بعد فشله بالحرب على غزة.. نتنياهو يعود لمعركة مستقبله السياسي

حاول نتنياهو الهروب من فشله في تشكيل الحكومة بافتعال معركة غزة إلا أن فشله في المعركة راكم أزماته في الساحة السياسية الإسرائيلية وبات عليه مواجهة مصير مستقبله السياسي وربما دخول السجن بتهم الفساد

نتنياهو يهرب من أزماته المتراكمة بالتصعيد مع غزة
فشل نتنياهو في معركة غزة عزز فرص خسارته مستقبله السياسي (رويترز)

يخوض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معركة داخلية بشأن تشكيل الحكومة المقبلة التي من شأنها أن تحدد مصيره ومستقبله السياسي، وتأتي هذه المعركة بعد انتكاسة نتنياهو على جبهة غزة، وفشله في حسم المعركة مع الفصائل الفلسطينية بالقطاع، وهي المستجدات والمتحولات التي من شأنها أن تؤثر على المشهد السياسي.

فقد بدا مشهد التحالفات الحزبية والائتلافات لتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة أكثر تعقيدا وضبابية بعد انتهاء 11 يوما من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة دون أي إنجازات، في ظل إجماع المحللين الإسرائيليين على أن نتنياهو شن حملة عسكرية على غزة لأهداف وأجندة سياسية شخصية، لإفشال محاولات "كتلة التغيير" تشكيل حكومة بديلة.

وكانت "كتلة التغيير" -التي يقودها رئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لبيد- ستعلن عن تشكيل حكومة بديلة في الأسبوع الذي اختار فيه نتنياهو الرد على صواريخ المقاومة التي أطلقت على القدس بحملة عسكرية سماها "حماية الأسوار"، وتضم الكتلة أيضا حزب "يمينا"، وحزب "أزرق ابيض"، وحزب العمل"، وحزب "يسرائيل بيتنو"، وحزب "ميرتس".

بنك الأهداف

يتمحور بنك الأهداف السياسية التي حددها نتنياهو حول منع إمكانية تشكيل حكومة بديلة بالتناوب بين رئيس حزب "هناك مستقبل" ورئيس حزب "يمينا" نفتالي بينيت، وترحيل تشكيل حكومة برئاسته إلى انتخابات خامسة للكنيست بغية ضمان البقاء على كرسي رئاسة الوزراء لأكبر فترة، وتجنب محاكمته بالفساد خشية الزج به وراء القضبان.

وما أن وضعت الحرب أوزارها على جبهة غزة حتى اشتعلت الجبهة السياسية الداخلية مع تجدد مساعي رئيس "هناك مستقبل" لتشكيل الحكومة قبل انقضاء مهلة التكليف، حيث تبقت أمام لبيد 11 يوما، وهو بحاجة لدعم من قبل نواب عرب عن القائمة الموحدة أو القائمة المشتركة.

وتبدو مهمة لبيد شبه مستحيلة وفقا للتقديرات الأولية للمحللين السياسيين، لكنهم يعتقدون أن كل السيناريوهات مفتوحة قبيل التوجه لانتخابات خامسة، إذ ينبغي على لبيد إعادة بينيت لكتلة التغيير، وإقناع رئيس حزب "أمل جديد" جدعون ساعر بتشكيل حكومة بمشاركة اليسار الصهيوني، واحتضان القائمة الموحدة ورئيسها منصور عباس، وتقريب القائمة المشتركة.

حكومة بديلة

يقول المتحدث باسم كتلة "السلام الآن" آدم كيلر إن نتنياهو نجح بتحقيق هدف واحد من الحملة العسكرية على غزة، وهو شطب فكرة حكومة بديلة لكتلة التغيير عن الأجندة، وخلط الأوراق مجددا على الساحتين الحزبية والسياسية، بغية أن يحاول مجددا لتشكيل حكومة في حال تعذر على لبيد ذلك، أو تعزيز فرصه عبر التوجه إلى انتخابات خامسة.

ويوضح كيلر في حديثه للجزيرة نت أن نتنياهو عمد من خلال افتعال الأحداث بالقدس وحي الشيخ جراح والبلدات العربية داخل إسرائيل إلى شيطنة المواطنين العرب ونزع الشرعية عن أي حكومة تضم تحالفات وتشكيلات معقدة بين المعسكرات السياسية والحزبية اليهودية، وأيضا دعم الأحزاب العربية، وعليه لن يتردد في جر إسرائيل لانتخابات خامسة في فترة عامين بغية تحسين فرصه للبقاء على كرسي رئاسة الوزراء.

المأزق السياسي

وفي مؤشر يعكس تداعيات نتائج الحملة العسكرية على غزة على المشهد السياسي الإسرائيلي وفرص نتنياهو تشكيل الحكومة، خرج رئيس حزب "يمينا" نفتالي بينيت عن صمته بشأن المأزق السياسي وأزمة تشكيل الحكومة، حيث يراهن عليه نتنياهو لإحباط تشكيل حكومة بديلة وأيضا دعم حكومة يمين ضيقة برئاسته.

وكتب بينيت تغريدة على حسابه الشخصي في فيسبوك جاء فيها "خلال الحرب على غزة التزمت الصمت، حيث لم يكن من الصواب توجيه انتقادات للحكومة ورئيسها حول سير جولة القتال وأهدافها، كما ليس من الصواب الحديث عن الأمور السياسية".

وأضاف "لا أتذكر مثل هذه الفترة من الضعف والوهن، وغياب العمل والحرج الوطني والقومي للدولة، وعلى ما يبدو ليس هناك ما يدعو للدهشة، على مدار عام جائحة كورونا رفعنا صوتنا عاليا ضد الحكومة التي لم تقم بواجبها ومهامها التي أخفقت في إدارة الأزمة بجهاز التربية والتعليم، ثبت أن نتنياهو يعمد إلى تعيين أشخاص بمستوى متوسط، والنتائج تأتي كذلك".

صناعة القرار

وجدد بينيت دعوته لتشكيل حكومة وطنية يهودية والتعالي على الخلافات، مشيرا إلى أن العدو ليس نتنياهو وليس اليسار الصهيوني وإنما حركة حماس والتنظيمات المسلحة، مشير إلى الانقسامات الداخلية في إسرائيل تدفع من وصفهم بـ"الأعداء" والتنظيمات المسلحة لرفع رؤوسهم.

وأنهى رئيس "يمينا" تغريدته، قائلا "جر البلاد إلى انتخابات خامسة سيعمق الأزمة السياسية، وسيبث المزيد من السموم والكراهية، وسيكرس الانقسام الداخلي، وحان الوقت بعد عامين من الانتخابات دون أي هدف لكي يسعى كل واحد منا لتقديم التنازلات والتوافق".

حالة طوارئ

وفي ظل هذه المستجدات تتجه أنظار النظام السياسي في إسرائيل إلى 21 يوما بعد انتهاء مهلة لبيد لتشكيل الحكومة عندما يتمكن أي عضو كنيست لديه 61 توقيعا من تشكيل حكومة، لكن هناك مخاوف لدى المقربين من لبيد من أن نتنياهو سيحاول إعادة التفويض إليه من أجل السيطرة على اللجنة المنظمة في الكنيست، وفقا للمحل السياسي عكيفا إلدار.

ويوضح إلدار للجزيرة نت أن نتنياهو على استعداد ليحرق الأخضر واليابس من أجل البقاء على الكرسي، وراهن على الحرب على غزة من أجل منع تشكيل حكومة بديلة وتكليفه مجددا، أو الذهاب إلى انتخابات خامسة وهو رئيس لحكومة انتقالية.

ويشير إلى أن نتائج الحملة العسكرية على غزة أتت على عكس أهداف ومصلحة نتنياهو الشخصية الذي ما زال يحاول خلق حالة طوارئ تمكنه من البقاء على كرسي رئاسة الوزراء، مبينا أن بينيت -الذي يوجه انتقادات لنتنياهو- يسعى من خلال ذلك لتحسين شروطه ومطالبه ومكانة حزبه في أي اندماج مع الليكود أو تحالف مع حكومة برئاسة نتنياهو قد ينضم إليها مستقبلا.

ويخلص المحلل السياسي للقول إن "التقييمات والتقديرات لدى كتلة التغيير هي أن بينيت لا ينوي تشكيل حكومة مع المركز واليسار ودعم عربي، وعليه يسعى لابتزاز نتنياهو بالمفاوضات وإجباره على تقديم تنازلات لسيناريو تشكيل حكومة يمين ضيقة تؤسس لترتيب الأوراق لنتنياهو قبيل التوجه لانتخابات خامسة".

المصدر : الجزيرة