منبع أحد رافديه الأساسيين.. هل تتأثر أوغندا بالصراع الحاد على مياه النيل؟

لم يستبعد باحثون دخول أوغندا على خط الصراع الإقليمي والدولي حول مياه النيل، ويخشى مراقبون من زيادة حدة التنافس في ظل الخلاف الكبير بشأن سد النهضة الإثيوبي بين إثيوبيا إحدى دولتي المنبع، ودولتي المصب مصر والسودان.

ارتبطت حياة الأوغنديين بالنيل منذ قديم الزمان (الجزيرة نت)

يعيش آلاف الأوغنديين عند بحيرة فكتوريا منذ مئات آلاف السنين، يمتهنون على شواطئها الزراعة والصيد، ولذلك فإن النيل ارتبط بحياتهم وتعلق بمصدر رزقهم.

وتتم تغذية بحيرة فكتوريا منبع النيل الأبيض من عدة أنهار من الجبال المحيطة بها، وتشكل مع بحيرة تانا -منبع النيل الأزرق بالهضبة الإثيوبية- عند التقائهما في العاصمة السودانية نهر النيل، الذي يصب في البحر الأبيض المتوسط عبر الأراضي السودانية والمصرية.

وتعد بحيرة فكتوريا (حوالي 32 كلم من العاصمة كمبالا) ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم، والكبرى في أفريقيا، ويبلغ عمق أعمق نقطة فيها 82 مترا، وهي من البحيرات العظمى الأفريقية، وتطل عليها 3 دول هي كينيا وأوغندا وتنزانيا، كما تضم حوالي 3 آلاف جزيرة، أصبح بعضها وجهة لكثير من السياح.

تمثل الزراعة في أوغندا موردا مهما ومن أهم قطاعات التصدير في البلاد، وتسهم بما يقرب من نصف إجمالي الصادرات، على الرغم من وجود بعض المعوقات التي تحول دون زيادة الإنتاج، مثل محدودية التمويل والاستثمار، وعدم الحصول على المعلومات في الوقت المناسب.

شلالات فكتوريا تعد رافدا مهما وأساسيا لنهر النيل (الجزيرة نت)

مصدر رزق

يقول إبراهيم الشريف أحد سكان جزر فكتوريا إن البحيرة تمثل مصدرا لحياة الكثيرين من السكان، وهي مصدر فخر ومعلم تاريخي وثقافي قبل أن تكون مصدر مياه.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن سكان الجزر يعتمدون على البحيرة في حياتهم كلها، حيث تروى منها المحاصيل الزراعية، وتعد موردا لصيد الأسماك وإنتاج الكهرباء.

وأكد على أن منبع النيل مكان سياحي يسهم في الدخل القومي، ويوفر عمالة لسكان الجزر.

وزاد عدد سكان أوغندا زيادة كبيرة في السنوات الـ20 الماضية. ووفقا للنتائج الأولية للتعداد الوطني للسكان والمساكن الذي أجراه مكتب الإحصاءات الأوغندي عام 2014، ارتفع عدد السكان من 24.2 مليون نسمة عام 2002 إلى حوالي 41 مليونا في 2019.

إحدى الساحات الخضراء قرب بحيرة فكتوريا (الجزيرة نت)

صراع المياه

يخشى مراقبون من زيادة حدة التنافس والصراع حول مياه النيل في ظل الخلاف الكبير بشأن سد النهضة الإثيوبي بين إثيوبيا -إحدى دولتي المنبع- ودولتي المصب مصر والسودان، في ظل مخاوف من دخول الأزمة منعطفا خطيرا مع اقتراب الملء الثاني لسد النهضة.

لم يستبعد الباحث الأكاديمي في الجامعات الأوغندية الدكتور إدريس محمد عثمان دخول أوغندا على خط الصراع الإقليمي والدولي بشأن مياه النيل، كما توقع -في حديثه للجزيرة نت- أن يطالب جنوب السودان المجاور لها بحصته كاملة من مياه النيل.

ووصف الصراع حول المياه بالخطير، واعتبر أن اتفاقية تقاسم مياه النيل التي وقعت بين مصر والسودان عام 1959 ظالمة للسودان وإثيوبيا وأوغندا، وأشار إلى عدم قبول بعض دول المصب والمنبع بالاتفاقية.

وتابع "سيشتد الصراع الدولي إذا حاولت دول المنبع أخذ حصتها الطبيعة من المياه، لجهة أن دول المصب سوف تنادي بحصتها التي أقرها الاستعمار".

وقطع بأن دولة أوغندا تتمتع باكتفاء من المياه حاليا، وأرجع سبب ذلك إلى الأمطار الوفيرة التي تهطل على مدار العام.

وطالب محمد عثمان بأن تكون هناك إستراتيجيات كبرى من دول المصب والمنبع، تعمل على توزيع عادل للمياه يخدم شعوب المنطقة.

تعد بحيرة فكتوريا معلما تاريخيا في أوغندا قبل أن تكون مصدر مياه (الجزيرة نت)

سدود على النيل

الكاتب الصحفي الأوغندي بيكر بات لول، كشف للجزيرة نت أن أوغندا لديها الآن 3 سدود رئيسة على النهر، سد نالوبالي وسد بوجاغالي للطاقة وسد كرمة، وهي المصدر الرئيسي لإنتاج الطاقة الكهربائية في أوغندا.

وأضاف أن الجزء الأوغندي من نهر النيل يعد موطنا لعدد من الشلالات، مثل شلالات مورشيسون وشلالات بحيرة فكتوريا، وهي مصادر طبيعية جاذبة للسياح.

واستبعد بات لول دخول أوغندا في أي نزاع مع دول حوض النيل، بسبب اكتفائها الذاتي من المياه وتمتعها بالعديد من المصادر النيلية الأخرى.

دعوات أوغندية

وبدأ في الآونة الأخيرة دخول أوغندا وسيطا لتسوية أزمة مياه النيل، وحل الخلاف بشأن سد النهضة الإثيوبي.

وفي الثامن من الشهر الجاري، وقّعت أوغندا اتفاقية أمنية لتبادل المعلومات العسكرية مع مصر، وذلك في ظل التوتر المتصاعد بين القاهرة وأديس أبابا بشأن سد النهضة الإثيوبي.

وقال الجيش الأوغندي في بيان إن الاتفاقية أبرمت بين جهاز المخابرات المصري، ورئاسة المخابرات العسكرية التابعة لقوات الدفاع الأوغندية.

وفي مارس/آذار 2020، دعا الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني إلى عقد قمة عاجلة لدول حوض النيل لمناقشة أزمة مياه النيل، وذلك خلال لقائه رئيسة إثيوبيا سهلي ورق زودي في مدينة عنتيبي الأوغندية.

وفي الشهر الماضي خلال لقائه رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان بمدينة كمبالا، كرر موسيفيني دعوته لحل قضايا مياه النيل بمؤتمر دولي تستضيفه العاصمة الأوغندية كمبالا في القريب العاجل.

وسبق أن رفضت إثيوبيا في 9 مارس/آذار الماضي، مقترحا سودانيا أيدته مصر، بتشكيل وساطة رباعية دولية تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي، لحلحلة المفاوضات المتعثرة على مدى 10 سنوات.

وتصرّ أديس أبابا على ملء ثانٍ للسد بالمياه في يوليو/تموز المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق، في حين تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي يحافظ على منشآتهما المائية، ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل‎، البالغتين 55.5 مليارا و18.5 مليار متر مكعب، على الترتيب.

المصدر : الجزيرة