فشلت في تحقيقه وبايدن أول رئيس بلا خطة.. تعرف على المبادرات الأميركية للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين

PLO Chairman Arafat shakes hands with Israeli PM Rabin after the signing of the Israeli-PLO peace accord, in Washington
اتفاق أوسلو عام 1993 شكل علامة فارقة في السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين (رويترز - أرشيف)

عشية سفر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لجولته الشرق أوسطية؛ أصدر الرئيس جو بايدن بيانا حول الزيارة وأهدافها، ولم يشر البيان إلى نية الإدارة تقديم أي مبادرة أو تصور لسلام الشرق الأوسط.

واعتبر بايدن أن مهمة بلينكن تتمثل في "متابعة دبلوماسيتنا الهادئة والمكثفة من أجل تحقيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس"، كما تضمن تأكيدا على التزام إدارة بايدن "الصارم بأمن إسرائيل".

واعتبر سفير أميركي متقاعد أن موقف إدارة بايدن لا يختلف كثيرا "عن تصور جاريد كوشنر لسلام الشرق الأوسط من خلال اختصار القضية في نزاع عقاري وظروف إنسانية يمكن تحسينها للفلسطينيين".

وأشار السفير -الذي لم يرغب بذكر اسمه- في تعليق للجزيرة نت إلى "أنها المرة الأولى التي لا تملك فيها إدارة جديدة تصورا أو مبادرة لسلام الشرق الأوسط".

واعتبرت راندا سليم -الخبيرة بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن في مشاركة لها مع موقع المعهد الإلكتروني- أن على المتابعين "عدم القفز على هدف رحلة السيد بلينكن الحالية للشرق الأوسط، حيث إنها تتعلق بتهيئة الظروف على الأرض للحفاظ على وقف إطلاق النار من خلال المساعدة الإنمائية والتواصل السياسي المحدود مع جميع الأطراف المتعارضة بما في ذلك السلطة الفلسطينية ولا يتعلق بالانخراط في دفعة أخرى بقيادة الولايات المتحدة لإحياء عملية السلام البائدة بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية".

عُرف رئاسي أميركي

ويعتبر "الدعم الواسع لإسرائيل" بمثابة التزام حافظت عليه الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ انتهاء عهد الرئيس الأسبق جيرالد فورد عام 1974 بناء على سياسة مفادها أن إسرائيل لا بد أن تتخلى عن "بعض الأراضي" التي احتلتها في حرب عام 1967 من أجل تحقيق السلام. ويبدو أن آخر ما كان يأمله الرئيس جو بايدن هو أن يضطر للتدخل في إدارة ملف الصراع العربي الإسرائيلي خاصة بعدما قضى نصف قرن في العمل السياسي، وأدرك صعوبة حل الصراع.

وتاريخيا اتفق الرؤساء الأميركيون أن السلام لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المفاوضات المباشرة والثنائية بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي لا يمكن أن يكتب لها النجاح دون تدخل أميركي واضح ومباشر.

من هنا حمل كل رئيس أميركي منذ جيمي كارتر وصولا لدونالد ترامب تصورا لعملية السلام، أو قام بطرح مبادرة لجمع الاطراف المتصارعة تحت رعاية أميركية، كما يظهر على النحو التالي:

• الرئيس كارتر: إطار السلام في الشرق الأوسط

دعا الرئيس جيمي كارتر الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن لإجراء محادثات في منتجع كامب ديفيد، وبعد مفاوضات استمرت 12 يوما، وقد تم الاتفاق على "إطار السلام في الشرق الأوسط" يهدف إلى إقامة "سلطة حكم ذاتي" في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما يؤدي إلى محادثات "الوضع النهائي"، لكن لم يكن الفلسطينيين طرفا في هذه الاتفاق، ونجح كارتر في دفع مصر وإسرائيل لتوقيع اتفاقية للسلام عام 1979.

• الرئيس ريغان: مبادرة ريغان

وتجسد استحياء ريغان وتذبذب مواقفه في مبادرته الخاصة التي عُرضت في سبتمبر/أيلول 1982 التي كشفت عن محاولة متأخرة لإحلال السلام في المنطقة في أعقاب غزو إسرائيل للبنان. وطرح ريغان تصور إنشاء سلطة فلسطينية تتمتع بالحكم الذاتي من خلال انتخابات حرة بالاشتراك مع الأردن في الضفة الغربية.
كما دعت المبادرة إلى تجميد الاستيطان فورا من جانب إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، لكن ريغان تراجع سريعا أمام المعارضة الإسرائيلية لمبادرته.

• جورج بوش الأب: مؤتمر مدريد

شاركت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في رعاية مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 بهدف تشجيع الدول العربية الأخرى على توقيع اتفاقياتها الخاصة مع إسرائيل على غرار مصر.
ودُعي الأردن ولبنان وسوريا وكذلك إسرائيل ومصر، وكان الفلسطينيون ممثلين أيضا، ولكن كجزء من وفد مشترك مع الأردن وتم استبعاد الشخصيات البارزة في منظمة التحرير الفلسطينية، والتي اعترض عليها الإسرائيليون.

PRESIDENT CLINTON MEETS WITH PALESTINIAN LEADER ARAFAT AND ISRAELI LEADER BARAK AT CAMP DAVID.
فشل مفاوضات كامب ديفيد 2 عام 2000 أدت لانهيار الأوضاع واندلاع انتفاضة الأقصى (رويترز – أرشيف)

• بيل كلينتون: اتفاق أوسلو وكامب ديفيد 2

مهد مؤتمر مدريد إلى إبرام معاهدة سلام بين إسرائيل والأردن في عام 1994، وجرت مفاوضات بين إسرائيل وسوريا ولبنان بعد المؤتمر، لكنها توقفت منذ ذلك الحين، وعلى الساحة الفلسطينية أفسح المؤتمر الطريق أمام المسار الفلسطيني الإسرائيلي والذي أدى إلى اتفاق أوسلو عام 1993.

وجرت المحادثات سرا تحت رعاية نرويجية، ووقع الاتفاق في حديقة البيت الأبيض في سبتمبر/أيلول 1993، وشهده الرئيس كلينتون، وتصافح زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين.

ونص اتفاق أوسلو على انسحاب القوات الإسرائيلية على مراحل من الضفة الغربية وغزة، وإقامة "سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية المؤقتة" لفترة انتقالية مدتها 5 سنوات، مما يؤدي إلى تسوية دائمة تستند إلى القرارين 242 و338.

ثم جرت محاولات مختلفة (بما في ذلك في طابا عام 1995، وواي ريفر بولاية ميريلاند عام 1998، وشرم الشيخ عام 1999) لتسريع أحكام الانسحاب والحكم الذاتي المتفق عليها في أوسلو.

وفي عام 2000، سعى الرئيس بيل كلينتون إلى معالجة قضايا الوضع النهائي -بما في ذلك الحدود والقدس واللاجئين- التي تركتها أوسلو جانبا للتفاوض فيما بعد، وقد فشل؛ حيث اعتبر المراقبون أن الحد الأقصى الذي قدمته إسرائيل كان أقل من الحد الأدنى الذي يمكن للفلسطينيين قبوله.

• جورج بوش الابن: "خارطة الطريق 2003" (Roadmap 2003)

أصبح الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن أول رئيس يدعو إلى وجود دولة فلسطينية إلى جوار دولة إسرائيل.
وبدأت جهود بوش بخطة أعدتها "اللجنة الرباعية" وهي الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وجاء ذلك في أعقاب الجهود التي بذلها السيناتور الأميركي جورج ميتشل مبعوث بوش لعملية السلام لإعادة العملية إلى مسارها منذ 2001، لكن بوش فشل في مسعاه، كما تجاوزت الأحداث ما هدفت إليه خارطة الطريق بالتوصل لاتفاق نهائي قبل انتهاء 2005.

• جورج بوش الابن: "أنابوليس 2007" (Annapolis 2007)

وفى وقت متأخر من فترة ولايته الرئاسية الثانية؛ استضاف الرئيس بوش مؤتمرا في مدينة أنابوليس بولاية ميريلاند يهدف لإعادة إطلاق عملية السلام، وشارك رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في محادثات مع مسؤولين من اللجنة الرباعية لصنع السلام وأكثر من اثنتي عشرة دولة عربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وسوريا، واعتبر ذلك مهما لأن الدولتين لا تعترفان رسميا بإسرائيل.

بيد أن حركة حماس الفلسطينية -التي فازت في الانتخابات البرلمانية وسيطرت على قطاع غزة- لم تكن ممثلة، وأعلنت أنها لن تكون ملزمة بأي شيء يقرره المؤتمر، ولاحقا دفن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في ديسمبر/كانون الأول 2008 أي أمال في التوصل لاتفاق.

• باراك أوباما: مفاوضات "واشنطن 2010" (Washington 2010)

بعد توليه منصبه، سارع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى محاولة استئناف عملية السلام، حيث استؤنفت الاتصالات بين إسرائيل والفلسطينيين في مايو/أيار 2009، وبعد أشهر من الدبلوماسية الصعبة، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن نتنياهو وعباس اتفقا على "إعادة إطلاق مفاوضات مباشرة لحل جميع قضايا الوضع النهائي" وأنهما يعتقدان أن المحادثات يمكن أن "تكتمل في غضون عام واحد".

وبدأت المحادثات -التي حضرها أيضا الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله- في واشنطن في الثاني من سبتمبر/أيلول 2010، وكانت التوقعات منخفضة وتم التوصل إلى طريق مسدود في غضون أسابيع.

واجتمع الزعيمان الإسرائيلي والفلسطيني مرة أخرى فقط في شرم الشيخ، قبل أن ينتهي تجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية في 26 سبتمبر/أيلول 2010 وتعلق المحادثات.

• دونالد ترامب: صفقة القرن 2019

خلال حملته الانتخابية عام 2016، تعهد دونالد ترامب بطرح صفقة لسلام الشرق الأوسط تنهي هذا الصراع للأبد، وأطلق عليها صفقة القرن، وبعد فوزه في الانتخابات اتخذ ترامب قرارات تعكس رؤيته لأسس صفقة القرن، وبدأ في ديسمبر/كانون الأول 2017 بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وتم نقل السفارة الأميركية من تل أبيب للقدس في مايو/أيار 2018، وبعد رفض الفلسطينيين لخطوات ترامب، قامت إدارته بوقف تجديد عمل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في واشنطن، ثم أوقفت دعمها المالي لعدد من وكالات الأمم المتحدة المتخصصة مثل الأونروا المعنية بشؤون اللاجئين الفلسطينيين.
وطرح ترامب رسميا تصوره لحل الصراع العربي الإسرائيل من خلال ما وصفه مراقبون بأنه "تبسيط للصراع وكأنه صراع عقاري، وأن الفلسطينيين يهتمون فقط بطرق تحسين مستوى معيشتهم".
واهتمت إدارة ترامب بتشجيع الدول العربية على التطبيع مع إسرائيل كوسيلة ضرورية لتسهيل حل الصر اع التاريخي، كما عبر صهره جاريد كوشنر عن ذلك، ونجح ترامب في هندسة "اتفاقيات أبراهام"، التي طبعت علاقات إسرائيل بـ 4 دول عربية، هي الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب.
من ناحية أخرى، عبر ترامب عن دعمه لأي ضم إسرائيلي مستقبلي لأراضي في الضفة الغربية، لكن رؤيته انتهت عمليا بخسارته انتخابات 2020.

المصدر : الجزيرة