفلية".

وأضاف "لم نُشاهد على الجسم آثارا توحي بأنه توفي نتيجة جلطات". وتابع "الآثار على الجسم تؤكّد أن الوفاة وقعت بعد أقل من ساعة من اعتقاله".

بدوره، قال مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين خلال المؤتمر الصحافي إن "الكشف الطبي هذا يؤكّد أنّ طريقة الاعتقال كان فيها عنف بالغ".

لكن السلطة الفلسطينية قدمت رواية مغايرة كليا، حيث أعلن المحافظ جبرين البكري أن قوة أمنية فلسطينية اعتقلت نزار بنات فجر أمس الخميس بناء على مذكرة توقيف من النيابة العامة، وخلال ذلك تدهورت حالته الصحية وتم تحويله إلى مستشفى الخليل الحكومي، حيث أعلن عن وفاته.

مقتل نزار بنات أثار غضبا واستنكارا في الضفة الغربية (وكالة الأناضول)

إدانات قوية

وقد أثار مقتل نزار بنات إدانات واسعة من قبل الفصائل الفلسطينية ومنظمات حقوقية دولية ومحلية على السواء، حيث طالبت بإجراء تحقيق شفاف، وانتقدت ازدياد أعداد المعتقلين من قبل السلطة الفلسطينية على خلفية سياسية.

وحمّلت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "رئيس سلطة أوسلو محمود عباس وسلطته المسؤولية الكاملة عن كل تداعيات ونتائج جريمة اغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات".

وعبّرت بعثة الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية عن "صدمتها وحزنها" لوفاة بنات، وطالبت بإجراء "تحقيق كامل ومستقل وشفاف فورا".

أما منسق الأمم المتحدة الخاص بالشرق الأوسط تور وينسلاند فدعا إلى إجراء تحقيق مستقل في وفاة نزار بنات ومحاسبة المسؤولين.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة "منزعجة بشدة" من وفاة الناشط، وإنّ لديها "مخاوف جدية بشأن القيود من جانب السلطة الفلسطينية على حرية الفلسطينيين في التعبير وبشأن مضايقة نشطاء في المجتمع المدني".

ودعت منظمة العفو الدولية إلى تحقيق "شفاف وفعال ومستقل وحيادي" في وفاة بنات التي قالت إنها أثارت "قلقها الشديد". 

منظمة العفو الدولية دعت إلى تحقيق "شفاف وفعال ومستقل وحيادي" في وفاة نزار بنات (رويترز)

احتجاجات

وأمس الخميس فرّقت قوات الأمن الفلسطينية مسيرة نظمها نشطاء في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية منددة بمقتل المعارض نزار بنات.

وأفاد شهود بأن قوات الأمن أطلقت قنابل الغاز المدمع، واعتدت بالضرب على عشرات النشطاء، مما أدى إلى إصابة عدد منهم برضوض وبحالات اختناق.

ورفع المشاركون في المسيرة صور بنات، وأطلقوا هتافات تتهم الأجهزة الأمنية الفلسطينية باغتياله. وفي الخليل أيضا نُظمت وقفة مماثلة على ميدان ابن رشد رفع خلالها المشاركون صور بنات.

يشار إلى أن نزار بنات ناشط ومعارض مستقل من بلدة دورا بمحافظة الخليل، وعُرف بانتقاداته اللاذعة للسلطة الفلسطينية، واعتقل من قبل الأجهزة الأمنية عدة مرات.

وأعلن قبل حوالي شهرين تعرّض منزله لإطلاق نار من جانب مجهولين.

 وقال محتجون إنهم بصدد تنظيم احتجاج دائم وسط مدينة رام الله قرب مقرّ الرئيس محمود عبّاس "حتى يتم التغيير الشامل في عمل السلطة".

وأظهر استطلاع للرأي نشره المركز الفلسطيني للبحوث المسحية في وقت سابق أن 84% من الفلسطينيين يعتقدون أن السلطة الفلسطينية فاسدة.

المصدر : الجزيرة + وكالات