في ذكرى وفاته.. النقيب إبراهيم العزاوي أبرز قادة الوحدات العراقية في حرب 1948

العزاوي كان يقود أحد الأفواج العراقية المرابطة قرب كنيسة القيامة في مدينة القدس

3- شارك إبراهيم -الثاني من يمين الجالسين- برتبة نقيب في حرب فلسطين عام 1948- الجزيرة نت
العزاوي (الثاني جلوسا من اليمين) كان مساعدا لآمر فوج مشاة بحرب 1948 (الجزيرة)

توافق هذه الأيام ذكرى وفاة المقدم إبراهيم الشيخ علي آل غصيبه العزاوي أحد كبار ضباط الجيش العراقي منتصف القرن العشرين، وصاحب المواقف المهمة التي تركت بصمة واضحة في تاريخ العراق الحديث، من أبرزها مشاركته في حرب فلسطين عام 1948.

ولد في ناحية المنصورية بمحافظة ديالى عام 1910، وكان ترتيبه الثالث بين أبناء الشيخ علي لطيف الخلف شيخ عموم قبيلة عزة، الذي وقف مع العثمانيين في مقاومة الاحتلال البريطاني، ثم أصبح نائبا في البرلمان الملكي لعدة دورات، بحسب نجله الدكتور عبد الرحمن.

ويضيف الشيخ علي للجزيرة نت أن إبراهيم انتسب إلى الكلية العسكرية الملكية بدورتها الخامسة عام 1928، بعدما انتسب أخواه الأكبر منه عبد العزيز وعبد الوهاب.

1- إبراهيم الشيخ علي آل غصيبه العزاوي هو أحد كبار ضباط الجيش العراقي في منتصف القرن العشرين - الجزيرة نت
العزاوي أحد كبار ضباط الجيش العراقي منتصف القرن العشرين (الجزيرة)

ويشير إلى أن انتساب الإخوة الثلاثة إلى المؤسسة العسكرية جاء بدعم من والدهم للمساهمة في تأسيس الدولة العراقية وتمكينها، وتأصيل الجيش وتثبيت أركانه، استجابة لطلب الحكومة تأسيس قطعات الجيش برعاية ملك البلاد فيصل الأول، والذي كانت تربطه علاقة وطيدة بالشيخ علي، حيث كان أبناء عمه من مستشاري الملك.

7- الجميلي أكد أن الجيش العراقي كان له دور فاعل ومؤثر في حرب فلسطين - الجزيرة نت
الجميلي أكد أن الجيش العراقي كان له دور فاعل ومؤثر في حرب فلسطين (الجزيرة)

حرب فلسطين

وبعد تخرجه من الكلية العسكرية انضم لصفوف الجيش، وشارك في معظم الأحداث التي شهدها العراق، ومن أبرزها حركة مايو/أيار 1941 بقيادة رشيد عالي الجيلاني ضد الإنجليز، بصفة مساعد آمر فوج مشاة. وقد قتل أخوه المقدم عبد العزيز آمر الفوج التاسع بمعركة "سن الذبان" وجرح أخاه عبد الوهاب آمر كتيبة المدرعات في معركة فك الحصار عن القوات المرابطة بمحيط قاعدة الحبانية في محافظة الأنبار (غرب).

كما شارك في حرب فلسطين عام 1948 مساعدا لآمر فوج مشاة، تحت إمرة القائد العراقي آمر اللواء عمر علي، كما يقول أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بالجامعة المستنصرية الدكتور سعد نصيف جاسم الجميلي.

ويبيّن الجميلي للجزيرة نت أن فوج العزاوي كان يرابط قرب كنيسة القيامة بمدينة القدس، وأبلى الجيش العراقي آنذاك بلاء حسنا، وألحق خسائر كبيرة بقوات الاحتلال الإسرائيلي، لافتا إلى أن شقيقه العقيد عبد الوهاب كان يقود المتطوعين العرب حيث كان آمرا لحامية مدينة يافا. ويضيف أن الجيش العراقي كان له دور فاعل ومؤثر، حيث أسهم في منع التهجير من عشرات القرى الفلسطينية خلال الحرب آنذاك.

من جانبه يؤكد الباحث المتخصص في تاريخ العرب المعاصر الدكتور عمار فاضل حمزة أن العزاوي كان أحد الضباط البارزين الذين شاركوا بحرب عام 1948، مشيرا إلى بعض الضباط الإسرائيليين أكدوا في مذكراتهم ذلك الوقت فعالية القوة العراقية التي رابطت أمام كنيسة القيامة، والتي كانت بقيادة العزاوي، وأذاقتهم الأمرّين بسب قتالها العنيف.

ويضيف حمزة أن العزاوي كان يتعامل مع جنوده وضباطه من منطلق عشائري، وكانت قيادته قائمة على الاحترام والمهنية والتواضع، إذ اشتهر بمحبة الجنود والمقاتلين الذين يعملون تحت إمرته. ويلفت حمزة إلى أن انتماء العزاوي العشائري انعكس على إدارته للحرب بفلسطين بصيغة حماس وإيمان بالقضية العربية.

8- حمزة: المقدم إبراهيم حصل على عدد من الأوسمة والأنواط - الجزيرة نت
حمزة: الإسرائيليون اعترفوا بفعالية القوة العراقية التي رابطت أمام كنيسة القيامة بالقدس (الجزيرة)

إنجازات كبيرة

وعن إنجازات العراقيين في الحرب العربية الإسرائيلية، يقول العقيد الركن الأسبق سليم شاكر الأمامي إنهم حققوا انجازات كبيرة أحدثت تحولات فارقة في موازين الحرب آنذاك.

ويستشهد الأمامي باعتراف الضابط الإسرائيلي يعقوب عميدور الذي قال "إن العراقيين أوقفوا تقدمنا في حرب 1948، وإسرائيل أصبحت تسيطر على أرض مساحتها لا تتجاوز 12 كيلومترا، ومنعونا من التوسع في الضفة الغربية".

ويضيف أن العراقيين كان لهم تقدم بارز وانتصارات في عدة معارك ضد إسرائيل، مثل معارك طولكرم، وقلقيلية، وناتانيا، وكذلك معركة جنين، وكفر قاسم، وغيرها.

وبالعودة إلى الجميلي فإنه يتفق مع الأمامي في فاعلية دور العراقيين بالحرب مع إسرائيل، إذ يؤكد أن مشاركة العراق كانت كبيرة بسبب ضغط الشارع من خلال المظاهرات التي خرجت في بغداد وتطالب بإرسال قوات عراقية للمشاركة في الحرب، ولذلك كانت هنالك دور مميز.

ويضيف أن العراقيين حافظوا على المناطق التي دافعوا عنها، حتى تغيرت موازين الحرب وإعلان الهدنة.

ويتابع الجميلي أن الجيش العراقي أسهم في منع التهجير من عشرات القرى الفلسطينية خلال الحرب، لافتا إلى أن جنوده قاتلوا قتالا شرسا، وتشهد مقابرهم في فلسطين على ذلك.

لكن القرار السياسي العراقي -يضيف الجميلي- كان يرتبط بشكل وثيق بالقرار البريطاني، أسوة بباقي دول المنطقة العربية التي تعاني من تأثير نفوذ بريطانيا، وهذا أدى لكبح جماح الجيش العراقي، وعدم مواصلة المشاركة الحقيقية والقوية، وإعلان الهدنة والموافقة من قبل الحكومات العربية بما فيها العراقية، مما سمح للقوات الإسرائيلية الحصول على إمدادات عسكرية وتغيير موازين المعركة لصالحها بتلك الحرب.

وعن سر تميز الجيش العراقي وحضوره في الحروب العربية الإسرائيلية، يرى الجميلي أنها تعود إلى الخبرة العسكرية والقتالية المتميزة التي يتمتع بها، بالإضافة إلى أهمية القضية الفلسطينية، وإيمانهم بها.

بعد الحرب

وبعد عودة المقدم العزاوي من حرب فلسطين، واصل خدمته بالجيش حتى تقاعده عام 1963، في مسيرة حافلة كللت بالعديد من من الأوسمة والأنواط: نوط حرب فلسطين عام 1948، ونوط ثورة مايو عام 1941، ونوط الخدمة العامة 1956، بالإضافة إلى نوط ثورة 14 تموز عام 1958.

وبقي العزاوي مستشارا للقادة العسكريين من أبناء المحافظة حتى وفاته في 15 مايو /أيار 1992.

المصدر : الجزيرة