بعد شهادته في قضية داعش إمبابة.. هجوم بمواقع التواصل على الداعية السلفي حسين يعقوب

الداعية المصري محمد حسين يعقوب (الصحافة المصرية)

إذا بحثت في كثير من المواقع ومنها "ويكيبيديا" (wikipedia) عن توجه الداعية المصري محمد حسين يعقوب، فستجد معظمها يصفه بأنه "داعية سلفي"؛ لكن الرجل فاجأ الكثيرين عندما تلقى سؤالا من القاضي في إحدى المحاكمات بالقاهرة عن تعريفه للسلفية، فرد قائلا "يُسأل عنها دعاة الفكر السلفي".

لكن هذا لم يكن السبب الوحيد للجدل الكبير، الذي ثار على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الشهادة التي أدلى بها يعقوب أمام جلسة عقدت في محكمة جنايات القاهرة، أمس الثلاثاء، برئاسة القاضي محمد السعيد الشربيني لمحاكمة 12 شخصا متهمين في قضية عرفت إعلاميا باسم قضية "داعش إمبابة".

فقد بدت بعض إجابات الرجل صادمة لبعض أتباعه من التيار السلفي، وكذلك لفريق آخر من التيار الإسلامي هو جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن الفريق الآخر المناوئ للتيار الإسلامي، كما أنها جعلته بشكل عام هدفا لقصف مكثف شنه عدد من الإعلاميين المقربين من السلطة.

وعجّت مواقع التواصل بتعليقات لخصوم الشيخ اعتبروا ما قاله جبنا عن كشف حقيقة أفكاره، واستخداما للتورية، ومحاولة للمناورة بإجابات فضفاضة، هروبا من الأسئلة الصعبة التي وجهها القاضي إليه، في مقابل تعليقات لمؤيدين رأوا أن كلام الداعية الشهير في جلسة المحكمة لم يختلف عما قبلها، فهذه هي حقيقة أفكاره، وما أثار الهجوم عليه هي مقتطفات مجتزأة من سياقها، وهو ليس مسؤولا عن سوء التعاطي معها بالفهم المغلوط.

 

 

 

 

مجرد داعية

كان من بين الإجابات التي أثارت استنكارا ودهشة واسعين، قول الشيخ إنه لم يدرس أيّا من علوم الفقه؛ بل اكتفى بوصف نفسه داعية قرأ كتبا، ثم قرأها على الناس، وأنه ليس عالما؛ بل مجرد خريج دار المعلمين، وهي مرحلة دراسة متوسطة كانت تعقب الإعدادية بمصر، وتؤهل حامل شهادتها في ذلك للعمل معلما بالمرحلة الابتدائية فحسب.

ووزع يعقوب أوصافا على شخصيات إسلامية شهيرة، رآها أنصارها ومحبوها انتقاصا من قدر هذه الشخصيات.

وفي الانقسام الحاصل حول يعقوب دفاعا عنه أو هجوما عليه، اصطف الإخوان في الجانب نفسه مع فريق السلطة في الهجوم عليه، بينما ذهب محبو الداعية الشهير إلى انتقاد منتقديه بدعوى أنهم ألبسوه ما لا يلبسه، أو وصموه بما لم يصف به نفسه، بينما طالب خصومه بسجنه بعدما "تنصل ممن ضيعهم".

 

وجاءت أسرع ردود الفعل على يد محام تقدم ببلاغ إلى النائب العام، مطالبا بمحاكمة يعقوب على ما ورد بشهادته أمام المحكمة وإقراره بـ"مزاولته للخطابة والدعوة على المنابر وشاشات التلفزيون وغيرها من الوسائل" رغم كونه حاصلا على "دبلوم المعلمين" في سبعينيات القرن الماضي لا غير، وأنه قام بتقسيم المجتمع إلى فئات تقاسمها مع دعاة إرهاب آخرين، على حد وصف هؤلاء.

وانتشر وسم (هاشتاغ) "تجار الدين"، ضمن حملة انتقاد يعقوب، لتوسيع دائرة استهداف بقية مشايخ الدعوة السلفية، وفي السياق، استدعى مغردون تصريحات وخطبا سابقة للشيخ تناقض شهادته في المحكمة، بحسب تغريداتهم.

وبلغ الأمر بمغردين حد إسقاط الآية القرآنية الكريمة، التي تتحدث عن تبرؤ الشيطان من أتباعه يوم القيامة، على يعقوب، لافتين إلى "تبرؤه ممن ضللهم"، بتعبيرهم.

 

ورأى المفكر الإسلامي كمال حبيب في الواقعة "سقوطا للظاهرة المشيخية السلفية، وهي تتلقى من الدولة ضربة محكمة في أحد رموزها الكبار".

وتابع في منشوره بأن الدولة تضرب بلا هوادة هذه الظاهرة، وتحاول أن تتبنى بديلا يملأ الفراغ الذي سيخلفه، وهذا البديل الآن هو الصوفية".

وعد مغردون استدعاء يعقوب للشهادة ثم الإصرار على تصوير شهادته، مؤشرا على رغبة السلطة في الاستفادة من ذلك في حربها على الإسلاميين أو إلهاء المصريين عن الأزمات الكبرى مثل أزمة سد النهضة الإثيوبي.

وقال الكاتب محمد الجوادي إن إمعان القراءة في الشهادة يكشف أنها لصالح حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، والمفكر الإسلامي الراحل سيد قطب، وليست كما أرادت السلطة من تسويقها.

 

محكمة تفتيش

أما أداء القاضي فقد شكل سببا إضافيا لانقسام المغردين، حيث أشاد به مغردون باعتباره كاشفا لحقيقة أفكار الشيخ وأتباعه، بينما رآه مغردون أداء سيئا سعى لحصار الشيخ لإجباره على قول ما لايريد، بدليل أنه وجه إليه أسئلة بلا معنى سوى الاستفزاز؛ مثل سؤاله عن إلحاحه على سامعيه في المساجد للصلاة على النبي، ما يعد برأيهم أشبه بمحكمة تفتيش في النوايا والمعتقدات للشاهد، لا محاكمة لمتهمين بالعنف والإرهاب.

 

 

 

وبات يعقوب حديث برامج التوك شو الليلية أمس الثلاثاء، وتلقى هجوما عنيفا من مذيعي السلطة، ما دفع مغردين للتساؤل عما إذا كانت حملة منظمة على الدعاة المؤثرين من غير المحسوبين على السلطة، بدأت بيعقوب، وقد تطال محمد حسان وآخرين، أم أن الأمر سيتوقف على يعقوب بعد أن أدى مشهد محاكمته دوره في الإلهاء بعيدا عن الأزمات المحلية الطاحنة؟.

أما الفضائيات المصرية بالخارج، فقد انتقدت شهادة الشيخ وذكره -بما لا يليق- شخصيات لها رمزية لدى الإسلاميين، رغم التماس مذيعيها العذر للشيخ باعتباره واقعا تحت ضغوط وتهديدات غير محتملة، ربما.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي