وسط غزل حذر بين الأعداء التاريخيين.. ملك ماليزيا يلوح بعقد البرلمان رغم حالة الطوارئ

لمح ملك ماليزيا بإمكانية استئناف عمل البرلمان رغم فرض حالة الطواريء في البلاد، وهو ما اعتبر مؤشرا على احتمال أن تذهب البلاد لانتخابات مبكرة.

Malaysia's members of parliament attend a session of the lower house of parliament, in Kuala Lumpur
ماليزيا توشك أن تذهب لانتخابات مبكرة قد تعيد تشكيل التحالفات الحزبية (رويترز)

فاجأ القصر الملكي في ماليزيا الساسة بإعلانه السبت الماضي إمكانية استئناف عمل البرلمان في ظل حالة الطوارئ القائمة حاليا، التي تنتهي في الأول من أغسطس/آب المقبل، ومن دون الحاجة إلى طلب رئيس الوزراء (المعتاد) من الملك دعوة البرلمان للانعقاد، وذلك بعد لقاء بين الملك "عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله شاه" ورئيسي مجلسي النواب والشيوخ.

وبينما التزمت الحكومة الصمت حيال البيان الملكي، استبعد كثير من المراقبين الإطاحة بحكومة محيي الدين ياسين بمرسوم ملكي، لكنهم عبروا عن فهمهم للهجة جديدة من الملك تجاه الحكومة الحالية، لا سيما أن اعتقادا واسعا يسود في الأوساط السياسية الماليزية بأن القصر الملكي وحده من يمدها بشريان الحياة.

وفي الذكرى الأولى لتكليفه بتشكيل حكومة تحالف (العقد الوطني) في الثاني من مارس/آذار 2020، تعهد رئيس الوزراء محيي الدين ياسين بأن يدعو لانتخابات عامة بمجرد انتهاء جائحة كورونا، وكان محيي الدين اعترف في وقت سابق بأن حكومته جاءت من الأبواب الخلفية، وليس بناء على برنامج انتخابي.

ولعلها المرة الأولى منذ عقود التي يمارس فيها الملك الماليزي صلاحيات واسعة، كان آخرها إعلان حالة الطوارئ لمحاصرة انتشار فيروس كورونا، وهو الإعلان الذي فسر على نطاق واسع بأنه إنقاذ لحكومة ياسين من مأزق فقدانها ثقة الأغلبية البرلمانية، ونظرا لما يحظى به الملك من قداسة دستورية فإن الجدل السياسي والدستوري بقي متحفظا وحذرا بشأن تزايد نفوذه في السلطة التنفيذية، علما بأن سلطاته دستورية.

ساد اعتقاد أن البرلمان لن ينعقد قبل انتهاء حالة الطوارئ في 1 أغسطس آب المقبل، لكن الملك قال إنه لن ينتظر دعوة رئيس الوزراء لعقد جلسة للبرلمان وق
اعتقاد ساد بأن البرلمان لن ينعقد قبل انتهاء حالة الطوارئ في الأول من أغسطس/آب المقبل (الجزيرة)

رمال متحركة

لخص رئيس منظمة الشباب الإسلامي بماليزيا فيصل عزيز المشهد السياسي المتوقع بتغريدة على تويتر جاء فيها "لن يتمكن حزب واحد أو تكتل حزبي تقليدي بعد اليوم من تشكيل حكومة بمفرده في ماليزيا"، وجاءت تغريدة السياسي الصاعد في معرض انتقاده ظاهرة تنقل أعضاء البرلمان بين الأحزاب وفقا لمصالحهم.

وشهد الأسبوع الماضي قفز عضوين برلمانيين من صفوف المعارضة إلى توليفة الحكومة، وأعاد عضوان آخران تموقعهما بالانتقال من حزب لآخر، ضمن تكتل المعارضة التي يتزعمها أنور إبراهيم.

ولم يستبعد ليو تشين تونغ نائب وزير الدفاع السابق تغير الخريطة الحزبية بأكملها، مع ظهور أولى الإشارات لعقد انتخابات مبكرة، وقال في تصريحات خاصة بالجزيرة نت إن الأمر الواقع سينتهي بمجرد الإعلان عن الانتخابات التي توقع أن تتزامن مع انتهاء حالة الطوارئ.

وأشار تونغ -القيادي البارز في حزب العمل الديمقراطي الذي يهيمن عليه ذوو الأصول الصينية في المعارضة- إلى أن الأحزاب الرئيسية المؤثرة تتوزع حاليا على 3 كتل رئيسية، هي: حزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو)، ومعه تحالفا الشراكة الوطنية والجبهة الوطنية، وحزب رئيس الوزراء "برساتو" ومعه تحالف العقد الوطني، وتحالف الأمل المعارض الذي يضم بشكل رئيسي حزب عدالة الشعب بقيادة أنور إبراهيم والعمل الديمقراطي والأمانة الوطنية.

وأضاف نائب وزير الدفاع السابق أن أمام رئيس الوزراء خيارين: استمرار الحكومة بحماية قانون الطوارئ، أو الدعوة لانتخابات مبكرة، لأن عقد البرلمان بتشكيلته الحالية يعني لمحيي الدين ياسين مخاطر تمرير مشروع لسحب الثقة من حكومته، حيث إنها لا تحظى بثقة الأغلبية.

ليو تشين تونغ ( يمين) نائب وزير الدفاع السابق، وكيت سيانغ زعيم حزب العمل الديموقراطي الذي يهيمن عليه ذوو الأصول الصينية في المعارضة الماليزية
ليو تشين تونغ نائب وزير الدفاع السابق (يمين) وكيت سيانغ زعيم حزب العمل الديمقراطي المعارض (الجزيرة)

غزل الأعداء

عبّر قيادي في حزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو) في حديثه للجزيرة نت عن خيبة أمل كبيرة تنتاب أوساط الحزب باستمرار تراجع أداء حليفه التاريخي حزب الجمعية الصينية الماليزية، وهي التي صاغت العقد الاجتماعي تمهيدا لتعايش الأعراق الماليزية عشية الاستقلال، وقال -بصراحة غير معتادة- لا يمكننا التضحية بالأقلية الصينية (23% من السكان) من أجل الحفاظ على تحالف هرم.

ويشير القيادي في أمنو -الذي فضل عدم ذكر اسمه- إلى أن 3 انتخابات متتالية كافية لتدلل على أن الصينيين الماليزيين يوالون حزب العمل الديمقراطي، وأن حزب أمنو لا يمكنه غض الطرف عن هذا المتغير، وأن الوقت قد حان لأن يراجع أمنو إستراتيجيته في التعامل مع الصينيين الماليزيين.

أما رئيس الوزراء الأسبق نجيب عبد الرزاق فلم يستبعد العمل المشترك مع أعداء الأمس، في إشارة واضحة إلى حزب العمل الديمقراطي، وقال في مقابلة تلفزيونية إذا كان أعداء الأمس مهاتير محمد وأنور إبراهيم وكيت سيانغ (زعيم العمل الديمقراطي) تجاهلوا خلافاتهم التاريخية من أجل العمل معا في الانتخابات السابقة، فما المانع أن يعمل أمنو مع أعدائه السابقين إذا كان في ذلك مصلحة؟

لكن الخبير في شؤون حزب أمنو البروفيسور عبد الرزاق أحمد يرى في حديث للجزيرة أنه على الطرفين أن يمهدا لقواعدهما قبل الإقدام على خطوات التقارب، وهو ما قد يستغرق دورة أو دورتين انتخابيتين، وقد يبدأ التقارب بترتيبات انتخابية تحول دون حشد وتعبئة كل منهما للآخر.

التمهيد والترتيبات الممكنة عبر عنها القيادي في العمل الديمقراطي ليو تشين تونغ على شكل شروط، وقال للجزيرة نت يمكننا العمل مع أمنو إذا اعتذر للشعب الماليزي عما اقترفته قيادته قبل انتخابات 2018، التي خسر فيها الحزب، مشيرا في ذلك إلى تهم الفساد المالي والإداري الموجهة لقيادة الحزب المتمثلة في رئيسه الحالي زاهد حميدي ورئيسه السابق نجيب عبد الرزاق.

المصدر : الجزيرة