هل يشعل النفط الإماراتي أزمة دبلوماسية مع إسرائيل؟

استثناءات منحتها إسرائيل لشركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية تسمح لها بالتكتم على أنشطتها وتعفيها من الكشف عن استثماراتها ومصادر وقودها ومبيعاتها.

صورة لتشجيع السياحة إلى الإمارات وزعتها الحكومة الإسرائيلية على وسائل الإعلام (الجزيرة نت)

تضع اتفاقية "خط النفط كاتسا" -المبرمة بين شركة إسرائيلية خاصة والإمارات- الحكومةَ الإسرائيلية الجديدة أمام تحديات قد تشعل أزمة دبلوماسية بين تل أبيب وأبوظبي، وذلك بعد طلبت وزيرة حماية البيئة الجديدة تمار زاندبرغ إلغاء الاتفاقية.

وفي أعقاب طلب الوزيرة الإسرائيلية؛ نقلت صحيفة "إسرائيل هيوم" -المقربة من رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو- عن مصادر دبلوماسية إماراتية رفيعة المستوى قولها إن "إلغاء الاتفاقية من قبل الحكومة الإسرائيلية -والتي بموجبها تضخ الإمارات نفطها إلى البحر الأبيض المتوسط ومنه إلى أوروبا عبر خط النفط إيلات عسقلان- من شأنه أن يتسبب بأزمة في العلاقات مع إسرائيل، وسيكون هناك خطر على استقرار الاتفاقات الإبراهيمية".

وقال مصدر دبلوماسي كبير في أبوظبي للصحيفة الإسرائيلية إنه "حتى قبل تنصيب الحكومة الجديدة، تم إرسال رسالة لا لبس فيها للإمارات بأن تغيير الحكومة في إسرائيل لن يؤدي فقط إلى إلغاء الصفقة مؤقتا، بل إن الوزيرة الجديدة تعتزم بذل جهودها من أجل إلغاء كلي للاتفاقية".

نتنياهو بمحادثة مع ترامب وبن زايد خلال الإعلان عن التوصل لاتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات برعاية أميركية
نتنياهو بمحادثة مع ترامب وبن زايد خلال الإعلان عن التوصل لاتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات برعاية أميركية (الجزيرة)

تكتم نتنياهو

وخلال فترة ولايته امتنع نتنياهو عن مناقشة مذكرة التفاهم الملزمة المبرمة في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بين الشركة الإسرائيلية "خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية" (EAPC) وشركة "ميد – ريد" (MED-RED) الإماراتية، وهي المذكرة التي يَلزم العمل بها مصادقة من الحكومة الإسرائيلية.

واختار نتنياهو خلال توليه رئاسة الوزراء عدم المصادقة على الاتفاقية، في محاولة لاحتواء "خط النفط" والامتناع عن افتعال أزمة بين تل أبيب وأبوظبي بعد انتخابات الكنيست التي جرت في مارس/آذار الماضي، وخلال مفاوضات تشكيل الحكومة تعمّد عدم معالجة الطلبات التي قدمتها جمعيات حماية الطبيعة والبيئة لإعادة النظر بالاتفاقية.

كما أسكت نتنياهو مبادرة وزيرة البيئة السابقة غيلا جملائيل من حزب الليكود، وهي التي طلبت -قبل نهاية ولايتها بأسبوع- من مجلس الأمن القومي إلغاء الاتفاقية خوفا من عمليات وصفتها بـ"الإرهابية" قد تستهدف تفجير خط النفط وتتسبب بكارثة بيئة وطبيعة في جنوبي البلاد.

 مذكرة تفاهم

وفي رسالة بعثت بها إلى رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات؛ زعمت جملائيل أن الاجتماعات التي كان من المفترض أن تعقد بشأن الاتفاق بين مديري مكتب نتنياهو وحماية البيئة والمالية والطاقة، قد ألغيت عدة مرات.

واستغربت جملائيل "غياب المناقشة الحكومية الجوهرية لقضية بالغة الأهمية، حيث تم التوقيع على الاتفاقية دون علمها بالصياغة والبنود، ودون استشارة وزارة حماية البيئة قبل التوقيع عليها".

ووفقا لصحيفة "غلوبس" (Globes) الاقتصادية، فإن مذكرة التفاهم تتيح للإمارات استعمال "خط النفط كاتسا" الذي دشنته إسرائيل في ستينيات القرن الماضي، وسيكون بالإمكان نقل النفط الإماراتي عبر البحر الأحمر إلى مدينة إيلات، ومن ثم يتم إفراغ حمولة ناقلاته هناك ليتم نقلها عبر خط النفط إلى ميناء عسقلان ومنه إلى أوروبا.

ورغم التكتم على بنود مذكرة التفاهم؛ فإن قيمة الأرباح الإسرائيلية من الصفقة تقدر بحوالي 800 مليون دولار على مدار 5 سنوات، وتقول منظمات إسرائيلية تعنى بالبيئة إنه بحال تمت المصادقة على الاتفاقية سيتم السماح بمرور 120 ناقلة نفط تحمل عشرات الملايين من البراميل.

مخاطر بيئية وأمنية

ووفق يسرائيل فيشير المراسل الاقتصادي لصحيفة "دماركر" الإسرائيلية؛ فإن المعارضة التي تبديها أوساط إسرائيلية لمذكرة التفاهم -بشأن نقل النفط الإماراتي عبر أنبوب إيلات عسقلان- لن تؤدي إلى أزمة بين تل أبيب وأبوظبي.

وعدا عن الكارثة البيئة التي قد تحدث للطبيعة والشعب المرجانية في البحر الأحمر -بحسب الالتماس الذي قدمته منظمات وجمعيات إسرائيلية بيئية للمحكمة العليا الإسرائيلية- حذرت وزيرة جودة البيئة السابقة جملائيل من مخاطر أمنية، حيث تزامن البدء بنقل النفط الإماراتي من إيلات إلى ميناء عسقلان -في مايو/أيار الماضي- مع الحملة العسكرية على قطاع غزة.

وكتب الوزيرة السابقة جملائيل لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي "علينا أن نتحرك مسبقا لمنع الكارثة المستقبلية، ولا نتساءل في وقت لاحق عما كان يمكن فعله لتفادي أي كارثة بيئية للتلوث البحري لشواطئ البلاد أو أحداث أمنية".

وأشارت جملائيل إلى إصابة صهريج نفط في عسقلان -وقع بالقرب من مجمع خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية (EAPC)- بقذيفة صاروخية أطلقت من غزة في مايو/أيار الماضي، كما أوردت صحيفة "هآرتس" (Haaretz).

وبحسب ما أوردته الوزيرة السابقة في رسالتها التي بعثتها في يونيو/حزيران الجاري، فإن الأضرار التي من شأنها أن تلحق بمحطات وصهاريج شركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية في عسقلان أو إيلات، يمكن أن تكون كارثية وغير مسبوقة إسرائيليا.

استثناءات وتكتّم

يذكر أن خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية (EAPC) هي شركة حكومية إسرائيلية تعمل بموجب استثناءات حتى العام 2022 تسمح لها بالتكتم على نشاطها واتفاقياتها دون الامتثال لأحكام قانون حرية المعلومات، مع إعفائها من التزامات المناقصات والأحكام التنظيمية المتعلقة بطريقة تعيين الموظفين ورواتبهم، أو الكشف عن استثماراتها، ومصادر الوقود والمبيعات لأطراف ثالثة.

وتم إنشاء خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية مجددا في أبريل/نيسان 2019 لإدارة الشركة القديمة التي تأسست أواخر الستينيات كمشروع مشترك بين إيران والحكومة الإسرائيلية، مع رؤية لتدفق الوقود من الخليج العربي إلى دول حوض البحر الأبيض المتوسط، عبر خط أنابيب برّي من إيلات إلى عسقلان.

كما أن الشركة الإسرائيلية مسؤولة عن تشغيل محطات النفط في إيلات وعسقلان ومجمّعات خزانات الوقود جنوب إسرائيل، وتقوم بتوريد النفط الخام إلى المصافي وتحتكر استيراد غاز الطهي إلى البلاد.

المصدر : الجزيرة