وعد بـ"أخبار مفرحة" بشأن استعادة الأموال المنهوبة.. الرئيس الجزائري يعلن سحب مشروع التجريد من الجنسية المثير للجدل

تبون جدد تأكيد عدم التنازل عن الدفاع عن ملف الذاكرة أو المتاجرة فيه في إطار العلاقات الثنائية مع فرنسا

الرئيس تبون سمعت نداء المواطنين بخصوص الأداء الحكومي وقرررت التعديل الوزاري
الرئيس الجزائري أعلن أن بلاده استعادت أملاكا عقارية من فرنسا ضمن الأموال المهربة (الجزيرة)

أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون سحب المشروع التمهيدي المتعلق بتجريد مرتكبي أفعال تمسّ بأمن الدولة وبالوحدة الوطنية من الجنسية الجزائرية نظرا لـ"سوء الفهم" الذي حدث بشأنه، واعدا بما وصفها بـ"الأخبار المفرحة" بخصوص استعادة الأموال المهربة من البلاد.

وأفاد تبون، في مقابلة متلفزة مساء أمس الأحد، بأنه "تم سحب المشروع التمهيدي المتعلق بإجراء التجريد من الجنسية الجزائرية الأصلية أو المكتسبة المطبق على كل جزائري يرتكب عمدا أفعالا خارج التراب الوطني من شأنها أن تلحق ضررا جسيما بمصالح الدولة أو تمسّ بالوحدة الوطنية"، حسب وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

وأوضح الرئيس أن قرار سحب مشروع هذا النص يعود إلى حدوث سوء فهم قد تكون له إسقاطات كبيرة و"تأويلات أخرى"، وتابع أنّ هذا الإجراء كان "مرتبطا فقط بمسألة المساس بأمن الدولة، التي سندافع عنها بطريقة أخرى".

وكانت الحكومة الجزائرية أعلنت في مارس/آذار الماضي أنّها بصدد إعداد مشروع قانون يجيز نزع الجنسية من المواطنين الذين يرتكبون في الخارج "أفعالًا تُلحق ضررًا جسيمًا بمصالح الدولة أو تمسّ بالوحدة الوطنية"، أو يتعاملون مع "دولة معادية"، أو يشاركون في نشاط "إرهابي".

وقالت وكالة الأنباء الرسمية في وقت سابق إنّ المشروع التمهيدي للقانون "ينصّ على استحداث إجراء للتجريد من الجنسية الجزائرية، الأصلية أو المكتسبة، يطبّق على كلّ جزائري يرتكب عمدًا أفعالًا خارج التراب الوطني من شأنها أن تُلحق ضررًا جسيمًا بمصالح الدولة أو تمسّ بالوحدة الوطنية".

وأضافت أنّ "هذا الإجراء يطبّق أيضًا على الشخص الذي ينشط أو ينتظم في منظمة إرهابية، أو يقوم بتمويلها أو تمجيدها"، كما يطبّق "على كلّ من تعامل مع دولة معادية".

وكان مرجّحا أن يثير هذا النص مخاوف جدّيّة في صفوف الشتات الجزائري المنتشر حول العالم.

وتقيم في فرنسا أكبر جالية جزائرية في الخارج. وكان تبّون قال في يوليو/تمّوز الماضي إنّ أكثر من 6 ملايين جزائري يعيشون في فرنسا.

أخبار "مفرحة"

في سياق آخر، قال الرئيس الجزائري إن أغلب دول الاتحاد الأوروبي أبدت استعدادها لمساعدة بلاده في استرجاع الأموال المهربة في عهد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019)، واعدا بـ"أخبار مفرحة" في هذا الملف في الأيام المقبلة.

استأنف "الحراك" في الجزائر مسيراته الاحتجاجية في 22 فبراير/شباط بعد تعليقها نحو عام بسبب كورونا (الأناضول)

وردًّا على سؤال عن مصير الأموال المنهوبة، قال تبون إن أغلب الأموال المهربة، أثناء العهد السابق، كانت وجهتها أوروبا، من دون أن يحدد حجمها.

وأضاف أن عملية استرجاع هذه الأموال تتم وفق خطوات قانونية معقدة، وحاليا هناك ملفات فساد تنتظر الأحكام النهائية للقضاء لكي تبدأ عملية التفاوض بشأن استرجاع الأموال والعقارات في الخارج، وأفاد بأن أغلب دول الاتحاد الأوروبي أبدت استعدادها للمساعدة في تسهيل استعادة تلك الأموال.

وشدد على أن السلطات الجزائرية باشرت اتصالات لاسترجاع الأموال المهربة، وحتى العقارات، وأن السفراء يتولون هذه المهمة، وتابع أن السفير الجزائري في فرنسا تمكن من استرجاع 46 من الأملاك العقارية.

ووعد تبون بأنه رغم العقبات التي فرضتها جائحة "كورونا"، فإن الأيام المقبلة ستحمل "أخبارا مفرحة للشعب الجزائري" بشأن هذا الملف.

ولا يوجد رقم رسمي بمقدار الأموال المهربة في عهد بوتفليقة الذي استقال من الرئاسة في 2 أبريل/نيسان 2019، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضه لحكمه اندلعت في 22 فبراير/شباط من العام نفسه.

لكن عبد القادر بن قرينة، وهو مرشح في انتخابات الرئاسة السابقة، قال في تصريحات له، إن حجم تلك الأموال يفوق 100 مليار دولار.

ملف الذاكرة

وجدد الرئيس الجزائري تأكيد عدم التنازل عن الدفاع عن ملف الذاكرة الذي "لن تتم المتاجرة فيه" في إطار العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا.

وقال تبون -في المقابلة ذاتها- إن الذاكرة الوطنية "هي أمر لن يتم التنازل عنه ولن تتم المتاجرة به أبدا في إطار العلاقات التي تجمع بين الجزائر وفرنسا"، وشدد على أن مسألة فتح الأرشيف هي "جزء لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية".

كما أشار تبون إلى أن هناك أرشيفا "يخصّ الدولة العثمانية وجدته فرنسا في الجزائر وأخذته، ويتعين عليها إرجاعه إلى الجزائر"، فضلا عن أرشيف آخر يخص فرنسا "غير أنه يتعلق ببعض الأعراش والانتفاضات الشعبية ولذا فإن عليها إرجاعه إلينا أيضا"، حسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية.

وقرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق تسهيل الوصول إلى محتويات الأرشيف السرّي التي يزيد عمرها على 50 عاما، خصوصا تلك المتعلقة بالحرب الجزائرية، عملًا بما أوصى به المؤرخ بنيامين ستورا في تقرير عن "مصالحة الذاكرة" بين البلدين أنجزه بطلب من الإليزيه.

وجاء إعلان ماكرون هذا في إطار "الأفعال الرمزية" التي وعد بها الرئيس الفرنسي من أجل "مصالحة الذاكرة" بين الفرنسيين والجزائريين وعلاقات هادئة.

ورحبت السلطات الجزائرية بقرارات ماكرون الأخيرة إلا أنها تطالب منذ سنوات بفتح محفوظات الاستعمار الفرنسي وتسوية قضية المفقودين في حرب الاستقلال، الذين يزيد عددهم على 2200، حسب الجزائر، فضلا عن التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.

المصدر : الجزيرة + وكالات