الأميرال التركي جهاد يايجي: يمكننا ترسيم الحدود البحرية مع مصر وفلسطين وعدم الثقة بالحلفاء قادنا لتعزيز قدراتنا العسكرية

الأميرال جهاد ييجي
رئيس أركان القوات البحرية التركية السابق الأميرال جهاد يايجي (الجزيرة)

إسطنبول – أسئلة كثيرة تطرح نفسها حول العديد من الملفات التركية العسكرية والإستراتيجية الشائكة، بداية من خطة ترسيم الحدود البحرية بين فلسطين وتركيا والمكاسب التي يمكن تحقيقها للدولتين، ومرورا بمحاولة توقيع اتفاقية ترسيم حدود بحرية بين تركيا ومصر على غرار الاتفاقية مع ليبيا.

فضلا عن سر تنامي الصناعات الدفاعية التركية، وملف القواعد العسكرية التركية خارج الحدود، وإشكاليات حفر قناة إسطنبول المائية.

الجزيرة نت حملت هذه الأسئلة إلى رئيس أركان القوات البحرية التركية السابق الأميرال جهاد يايجي.

والأميرال يايجي -وهو رئيس مركز الأبحاث الإستراتيجية بجامعة بهجة شهير- كان قد قدم خطة لترسيم الحدود البحرية مع فلسطين، وكان له دور في خطة ترسيم الحدود مع ليبيا، فضلا عن أفكاره التي كانت حاضرة في حرب ناغورني قره باغ، وله العديد من الأبحاث عن شرق المتوسط الملتهب.

  • أعددت خطة مقترحة لترسيم الحدود البحرية بين فلسطين وتركيا، فهل تعتقد بإمكانية تطبيقها خاصة وأن فلسطين ليست دولة؟ وماذا سيحدث إذا رفضت إسرائيل الاتفاقية؟

وفقًا لاتفاقية مونتيفيديو لعام 1933، فإن المعايير المطلوبة لدولة ما لكي تعتبر دولة موجودة في فلسطين، فهي دولة ذات حدود محددة ومعروفة.

وفي الوقت نفسه، فإن فلسطين عضو في منتدى غاز شرق المتوسط ​​كما هي حال إسرائيل، لهذا السبب لا يحق لأحد من الناحية القانونية أن يعترض على توقيع اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع فلسطين، كونها دولة لها ساحل على شرق البحر الأبيض.

كما أن الاتفاق الذي تضمّن التعاون الأمني بين تركيا وفلسطين والذي دخل حيز التنفيذ في الأيام الماضية هو تأكيد على إمكانية إبرام اتفاق مع فلسطين.

وكما تم ترسيم الحدود مع ليبيا دون المساس بالإحداثيات التي أعطيناها لمصر، فإن الحدود التي نرسمها مع فلسطين لا تمس بالمنطقة البحرية المصرية الحالية ولا بالمنطقة الإسرائيلية، لذلك لن تعترض عليها إسرائيل لأن الحدود لا تتعارض مع منطقتهم البحرية الحالية.

أما سؤالك هل يمكن عقد اتفاق مع فلسطين؟ نعم يمكن ذلك، لأن المكان الذي ستعقد فيه تركيا اتفاقية ترسيم الحدود هو قطاع غزة، وازدواجية السلطة في فلسطين لا اعتبار لها في هذا الأمر.

  • ما المكاسب التي يمكن أن تحققها تركيا وفلسطين معا من خلال هذه الخطوة، لا سيما في شرق المتوسط؟

إذا تم التوقيع على هذه الاتفاقية، فسيكون لفلسطين الحق في استخراج الغاز الطبيعي وجميع الموارد الحية وغير الحية الموجودة في مناطقها البحرية، وبينما سندعم فلسطين بهذه الاتفاقية، سنفسد على الجانب الآخر لعبة اليونان وقبرص اليونانية.

وعند وضع فلسطين والمكاسب التي ستحقق في شرق المتوسط في عين الاعتبار​​، فلن تساهم هذه الاتفاقية في الاعتراف الدولي بفلسطين فحسب، بل ستزيد أيضًا الدعم الدولي لفلسطين من حيث الواقعية السياسية.

وفي حال إبرام الاتفاقية مع فلسطين، ستكسب تركيا مساحة بحرية تبلغ 10 آلاف كيلومتر مربع، وستحصل فلسطين أيضًا على مساحة بحرية تبلغ 10 آلاف كيلومتر مربع، بالإضافة إلى ذلك فإن فلسطين بوصفها دولة لها ساحل على بحر مفتوح لن تكون محصورة في منطقة محدودة خلافًا للمنطقة الاقتصادية الخالصة التي تراها إسرائيل مناسبة، وستكون قادرة على الاستفادة من مزايا الانفتاح على العالم عبر البحر مثل الصيد والتجارة البحرية وغيرها.

  • كان لك دور في إعداد خطة ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، فهل نشهد قريبا توقيع اتفاقية ترسيم حدود بحرية بين تركيا ومصر على شاكلة الاتفاقية مع ليبيا؟

اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي اقترحتها اليونان كانت ستُفقد مصر 15 ألف كيلومتر مربع من المساحة البحرية مقارنة بالاتفاقية التي ستبرمها مع تركيا، لكن بعد اقتراحات تركيا جرت مفاوضات جادة.

إن مصر وتركيا دولتان صديقتان وشقيقتان عبر التاريخ، وقد تكونان على خلاف في بعض القضايا، لكن هذا لا يعني أنهما ستفرطان في مصالحهما، لذلك من مصلحة كل من تركيا ومصر أن توقعا اتفاقيات ترسيم للحدود البحرية بينهما، لأن هذه المنطقة تمتلك أغنى موارد العالم، ويجب استخراج هذه الموارد والاستفادة منها اقتصاديا.

  • بوصفك جنرالا عسكريا، ما سر تنامي القدرات العسكرية التركية؟ ومتى ستصل تركيا للاكتفاء الذاتي العسكري بنسبة 100%؟

إن أحد الأسباب الرئيسية لتنامي القدرات العسكرية التركية هو الانعكاسات الناجمة عن السياسات غير الموثوقة للدول التي نقيم معها شراكات، فإذا كنت في وضع تساعد فيه الولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني علنًا فلا يجب أن تعتمد على الصناعات الدفاعية الأميركية. ولذلك من المهم أن تكون مكتفيًا ذاتيًا وأن تجهز جيشك بمنتجات الصناعة الدفاعية الخاصة بك.

الصناعات الدفاعية معقدة للغاية، فقد تنتج برمجية ما اليوم، وفي اليوم التالي تشكل من خلال هذه البرمجية أساسًا لبرمجية أخرى، يستغرق الأمر وقتا وجهدًا، لكن المهندسين الأتراك يفعلون ما بوسعهم.

  • ما هدفكم من إنشاء قواعد عسكرية في مناطق خارج تركيا؟

في البداية تجدر الإشارة إلى أن تركيا تقع وسط حلقة من النار بسبب موقعها الجيوسياسي والجيوستراتيجي، ومعظم المناطق التي يطلق عليها النقاط الساخنة في العالم وتعد مسرحًا للنزاعات والصراعات العسكرية، تقع في المنطقة الجغرافية التي تحيط بتركيا.

بالإضافة إلى ذلك، قامت اليونان بتسليح وعسكرة الجزر الواقعة في بحر إيجة في انتهاك واضح للقانون الدولي، كما أن القواعد العسكرية التابعة للعديد من البلدان والتي تم إنشاؤها حول تركيا تشكل أيضًا تهديدًا لبلدنا، وكل هذه الأمور تجبر تركيا على إنشاء قواعد عسكرية في أماكن مختلفة لحماية نفسها ولضمان السلام والاستقرار في المنطقة.

ومن المهم أن ندرك أن تركيا لا تتبع سياسة توسعية، بل تسعى من خلال القواعد العسكرية التي تنشئها إلى حفظ سلام المنطقة ودعم التعليم والأمن.

  • كيف انعكست حرب ناغورني قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا على تركيا؟

تركيا وأذربيجان دولتان شقيقتان وأمة واحدة إلى الأبد، ونحن بصفتنا الأمة التركية نقف إلى جانب أذربيجان مهما كان الثمن وسنظل كذلك، لذلك دعمناها أثناء الحرب.

إن انتصار أذربيجان في ناغورني قره باغ هو انتصار لنا، فقد جعل أرمينيا تدفع ثمن احتلالها وفتح أمامنا أبوابا كانت مغلقة.

  • تركيا اقترحت إرسال قوات دولية إلى الأراضي الفلسطينية، فما رأيك في هذا المقترح خاصة وأن فلسطين تسعى للتحرر؟

إسرائيل شنت هجمات وحشية على الفلسطينيين، وبالطبع يجب أن نفعل كل ما في وسعنا لإنقاذ الفلسطينيين، ويمكن للحكومة الفلسطينية أن تطلب رسميًا من تركيا أن تكون وسيطا، وهذا الأمر سيساهم في تقوية يد تركيا، خاصة وأن تركيا هي الدولة الوحيدة التي يمكنها لعب دور الوسيط الموثوق به بين فلسطين وإسرائيل.

ونظرًا لأن إرسال تركيا قوات إلى فلسطين دون موافقة الأمم المتحدة سيكون مخالفًا للقانون الدولي، فإن تركيا بوصفها دولة تحترم القانون الدولي لن تفعل ذلك، لأن إرسال جنود إلى أراضي دولة أخرى يعني إعلان شن حرب، وسيكون من الأنسب أن تذهب القوات الدولية مثل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى المنطقة.

  • كيف ترى بيان الجنرالات الأخير الذين حذروا من إنشاء قناة إسطنبول المائية؟

أرجو عدم إقحام اسمي في المناقشات السياسية، أبذل قصارى جهدي لحماية حقوق ومصالح الجمهورية التركية في القضايا الوطنية خارج السياسة الداخلية، لذلك من الأفضل عدم الإجابة على هذا السؤال.

  • بوصفك جنرالا بحريا، ما تقييمك لخطة حفر القناة؟ وهل هي قانونية في ظل اتفاقية مونترو التي تنظم عمل المضايق المائية؟

لن تؤثر قناة إسطنبول على اتفاقية مونترو، وسيتم إخضاع السفن التي ستمر عبر القناة لقيود الاتفاقية المتعلقة بالنوع والحمولة وما إلى ذلك، لكن قد تخضع السفن لتسعيرة خاصة، وهذا حق سيادي لتركيا.

قد تتم معارضة إنشاء القناة لأسباب مالية أو بيئية أو هيدروغرافية وما إلى ذلك، لكن الربط بين اتفاقية مونترو وقناة إسطنبول ليس نهجًا قانونيا صحيحًا.

بالإضافة إلى ذلك، هناك مسألة أخرى مهمة وهي أن القنوات والجزر الاصطناعية تعامل معاملة الإقليم البري في القانون البحري، وهذا يعني أن إنشاء تركيا مشروع قناة إسطنبول في بحر مرمرة، وهو بحر داخلي، لا يشكل خطرًا على اتفاقية مونترو، وهو في الوقت نفسه حق سيادي لتركيا.

المصدر : الجزيرة