رغم مأساتهم.. نازحو سوريا يتضامنون مع فلسطين بمسيرات الدعم والتأييد
من جدران بنايات في إدلب المدمرة بفعل القصف اختار الرسام السوري عزيز الأسمر أن يبعث برسائل تضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يقاسي القصف واعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي، في حين عبّر أهالي إدلب عن دعمهم وتضامنهم مع فلسطين وأهلها بتظاهرات ووقفات احتجاجية رغم معاناتهم وآلامهم الخاصة.
وخلال الأيام الماضية انهمك الأسمر في عدد من الرسوم الجدارية التي ترصد آخر التطورات في القدس وغزة، مطلقا العنان لريشته وألوانه، كي تنقل للعالم رسالة تضامن الشعب السوري مع محنة الفلسطينيين ووقوفه معهم، على الرغم من المعاناة والألم الذي يكابده في مواجهة آلة الحرب التابعة للنظام السوري.
ويظهر في الرسوم مسجد قبة الصخرة وكيف يقوم المستوطنون الإسرائيليون بالاعتداء على المصلين الفلسطينيين واقتحام ساحات المسجد بالسلاح، وعلى جدار آخر رسم قلبا أحمر ينقسم إلى قسمين الأول كتب عليه اسم مدينة إدلب السورية، والثاني غزة الفلسطينية.
ويقول الأسمر إن الألم السوري والفلسطيني واحد، فكلا الشعبين عانى التهجير القسري والقتل واستيطان المليشيات على أرضه، ويخوضان حربا لنيل الحرية والكرامة، مضيفا -في حديث للجزيرة نت- أن الشعب السوري يدرك أكثر من أي وقت مضى مدى معاناة الشعب الفلسطيني، وحجم التضحيات التي يقدمها في سبيل الحرية والخلاص من الظلم والاحتلال.
تضامن رغم المأساة
ورغم مرارة النزوح والتهجير التي يعيشها مئات الآلاف من النازحين السوريين منذ عقد من الزمن، فإنها لم تمنعهم من التضامن مع الشعب الفلسطيني وأهالي حي الشيخ جراح عبر الخروج بمظاهرات ووقفات مناصرة ودعم في ساحات مخيماتهم المتناثرة في الشمال السوري.
ومن أمام خيامهم المهترئة البالية نظم آلاف من النازحين السوريين وقفات دعم وتأييد للشعب الفلسطيني منذ بداية التطورات في حي الشيخ جراح، واستمرار الاعتداءات من جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، رافعين الأعلام الفلسطينية وشعارات التضامن، ورسوما يظهر فيها المسجد الأقصى.
وفي ساحة مخيم التح الذي يعاني سكانه غياب المساعدات الإغاثية وفقر الحال، رفع النازحون من الرجال والأطفال والنساء العلم الفلسطيني إلى جانب علم الثورة السورية، في حين اعتلت أيديهم لافتات كتب عليها عبارات التضامن مع مدينة القدس.
ويقول عبد السلام اليوسف مدير مخيم التح في ريف إدلب إن النازحين في المخيم كانوا من السباقين بالخروج في وقفات الدعم والتضامن مع الشعب الفلسطيني وأهالي حي الشيخ جراح.
ويؤكد اليوسف -في حديث للجزيرة نت- أن المعاناة لدى السوريين والفلسطينين واحدة والعدو واحد، معبّرا عن إدانة ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي العنصرية وتضامن أهل المخيم وجميع مخيمات الشمال السوري المحرر مع الشعب الفلسطيني.
وليس بعيدا عن مخيم التح، يتقاسم الفلسطينيون النازحون من مخيم اليرموك مع إخوانهم السوريين المهجرين من ريف دمشق الآلام والآمال في مخيم دير بلوط، وتفاعلوا مع إخوانهم في فلسطين رافضين الممارسات التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي بحقهم.
فلسطينيو سوريا
وجنبا إلى جنب، نظم سكان المخيم الفقير عشرات من مظاهرات الدعم والتأييد للشعب الفلسطيني في القدس وحي الشيخ جراح وغزة، منددين بتخاذل الحكام العرب.
وقال الناشط الإعلامي رامي السيد من داخل مخيم دير بلوط "إن فلسطينيي سوريا النازحين والسوريين عانوا التهجير مرات عدة على يد نظام الأسد لكنهم لم ينسوا فلسطين وكانت بوصلتهم، لذلك كان لهم مشاركات متنوعة في المظاهرات داخل المخيم".
ويرى السيد أن "ما يعيشه الفلسطينيون هو تكرار لجرائم بحق الإنسانية، وهي تشبه جرائم نظام الأسد بحق الشعب السوري، فإسرائيل ونظام الأسد عدو مشترك".
تفاعل وتضامن
وفي مناطق سيطرة النظام السوري التي تشهد أزمة اقتصادية خانقة، في وقت يستعد فيه النظام لانتخابات الرئاسة، فإن مواقع التواصل الاجتماعي شهدت تفاعلا كبيرا من سوريين هناك بالتضامن وإطلاق وسوم التأييد لأهالي حي الشيخ جراح بجميع اللغات.
وقال زيد الحلبي (اسم مستعار) -وهو طالب جامعي يسكن مدينة حلب- إن معظم المظاهرات التي تخرج في مناطق النظام تكون بموافقة السلطات والتنسيق معها، معبرا عن دهشته من عدم استغلال النظام السوري أحداث فلسطين للترويج للأسد.
ويضيف الحلبي -في حديث مع الجزيرة نت- أن معظم السوريين الذين يعرفهم في مناطق سيطرة النظام أشادوا بشجاعة الشعب الفلسطيني وعبّروا عن تضامنهم معه عبر صفحاتهم الشخصية.