من الثورة للمصالحة.. مجدي حسين في مرمى الانقسام المصري

الوقفة الاحتجاجية لمجدي أحمد حسين
مجدي حسين كان من أبرز الأصوات المعارضة في مصر على مدى سنوات (الجزيرة)

تعبَ من السجن المتوالي على يد الأنظمة المتعاقبة، ويخشى على حياته ويريد أن يرتاح في خريف العمر، هكذا قال البعض، في حين قال آخرون إنها مراجعة فكرية صادقة ودعوة حقيقية للتوافق الوطني وإنقاذ البلاد من الأخطار الخارجية والداخلية.

قفزت هذه التخمينات وغيرها إلى أذهان محبي الصحفي والمعارض المصري ـالذي أطلق سراحه مؤخراـ مجدي أحمد حسين، والذي فاجأ مريديه، في حديثه لقناة الجزيرة مباشر، بخلاف ما كانوا يتوقعونه، وبخلاف مسيرته الصدامية العنيدة، وتصريحاته النارية المعتادة.

بعد يوم من إطلاق سراحه طرح حسين -الذي شارف على السبعين عاما- رؤية توافقية تصالحية لا مع الفرقاء السياسيين فحسب، بل كذلك مع النظام الذي سجنه، والذي طالما ناهضه بعنف قبل دخوله السجن، غير معترف بشرعيته، لأنه جاء بانقلاب على السلطة الشرعية المنتخبة، وبعد أن انضم بحزبه (الاستقلال) إلى تحالف دعم الشرعية ومناهضة الانقلاب، هذا الانضمام الذي كان أحد مسوغات حبسه عام 2014.

7 سنين لم تكن جدبا من المنافع، قضاها شيخ الصحفيين، وهو لقبه الذي أسبغه عليه صحفيون وكتاب، في حبس انفرادي اختاره بنفسه ليقضيه في العبادة والقراءة، تلك السنوات يبدو أنها كانت كافية لكي يراجع الرجل أفكاره ومسيرته، بحسب تصريحاته.

لكن تصريحات حسين جعلته في مرمى نيران الانقسام المجتمعي والسياسي الذي تشهده مصر منذ الانقلاب العسكري صيف 2013.

دعوة للتوافق

طرح حسين جملة من المراجعات الصادمة لأنصاره، مطالبا جميع التيارات بمراجعة مواقفها والاعتراف بأخطائها، بل والاعتراف بالنظام القائم والمصالحة معه والصبر عليه لو رفض المصالحة، والالتفاف حول مشروع قومي بناء على قواسم مشتركة، مؤكدا أنه أخطأ بالنظر إلى الصراع في مصر باعتباره حربا على الإسلام، وقال إن العدو الرئيس هو أميركا وليست الأنظمة الحاكمة.

هذه التصريحات ربما كسرت فرحة الأنصار بحرية حسين، غير أن بعضهم التمس له العذر، كما التمسوه له من قبل عقب انتشار فيديو بثته وزارة الداخلية يوجه فيه حسين الشكر للقيادة السياسية على الإفراج عنه وعلى حسن معاملته بالسجن.

وقال حسين إن النظام يخسر بسبب حبس الصحفيين، داعيا إلى مصالحة وطنية تقتضيها ظروف البلاد المعرضة لأخطار وجودية، معتبرا أن ثورة يناير/كانون الثاني 2011 قد انتهت.

ويرد حسين على الاعتراضات المتوقعة مؤكدا أن كل ما يهمه هو البحث عن كيفية العيش المشترك، وأنه لا يسعى لمناصب ولا مصالح، مضيفا "لم أفعلها شابا، فلن أفعلها شيخا".

وأكد أن هذه رؤيته من قبل دخوله السجن، وأنه لا يخشى من السجون التي تعود عليها خلال مسيرته السياسية الطويلة.

حرب دون هوادة

وبدأ حسين اهتمامه المبكر بالسياسة منذ التحاقه بكلية السياسة والاقتصاد بجامعة القاهرة عقب هزيمة يونيو/حزيران 1967، وشارك زملاءه فيما يعرف بمظاهرات الطلاب المطالبة بمحاكمة قادة الطيران.

وكان يبدي طوال الوقت إرادة وصلابة أوردته لجة المتاعب، غير أنه لم يكن يعبأ بالمتاعب، منذ معارك صحيفة الشعب تحت رئاسته، مع عدد من أشهر وزراء حسني مبارك سواء مع وزير الزراعة الراحل يوسف والي في قضية المبيدات المسرطنة، أو وزير الداخلية الراحل حسن الألفي، ووزير الثقافة فاروق حسني.

وقتها تحول حسين من مجرد سياسي معروف، إلى قيادي وزعيم سياسي بارز يعلن حربه على نظام مبارك، إذ شغل ـإلى جانب رئاسته لتحرير صحيفة الشعب الصادرة عن حزب العمل- منصب الأمين العام لحزب العمل الاشتراكي الذي كان الأشد معارضة للسلطة في ذلك الوقت.

دخل حسين مطلع عام 2009 قطاع غزة لمناصرة الفلسطينيين المحاصرين داخل القطاع، ليجري الحكم عليه عسكريا عقب عودته بالسجن عامين وتغريمه 5 آلاف جنيه "الدولار وقتها كان يساوي نحو 6 جنيهات".

حينما خرج من السجن عقب نجاح ثورة يناير التي أطاحت بحكم مبارك، كان حسين حاضرا في معظم الفعاليات الثورية بميدان التحرير، ثم أنشأ حزب الاستقلال، بنفس تشكيلة حزب العمل الذي كانت السلطة قد جمّدته، وذات روحه الجامحة، وترأسه، ليعيد إصدار صحيفة الشعب من خلاله، غير أنه لم يهنأ طويلاً بمناخ الحرية الذي وفرته الثورة بشكل غير مسبوق، فوقع انقلاب يوليو/تموز 2013.

عائلة سياسية

كان للنشأة في بيت سياسي دور في تشكيل شخصية حسين، المولود قبل حركة ضباط يوليو/تموز 1952 بعام كامل، فوالده أحمد حسين كان رئيس حزب مصر الفتاة صاحب المبادرات غير المسبوقة والأفكار الصدامية.

في البيت الذي تقع فيه شقته بمنطقة المنيل بالقاهرة، يعلق حسين لافتة نحاسية كتب فيها "هنا عاش السياسي أحمد حسين" افتخارا بوالده الراحل، ودوره في الحياة السياسية.

وفي العمل العام شغل حسين عضوية مجلس نقابة الصحفيين ومقرر لجنة الحريات بها بين عامي 1999 و2003، كما شغل عضوية مجلس النواب أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي