معركة جديدة في تعز.. الحكومة اليمنية تتفاءل بفرض واقع جديد والحوثيون يعتبرونها حربا خاسرة

A government soldier mans a machine gun mounted on a patrol truck, at a neighbourhood the army took over, after clashes with armed militants in Taiz, Yemen August 14, 2018. REUTERS/Anees Mahyoub
مقاتل من الجيش اليمني في إحدى جبهات تعز (رويترز-أرشيف)

استأنف الجيش اليمني والمقاومة الشعبية المواجهات ضد الحوثيين في جبهة تعز مؤخرا، في خطوة عدها كثيرون دعما وتخفيفا عن جبهة مأرب التي يكثف الحوثيون هجماتهم عليها منذ أكثر من 25 يوما.

وحسب إعلان الجيش الحكومي، فقد حقق تقدما في مأرب وتعز خلال اليومين الماضيين، بينما قلل الحوثيون من الانتصارات مركزين على هجماتهم في الأراضي السعودية.

ويرى سياسيون أن فتح جبهات جديدة تخدم الجانب الحكومي في توظيف نتائجها في أية مفاوضات مقبلة، وتخفف الضغط والحرج من أي انكسار يمكن حدوثه في جبهة مأرب.

واقع جديد

يقول وكيل وزير الإعلام في الحكومة الشرعية محمد قيزان، إن مليشيات الحوثي تحشد منذ أشهر وتستميت لاجتياح مأرب، لما تمثله المحافظة من رمزية للشرعية، كما أنها محافظة غنية بالغاز والبترول والطاقة الكهربائية.

ويضيف أن مأرب تتمتع بقوة بشرية كبيرة تقترب من نحو 3  ملايين شخص، ومعظمهم مناوئون لجماعة الحوثي ممن نزحوا من المحافظات التي احتلتها الجماعة.

ويوضح قيزان للجزيرة نت أن هذه المزايا تفرض واجب الدفاع عن مأرب بكل الوسائل الممكنة، وفي مقدمة ذلك تحريك كافة الجبهات القتالية في جميع المحافظات التي تقع على خطوط التماس مع الحوثيين، حتى لا تترك لهم فرصة الاستفراد بمحافظة بعد أخرى.

ويرى وكيل وزير الإعلام أن تحرك جبهات القتال في محافظة تعز سيخفف الضغط عن مأرب ويشتت الحشود الحوثية ويضعفها، ناهيك عن ما تمثله محافظة تعز من أهمية كبيرة لدى اليمنيين، فهي قلب الثورة وصانعة التغيير، وبتحريرها من الحوثيين سيصاب المشروع الإيراني بمقتل وتتلاشى أحلام الانفصاليين، حسب قوله.

ويشير قيزان إلى أن تعز ليست حاضنة للمشروع الحوثي، وأن "سكانها يعانون كثيرا جراء الحصار الظالم والقصف المستمر من قبل الحوثيين".

كما يرى المسؤول الحكومي أن سياسة الجيش الوطني في استنزاف الحوثيين وإلحاق الهزائم بهم في مأرب وتعز والجوف والضالع ستخلق واقعا جديدا على الأرض، وستغير إستراتيجية المعركة حتى يتولى الجيش الوطني زمام المبادرة ويتحول من الدفاع إلى الهجوم.

ويضيف "بدلا من الدفاع في أطراف مأرب أو تعز ستتحرك عجلة التحرير نحو صنعاء لاستعادة الدولة ومؤسساتها الدستورية".

ويعتقد قيزان أن انعكاسات تراجع الحوثيين في مأرب وتعز والانتصارات التي حققها الجيش خلال الأسبوع الماضي ستفرض واقعا سياسيا، وستجبر الحوثيين وداعميهم على القبول بتنفيذ القرارات الأممية الخاصة باليمن وخاصة القرار 2216.

حرب نفسية

في الطرف الآخر، يقلل مكتب محافظ تعز التابع للحوثيين سليم محمد المغلس من قيمة انتصارات الجيش الحكومي، ويقول إن ما يردد من انتصارات في جبهة تعز يعتبر شائعات تهدف إلى محاولة تضليل الرأي العام وبث حرب نفسية خاسرة، من أجل رفع معنويات المقاتلين في جبهة مأرب.

ويضيف مكتب المغلس للجزيرة نت أن "غبار المعركة سينقشع وستتكشف الحقائق وسيكون هناك صراخ وبكاء وتراشق للاتهامات بين أدوات المرتزقة، وسيبقى الجيش واللجان الشعبية بالمرصاد لكل من باع دينه وأرضه وعرضه".

ويعتبر مكتب المحافظ ما يحدث عبارة عن متاجرة بتعز من خلال التغرير بأبنائها تحت عناوين زائفة وانتصارات وهمية.

وكان المغلس دعا أمس الخميس إلى إعلان النفير العام والتوجه إلى جبهات القتال، بعد تقدم الجيش الوطني في بعض المواقع.

محمد عبد الملك - أمين عام الهيئة ياسين التميمي: اليمنيون اليوم يشعرون بالقلق العميق من ممارسات التحالف - الجزيرة نت - سيادة .. هيئة وطنية يطلقها يمنيون لمواجهة نفوذ السعودية والإمارات
ياسين التميمي: جماعة الحوثيين استغلت هدوء الجبهات وحشدت لمعركتها الأخيرة والحاسمة في مأرب (الجزيرة)

المواجهة الشاملة

في السياق ذاته، يعتبر المحلل السياسي ياسين التميمي أن استئناف المعارك في تعز يمثل تحولا نوعيا في سياق المواجهة الشاملة المفترضة مع جماعة الحوثيين التي استغلت هدوء الجبهات وحشدت لمعركتها الأخيرة والحاسمة في مأرب.

ويرى التميمي أن هناك أسبابا ملحة في تعز لاستئناف المواجهات وفك الحصار، ولكن "للأسف الشديد" عمل التحالف على إبقاء الحال على ما هي عليه وانشغل بتأسيس الإمارات قوات تابعة لها في الساحل الغربي، لتبقى تعز في خانة المكاسب الإستراتيجية للحوثيين.

ويؤكد التميمي للجزيرة نت أن توسيع دائرة المعارك في جبهات متعددة سينهك الحوثيين ويخلق واقعا جديدا، يندرج في المكاسب الإستراتيجية والسياسية للحكومة الشرعية، ويعزز من موقفها في التسوية السياسية التي تضع الولايات المتحدة كل ثقلها لإنجازها، ويضمن عدم تحولها إلى صفقة سيئة.

من جهته، يقول المحلل السياسي عبدالناصر المودع إن ‏فتح جبهات جديدة يهدف إلى تخفيف الضغط عن مأرب، مستدركا بأن نجاح هذه الخطوة يعتمد على التخطيط الجيد لفتح هذه الجبهات وتوفير الموارد والإمكانيات لإحداث تغيير في المعادلة العسكرية.

ويرى المودع أن هذه الجبهات فتحت من قِبَل القوى نفسها الموجودة على الأرض، ودون دعم وإمدادات كبيرة، مستبعدا أن تحقق أهدافها حتى لو حدثت بعض الإنجازات المحدودة لصالح القوى المهاجمة وخسر الحوثيون بعض المناطق الثانوية.

المصدر : الجزيرة