لضمان نزاهة انتخابات العراق وتعزيزا لاستقلالية المؤسسة العسكرية.. دعوات لإلغاء تصويت رجال الأمن

يُخشى من التلاعب بأصوات قوى الأمن واستغلالها لصالح جهات معنية بالتعاون المباشر مع الآمرين والضباط، خاصة بعد تأسيس الحشود العشائرية.

جنود عراقيون يحدثون بطاقاتهم الانتخابية - في كركوك - موقع المفوضية
جنود عراقيون قدموا لتحديث بطاقاتهم الانتخابية إلى مقر مفوضية الانتخابات في كركوك (مواقع التواصل)

في ظل الاستعدادات الجارية لتنظيم الانتخابات العراقية، برزت مطالبات سياسية بإلغاء التصويت الخاص بقوى الأمن والمعتقلين في السجون، لإبعاد الاستغلال الحزبي وإنهاء الجدل الذي يُثار في كل موسم انتخابي بشأن تلك الأصوات.

ومن المقرر أن يُجري العراق انتخابات نيابية مبكرة، في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، استجابة لمطالب المحتجين، وفق قانون انتخابي جديد.

ويحق لأكثر من مليون منتسب في قوى الأمن الداخلي والجيش والشرطة والحشد الشعبي والأجهزة الأمنية المتنوعة، المشاركة في الاقتراع الذي يُنظم قبل يومين من الانتخابات العامة إلى جانب المعتقلين في السجون.

وتخشى أوساط سياسية من التلاعب بأصوات قوى الأمن واستغلالها لصالح جهات معنية، بالتعاون المباشر مع الآمرين والضباط، خاصة بعد تأسيس الحشود العشائرية بين عامي 2015 و2018، وما يعني ذلك من تصويت لقائد الفصيل أو بتوجيه منه.

ويرى النائب عن الجبهة العراقية، محمد الخالدي، أهمية إلغاء التصويت الخاص، بقوى الأمن الداخلي، بسبب الاستغلال الحاصل لها من قبل جهات حزبية في كل موسم انتخابي، وتأثير الآمرين والضباط على الجنود، وتوجيههم بالتصويت لشخصيات معينة، وهو ما يخالف روح الانتخابات.

ويضيف الخالدي للجزيرة نت أن إلغاء هذا التصويت سيكون له مردود إيجابي على العملية الانتخابية بشكل عام ويعزز نزاهتها، فضلا عن أنه يعزز استقلالية المؤسسة العسكرية، ويبعدها عن التنافس السياسي، في بلد يضم قوميات وطوائف عدة.

النائب محمد الخالدي - الجزيرة نت
الخالدي: إلغاء تصويت العسكريين سيكون له مردود إيجابي على العملية الانتخابية ويعزز نزاهتها (الجزيرة)

رفض للإلغاء

وجاءت تلك الدعوات بعد إلغاء مفوضية الانتخابات الشهر الماضي التصويت الخاص بالعراقيين في الخارج، بداعي وجود معوقات فنية ومالية وقانونية, من ضمنها قصر المدة المتبقية لموعد إجراء الانتخابات، وهي غير كافية لإصدار وتحديث البطاقات البايومترية وسجلات الناخبين خارج العراق.

لكن النائب عن ائتلاف دولة القانون، علي جبار، يرى أن من حق المنتسبين في قوى الأمن والمشمولين بالتصويت الخاص، الإدلاء بأصواتهم، وفق الدستور العراقي، إذ يبلغ عددهم نحو مليون 250 ألفا، ولا يمكن إقصاء هذا الرقم من المشاركة، لكن الأمر يتطلب أن تكون هناك آلية لضمان عدم وجود تأثير على قرارهم وطبيعة اختياراتهم من مسؤوليهم.

وأضاف جبار للجزيرة نت أن التصويت الخاص معتمد في كثير من دول العالم، وإن حصل استغلال أو توجيه من قبل القيادات خلال الانتخابات السابقة، فالواجب تفعيل الإجراءات القانونية ومراقبة ذلك، كما هو الحال في الاقتراع العام.

وأكد جبار، وهو عضو في لجنة الأمن والدفاع النيابية، أن اللجنة عقدت عدة اجتماعات مع مفوضية الانتخابات، بشأن الأمن الانتخابي، وتعزيز نزاهتها، وإبعاد أي حالات فساد أو استغلال قد تحصل.

عماد باجلان القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني
باجلان اعتبر أن إلغاء أصوات أي فئة ما يمثل إقصاء لحقها (مواقع التواصل)

تصاعد الاهتمام

ومع تأسيس الحشد الشعبي وما رافقه من انبثاق حشود تابعة لشخصيات سياسية في محافظات الأنبار (غرب) وصلاح الدين ونينوى (شمال)، تصاعد الاهتمام بالتصويت الخاص كإحدى الأدوات الموصلة إلى قبة البرلمان بالاعتماد على أصوات المنتسبين، حيث يمتلك نواب في البرلمان العراقي قوات عسكرية ضمن هيئة الحشد الشعبي، تمثل الخزان الانتخابي الأبرز لهم.

وشهدت انتخابات 2018 مشاركة كثيفة للمشمولين بالتصويت الخاص، حيث أدلى 700 ألف في عموم العراق من أصل 943 ألفا، رغم انخفاض نسبة المشاركة العامة في تلك الانتخابات.

من جهته، رأى القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، عماد باجلان، أن إلغاء أي انتخابات لفئة معينة يمثل إقصاء، وإن كانت هناك أعداد في وزارات الداخلية والدفاع والحشد الشعبي تابعة لأحزاب سياسية، لكن يمكن إيجاد طريقة تُنهي حالات التزوير والتلاعب.

وأكد باجلان للجزيرة نت أن التصويت عبر البطاقة البايومترية (إلكترونية) سيحد من عمليات التزوير، لكن أيضا يُتوقع أن تُلغي مفوضية الانتخابات التصويت الخاص أسوة بالاقتراع في الخارج، بسبب المعوقات الفنية، ووجود 83 دائرة انتخابية، وهو ما يعقد المهمة على المفوضية.

ورشة لمفوضية الانتخابات في وزارة - وسائل التواصل الداخلية العراقية
ورشة عمل حول العملية الانتخابية تقدمها مفوضية الانتخابات العليا لمسؤولين في وزارة الداخلية (مواقع التواصل)

شراء أصوات

وتُعتمد عدة آليات للاستفادة من التصويت الخاص، أبرزها شراء شخصيات سياسية أصواتا من الآمرين والضباط في المؤسسة الأمنية أو مديري السجون بمبالغ معنية، ثم تحدد خيارات هؤلاء الناخبين بالترغيب والترهيب، وهو ما حصل في عدة انتخابات سابقة، وفق تقارير صحفية.

كما تعتمد شخصيات سياسية ونواب في البرلمان على الحشود العشائرية التي أنشأتها وضمّتها إلى هيئة الحشد الشعبي، خاصة في محافظة نينوى، التي تحتضن غالبية تلك الحشود، وتقدر أعدادها بآلاف المنتسبين.

ورغم الدعوات المطالبة بإلغاء هذا التصويت، فإن الخبير القانوني علي التميمي، يرى أن هذا التصويت منصوص عليه في قانون الانتخابات رقم (9) لعام 2020، وفي حال أرادت مفوضية الانتخابات إلغاءه فإن عليها تعديل التشريع الخاص به وفق قاعدة "القانون لا يعدل أو يلغى إلا بقانون".

ويضيف التميمي للجزيرة نت أن التصويت الخاص يشمل القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي، والمعتقلين في السجون، وكذلك النازحين في المخيمات، لافتا إلى أن القانون حدد عدة شروط للتصويت الخاص، أبرزها ألا يكون في الثكنات العسكرية، وأن تُعتمد البطاقة الإلكترونية.

المصدر : الجزيرة