بين المشاركة والمقاطعة.. الانتخابات الرئاسية الإيرانية في مفترق طرق

أصبحت قضية المشاركة في الانتخابات أو عدمها موضوعا ساخنا للغاية في تطبيق كلوب هوس (Club House) هذه الأيام في إيران.

بعض الاستطلاعات ترجح انخفاض نسبة المشاركة بانتخابات الرئاسة الإيرانية هذا العام إلى أقل مستوى لها (الجزيرة)

تنشغل الأوساط السياسية والإعلامية في إيران هذه الأيام بتوقعات نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية 13، المزمع عقدها في 18 يونيو/حزيران الجاري، والتي تمثل تحديا أمام النخب السياسية في البلاد.

ويشير العديد من المراقبين واستطلاعات الرأي إلى أنه من المرجح أن تكون نسبة المشاركة أقل مما كانت عليه السنوات السابقة، تماما كما شهدت الانتخابات البرلمانية العام الماضي أقل نسبة مشاركة منذ بداية الثورة عام 1979 حتى الآن، والتي وصلت إلى 42.5%.

ووفقًا لاستطلاع إيسبا (مركز طلاب إيران لاستطلاع الرأي) فإن 36% ممن تمت مقابلتهم سيصوتون في الانتخابات الرئاسية، ومن المرجح أن يشارك أيضا حوالي 7.7% آخرين.

الانتخابات السابقة

في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية عام 1980، فاز أبو الحسن بني صدر بنسبة إقبال بلغت 67.5%. لكن في الجولة الثانية عام 1981، أدلى 64% من الناخبين المؤهلين بأصواتهم، وانتخبوا محمد علي رجائي رئيسا قبل اغتياله في ذات العام.

ثم فاز المرشد الحالي علي خامنئي بالولاية الثالثة والرابعة للرئاسة عامي 1981 و1985، بنسبة إقبال بلغت 74% و54.8% على التوالي. كما انتخب الشعب أكبر هاشمي رفسنجاني رئيسا بالدورتين الخامسة والسادسة للرئاسة عامي 1989 و1993، ووصلت نسبة المشاركة 54.6 و50.7% على التوالي.

وكان محمد خاتمي رئيسا للدورتين السابعة والثامنة، واستطاع هزيمة منافسيه عامي 1997 و2001، بمشاركة شعبية وصلت 80 و68%. عاما 2005 و2009، تمكن محمود أحمدي نجاد من الفوز بالجولتين التاسعة والعاشرة من الانتخابات، وبلغت نسبة المشاركة 60% و85% على التوالي، وهي أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية حتى اللحظة.

أما في الدورتين 11 و12 اللتين عقدتا عامي 2013 و2017، فقد انتخب الشعب حسن روحاني بمشاركة قرابة 73% في كلتا الفترتين.

الوضع الاقتصادي وتدخل مجلس صيانة الدستور من أهم المؤثرات على نسبة المشاركة بالانتخابات (الجزيرة)

أسباب مؤثرة

من أهم العوامل التي لها تأثير كبير على رضا المواطنين ومشاركتهم في الفترات الانتخابية المختلفة، وخاصة هذه الجولة، فهي القضايا الاقتصادية والمعيشية، والتي تنصب عليها أكثر دعايات مرشحي الرئاسة.

ويعتقد المحلل السياسي والخبير الإعلامي علي أصغر شفيعيان بأن تردي الوضع الاقتصادي نتيجة سلسلة من الإجراءات التي يمكن أن تكون مرتبطة بالإدارة الداخلية أو السياسة الخارجية أو العقوبات الأميركية، لكن الناس يرون النتيجة ولا يهتمون بأسلوب العمل، وهذه النتائج تؤثر على قرار الشعب للمشاركة بالانتخابات.

وأضاف شفيعيان -في حديثه للجزيرة نت- أنه بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية، فإن الصراع والمهاجمة بين الفصائل السياسية الداخلية، وكذلك طريقة اختيار واستبعاد مرشحي الرئاسة من مختلف التيارات السياسية من قبل مجلس صيانة الدستور، كلها لها تأثير في قرار الشعب للمشاركة.

ويقول أحد المواطنين ويدعى حميد الرجل (خمسيني متقاعد من وزارة التعليم) إنه لم يقرر بعد التصويت بالانتخابات الرئاسية، ورغم مشاركته بالانتخابات السابقة، فمن الممكن ألا يفعلها هذه المرة لأنه لا يرى خيارا مناسبا بين المرشحين، بعد أن أقصى مجلس صيانة الدستور غالبيتهم.

أهم المطالب

ويضيف حميد -في حديثه للجزيرة نت- بأن همّه الأساسي هو المشاكل الاقتصادية، وأنه صوّت للفصائل الأصولية والإصلاحية، السنوات الأخيرة، لكنه لم يشعر بأي تغيير ملموس وأن التضخم وسعر الدولار في ارتفاع مستمر زمن جميع الحكومات.

الداعون لمقاطعة الانتخابات يعتبرون عدم المشاركة علامة على ديناميكية المجتمع (الجزيرة)

وانتقدت نازانين (طالبة تصميم بالجامعة الحرة) تنحية مجلس صيانة الدستور عددا من مرشحي الرئاسة، وتقول إنه بات واضحا من هو الرئيس القادم، ولا ترى ضرورة للمشاركة بالانتخابات، لأن جميع المرشحين يقدمون وعودا الآن ويغيبون وقت التنفيذ.

وأشارت المواطنة إلى أن إصلاح الهيكل السياسي والاقتصاد المحلي -بدلا من التركيز على الخارج لإنعاش الاقتصاد- قد يكون مخرجا من الوضع الحالي واستعادة ثقة الجمهور، كما تقول للجزيرة نت.

وقد دفع عدم وجود مرشحين معتمدين للتيار الإصلاحي، بالانتخابات الرئاسية هذا العام، العديد من المحللين والمسؤولين إلى التحذير من عواقب تراجع إقبال الناس على الانتخابات.

كما صرح الرئيس روحاني بأن شرعية النظام مرهونة بالمشاركة الشعبية، وإذا وقعت الانتخابات من أعين الناس (تجاهلوها) في يوم من الأيام، فهذا يعني نهاية كل الثورات (الثورات الشعبية عبر تاريخ إيران).

وقد أصبحت قضية المشاركة بالانتخابات أو عدمها موضوعا ساخنا للغاية في تطبيق كلوب هوس (Club House) هذه الأيام في إيران. وفي حين يشير مؤيدو الانتخابات لمزايا المشاركة، يعتبر آخرون عدم المشاركة علامة على ديناميكية المجتمع الذي ترون أنه لا يتجاهل القضايا من حوله ويبحث عن الحلول.

المصدر : الجزيرة