لماذا ينتفض فلسطينيو 48؟ الشيخ كمال الخطيب يجيب الجزيرة نت قبل ساعات من اعتقاله

رغم زخم الأحداث في فلسطين بانتفاضة كافة مناطقها رفضا للعدوان الإسرائيلي على القدس والأقصى، فإن عمق واتساع انتفاضة فلسطينيي 48 كان الأكثر لفتا للنظر. الجزيرة نت التقت الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني للحديث عن انتفاضة القرى والمدن الفلسطينية داخل الخط الأخضر

الشيخ كمال خطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا.
الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية "المحظورة إسرائيليا" (الجزيرة)

تتسارع الأحداث والاحتجاجات النضالية في بلدات الداخل الفلسطيني التي تحوّلت لساحة حرب مع الشرطة الإسرائيلية التي تمادت في قمع المواطنين العرب الذين خرجوا للاحتجاج على العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، بينما يواجهون اعتداءات مليشيات المستوطنين التي تنشط بالمدن الساحلية داعية لقتل العرب.

"ما يحصل ببلدات الداخل الفلسطيني من اعتداءات لقطاعات المستوطنين وقمع غير مسبوق للشرطة وأذرع الأمن لفلسطينيي 48، سببه وأساسه السياسة الإسرائيلية وعدوانها تجاه القدس والأقصى"، هذا ما قاله الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية "المحظورة إسرائيليا" للجزيرة نت، قبل ساعات من اعتقاله من منزله في بلدة كفر كنا، مساء الجمعة.

ويقول الخطيب باتصال هاتفي مع الجزيرة نت، "إسرائيل ذهبت بعيدا باستهدافها وعدوانها على القدس والأقصى وعدم الاكتراث بمشاعر العرب والمسلمين، وهو ما قاد لحالة التلاحم بين مكونات الشعب الفلسطيني، والداخل الفلسطيني، حيث لا يمكن التحكم بالنضال الشعبي العفوي لهذا الجيل، الذي يملك عاطفة دينية ووطنية فاقت كل التوقعات".

ويعتقد الخطيب أن حظر الحركة الإسلامية عام 2015 وملاحقة قيادتها وسجن رئيسها الشيخ رائد صلاح الذي يقضي عقوبة السجن لمدة 17 شهرا، بعد إدانته بالتحريض على الحراك الشعبي عند باب الأسباط الذي أفشل البوابات الإلكترونية على أبواب الأقصى، يأتي محاولة لردع الفلسطينيين بالداخل وترويعهم، وقطع تواصلهم مع القدس والأقصى، لكن ثقافة الرباط باتت هي السائدة.

القدس والأقصى خلقت حالة تلاحم بين ابناء الشعب الفلسطيني بكل أمكان تواجده
الشيخ كمال الخطيب والشيخ رائد صلاح وسط الجماهير الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 48 (الجزيرة)

تضامن وإسناد

في حراك شعبي عفوي تجاوز كافة القيادات والأحزاب، خرج أهالي الداخل الفلسطيني إلى الشوارع في احتجاجات ضد سياسات ونهج المؤسسة الإسرائيلية وفعاليات نضالية لمواجهة عصابات المستوطنين في معركة وجودية تخطت قضايا الحقوق والخدمات.

وتعيش بلدات الداخل الفلسطيني للأسبوع الثاني على التوالي موجة واسعة من الاحتجاجات والفعاليات النضالية التي تتوج بذكرى الـ73 للنكبة التي تصادف السبت 15 مايو/أيار الجاري، ويبقى جوهر هذه الاحتجاجات القدس والأقصى.

صلاة التراويح بالأقصى لشبان من الداخل الفلسطيني (الجزيرة)

ويوضح الخطيب أن الحركة الإسلامية أطلقت المشروع الريادي عام 1996 وصرخة الأقصى في خطر، وتبعت ذلك مشاريع ترميم وصيانة للأقصى القديم والمصلى المرواني بالتعاون مع الأوقاف، والمشروع الريادي مسيرة البيارق عام 2001، وباتت ثقافة لدى فلسطينيي 48 بالنفير للقدس والرباط بالأقصى على مدار العام، وذلك رغم حظر الحركة الإسلامية إسرائيليا.

ويؤكد نائب رئيس الحركة الإسلامية "المحظورة إسرائيليا" أن الحضور والترابط لفلسطينيي 48 مع القدس والأقصى والمقدسات يمثلان دعما معنويا وماديا للقدس ومقدساتها، وما حصل من اعتداءات على أهالي الشيخ جراح وهبة باب العامود، دفعت أهالي الداخل الفلسطيني للسير ببوصلة النضال والرباط نحو القدس وإسناد الأقصى والتضامن والدفاع عن أهالي حي الشيخ جراح.

صراع وتلاحم

ويعتقد الخطيب أن هذا التلاحم والحضور اليومي لعشرات الآلاف من الشبان والعائلات من فلسطينيي 48 بالقدس، رغم قمع قوات الاحتلال واعتداءات المستوطنين، شكّلا انتكاسة معنوية للمؤسسة الإسرائيلية عنوانها "أهل الداخل"، الذين احتجوا وانتفضوا وكانوا الجوهر الأساس بالاحتجاجات والفعاليات النضالية بالقدس والشيخ جراح، وهي المسيرات والوقفات الاحتجاجية التي امتدت في كافة البلدات الفلسطينية بالداخل.

ويقول الخطيب "لا شك أن إسرائيل التي دفعت بعصابات المستوطنين للاعتداء على العرب ومهاجمة البلدات الفلسطينية بالداخل، تعيش حالة غضب وتوتر حيال الدور النضالي لفلسطينيي 48 الذي تواصل وتصاعد بظل حالة الطوارئ، بسبب العدوان العسكري على قطاع غزة، ولعل الحدث الأبرز كان في اللد، حين استشهد موسى حسونة برصاص المستوطنين الذين نفذوا اعتداءات على العرب بحراسة الشرطة الإسرائيلية".

وعكس استشهاد حسونة حالة الغليان والتوتر لدى فلسطينيي 48 الذين خرجوا بشكل عفوي في معركة يقول الشيخ الخطيب "تتمحور حول صراع الوجود والروايات بفلسطين التاريخية، حيث خرج أهالي الداخل للشوارع بشكل عفوي دون نداء ودون دعوات ودون مشاركات قيادات الأحزاب والفعليات والأطر ولجنة المتابعة العليا واللجنة القطرية للرؤساء، وهي حالة لم نعهدها من قبل".

انتكاسة وانتصار

ويستعرض الخطيب انتكاسات المؤسسة الإسرائيلية على أعتاب القدس والأقصى، لافتا إلى أنه بعام 2017 أحبط النضال الشعبي والاعتصام قبالة أسوار القدس مخطط البوابات الإلكترونية، وأجبرت الحكومة الإسرائيلية على إزالة البوابات الإلكترونية من ساحة الأسباط، كما شكل عام 2019 انتصارا بافتتاح مصلى باب الرحمة الذي كان مغلقا من قبل سلطات الاحتلال على مدار 16 عاما، ومشهد الانتصار تكرر بعام 2021 في هبة باب العامود، وتحصين أهالي حي الشيخ جراح.

ويعتقد الخطيب الذي يشغل منصب رئيس لجنة الحريات في لجنة المتابعة العليا لشؤون الفلسطينيين بالداخل، أن انتكاسات المؤسسة الإسرائيلية بالقدس والأقصى والشيخ جراح تلزم إعادة ترتيب الأوراق والأدوات الفلسطينية للنضال، حيث ظن الاحتلال أنه نجح في التفريق بين أبناء الشعب الواحد، لكن أتاه الجواب من النشء الفلسطيني في الأحداث المتصاعدة منذ شهر رمضان، وهو ما يوحي بدور كبير قادم بالمرحلة المقبلة يؤسس لإعادة كتابة تاريخ المنطقة من جديد.

وتظهر المشاهد أن غالبية من يشاركون في الاحتجاجات من الشبان والنشء من فلسطينيي 48 في هذه المرحلة، أغلبهم لم يكونوا مولودين في هبة القدس والأقصى عام 2000، التي انطلقت بالداخل الفلسطيني الذي دفع ضريبة الدم باستشهاد 13 شابا برصاص الشرطة الإسرائيلية، أو كانوا أطفالا لم يشاركوا بها، وتجدهم اليوم القاعدة الشعبية للحركات بالشوارع، وغالبيتهم غير متحزبين وغير سياسيين.

وعن ذلك يقول الخطيب، "إذا كان عام 1948 شهد ضياع فلسطين وسمي جيل النكبة، وبعد خسارة الحرب بعام 1967 سمي جيل النكسة، فإن أحداث 2021 تؤكد أن هذا جيل الشجعان، وهو الجيل الذي لا يخاف من بطش الشرطة، جيل أعزل يواجه جيشا بترسانة عسكرية، لا أتوقع أن ينتصر على جيش إسرائيل، لكنه جيل ثابت على مواقفه يقاوم ولا يساوم، حيث يسطر هذا الجيل التاريخ ويغير المعادلة، لأن الإرادة الصلبة والشجاعة يمكن أن تنتصر بمرحلة ما على الجيوش".

المصدر : الجزيرة