تسهيلات إسرائيلية شكلية تضع غزة على أعتاب كارثة إنسانية

إسرائيل زعمت أنها أدخلت تسهيلات على معابر غزة، إلا أن جهات رسمية وأهلية فلسطينية تقول إن هذه التسهيلات "شكلية وليست حقيقية"

قيود اسرائيلية مشددة على معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد مع غزة (الجزيرة)

غزة – بعد انقضاء أكثر من شهر على الحرب الإسرائيلية على غزة، يعيش الغزيون واقعا مترديا جراء قيود مشددة تفرضها إسرائيل على المعابر، انعكست على مناحي الحياة كافة، وتهدد بانهيار قطاعات حيوية.

وزعمت إسرائيل قبل بضعة أيام إدخال تسهيلات على معابر غزة، إلا أن جهات رسمية وأهلية فلسطينية تقول إن هذه التسهيلات "شكلية وليست حقيقية".

تسهيلات شكلية

فجر 21 مايو/أيار الماضي توقفت حرب إسرائيلية استمرت 11 يوما من القتل والتدمير في غزة، في حين واصلت إسرائيل فرض قيود مشددة على معبري بيت حانون (إيرز) المخصص للأفراد والحالات الإنسانية والبريد، وكرم أبو سالم التجاري الوحيد.

وتقول مؤسسات رسمية وأهلية في غزة إن هذه القيود ألقت بظلال سلبية ثقيلة على مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والإنسانية، مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة جراء توقف مصانع عن العمل بسبب نفاد المواد الخام، ومنع إسرائيل توريدها للقطاع.

ويشكو سكان غزة من نفاد كثير من أصناف السلع والبضائع، فضلا عن ارتفاع هائل تشهده الأسواق، ما يزيد من معاناة مليوني فلسطيني في القطاع يعتمد أكثر من نصفهم -في تدبر شؤون حياتهم- على مساعدات إغاثية، بحسب أرقام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وقال نائب رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية علي الحايك -للجزيرة نت- إن عشرات المصانع توقفت عن العمل خلال الأيام القليلة الماضية بسبب منع إسرائيل إدخال المواد الخام إلى غزة للشهر الثاني على التوالي.

وفي حال استمرار القيود الإسرائيلية المفروضة على حركة الاستيراد والتصدير يتوقع الحايك انهيار صناعي واقتصادي، وتوالي لجوء أصحاب المصانع إلى إغلاقها، وهو ما يفاقم المعاناة الإنسانية والتحاق الآلاف بجيش العاطلين عن العمل.

وأكد الحايك أن إسرائيل تعمل بهذه الإجراءات التعقيدية على تدمير ما تبقى من مصانع ومنشآت اقتصادية لم تطلها غاراتها الجوية وقصفها خلال الحرب التي كبدت اقتصاد غزة الهش خسائر بملايين الدولارات، وأسهمت في ارتفاع خطير للفقر والبطالة.

خطر الطماطم

ورفضا لما وصفته وزارة الزراعة في غزة بشروط تعجيزية، أوقف مزارعو غزة تصدير منتجاتهم إلى الضفة الغربية والخارج.

وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة أدهم البسيوني إن الاحتلال يفرض شروطا لتغيير معايير تسويق بعض المنتجات الزراعية التي تخرج من معبر كرم أبو سالم إلى الضفة والخارج.

وأضاف أنه بعد إغلاق دام قرابة 45 يوما، قرر الاحتلال السماح بالتسويق والتصدير الجزئي لأصناف محدودة من المنتجات الزراعية عبر معبر كرم أبو سالم، لكن المزارعين تفاجؤوا بشروط تعجيزية.

وقال مزارعون -للجزيرة نت- إن هذه التسهيلات شكلية وليست حقيقية أو واقعية، وتساءلوا بغضب "ما مبرر اشتراط إسرائيل أن تكون البندورة (الطماطم) منزوعة العنق حتى يتم السماح بتصديرها؟".

وبحسب المزارع محمد قديح فإن إسرائيل اشترطت على مزارعي غزة نزع عنق الطماطم ليكون شرطا لمرورها إلى أسواق الضفة والخارج، وهو ما يؤثر على جودتها ويقلل من عمرها وقدرتها على التحمل.

وتقدر وزارة الزراعة خسائر المزارعين جراء وقف عملية تصدير المنتجات الزراعية من غزة بأكثر من 16 مليون دولار، فضلا عن خسائر فادحة لحقت بمشاريع زراعية خلال الحرب.

وفي المقابل، تواصل إسرائيل حجز مئات الشاحنات وتمنع مرورها عبر كرم أبو سالم إلى غزة بدعوى أنها محملة بأصناف من البضائع والسلع التي تصنفها بأنها "مزدوجة الاستخدام" وتدعي أنها تخشى وصولها إلى فصائل فلسطينية لاستخدامها في تصنيع السلاح.

وقال مسؤول في غرفة تجارة وصناعة غزة الدكتور ماهر الطباع -للجزيرة نت- إن القيود الإسرائيلية أدت إلى حرمان القطاع من 10 آلاف شاحنة من الأصناف المسموح دخولها، إضافة إلى عدم تمكن ما يزيد على 600 شاحنة من التصدير.

ومن شأن هذه القيود -بحسب الطباع- أن تسبب -في حال استمرارها- وقوعَ كارثة اقتصادية واجتماعية خطيرة؛ الأمر الذي يستدعي تدخلا دوليا عاجلا للضغط على إسرائيل لإعادة فتح المعابر.

حصار البريد

وتواصل إسرائيل منع خروج البريد من غزة إلى الضفة، فيما تسمح بدخول محدود لبعض المعاملات، بحسب رئيس جمعية وكلاء السياحة والسفر وسيم مشتهى الذي نفى استئناف إسرائيل حركة بريد غزة في الاتجاهين.

وأوضح أن هناك نحو 13 ألف جواز سفر عالق، منها حوالي 2400 خاصة بحالات مرضية بحاجة للسفر من أجل العلاج في مصر والأردن، فضلا عن 7 آلاف طرد بريد يشمل معاملات مختلفة من جوازات سفر ووثائق لطلبة وتأشيرات سفر.

وقال إن مكاتب المعاملات في غزة لديها 12 ألف معاملة لجوازات سفر، إضافة إلى آلاف المعاملات الأخرى التي تحتاج إلى المصادقة عليها من السلطة في رام الله، وليس هناك من وسيلة لوصولها إلا عبر معبر إيريز.

وتهدد القيود الإسرائيلية على البريد حياة المرضى ومستقبل الطلبة، فضلا عن تكبيدها خسائر مالية فادحة لشركات السياحة والسفر، بحسب مشتهى.

المصدر : الجزيرة