الكويت.. حكم المحكمة الدستورية بإسقاط عضوية النائب بدر الداهوم يشغل الشارع الكويتي

النائب الداهوم يتحدث خلال جلسة لمجلس الأمة الكويتي الشهر الماضي (وكالة الأنباء الأوروبية)

الكويت-الجزيرة نت

انشغل الشارع الكويتي خلال الساعات الماضية بمتابعة تداعيات حكم المحكمة الدستورية الذي صدر صباح الأحد، وقضى ببطلان عضوية النائب في مجلس الأمة بدر الداهوم بعد فوزه في الانتخابات التي أجريت في 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ورتب الحكم أثرين مهمين من الناحية القانونية بحسب خبراء مختصين، هما سقوط عضوية الداهوم فور صدوره، ومسؤولية الحكومة بشأن ترتيب وإجراء الانتخابات التكميلية على المقعد الشاغر فور إخطارها من قبل رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أو نشر الحكم ذاته في الجريدة الرسمية "كويت اليوم" بحسب اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.

وتنص المادة الـ18 من قانون الانتخابات في الكويت على أنه "يحدد ميعاد الانتخابات العامة بمرسوم، ويحدد ميعاد الانتخابات التكميلية بقرار من وزير الداخلية، ويجب أن ينشر المرسوم أو القرار قبل التاريخ المحدد للانتخابات بشهر على الأقل".

مبنى قصر العدل الذي يضم المحكمة الدستورية في مدينة الكويت (وكالة الأنباء الأوروبية)

سياسي بارز

ويعتبر الداهوم أحد السياسيين البارزين على الساحة الكويتية في الفترة الأخيرة، وسبق له الفوز في انتخابات مجلس فبراير/شباط 2012 الذي جرى حله بعد أن قضت المحكمة الدستورية في 20 يونيو/حزيران 2012 ببطلان حل مجلس 2009 السابق عليه وعودته للانعقاد مجددا.

وفي فبراير/شباط 2013 أصدرت محكمة كويتية حكما بسجن الداهوم ونائبين سابقين 3 سنوات بعد إدانتهم بتهمة المساس بالذات الأميرية، على خلفية كلمات ألقوها في مسيرة شهدتها البلاد في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2012 واعتبرت مسيئة لأمير الكويت وقتها الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

ولاحقا، قضت محكمة الاستئناف ببراءة المتهمين، لكن النيابة العامة طعنت على الحكم وطالبت بإعادة محاكمتهم، وفي 7 يونيو/حزيران 2014 قضت محكمة التمييز بتأييد حبس كل منهم سنة و8 أشهر في حكم نهائي.

وخلال انتخابات 2016 حرمت محكمة التمييز المرشح بدر الداهوم من الترشح لعدم رد اعتباره في القضية التي أدين فيها عام 2013، لكنه عاد وترشح في انتخابات 2020 بعد حصوله على حكم برد اعتباره عقب مضي 5 سنوات على حكم الإدانة، وأسفرت الانتخابات على حصوله على المركز الثاني في الدائرة الخامسة التي يمثلها في المجلس 10 نواب، وذلك بعدما حصل على 8371 صوتا.

ودفعت نتائج الانتخابات عددا من المواطنين لتقديم طعن في صحة انتخاب الداهوم استنادا إلى تعديل قانوني جرى على قانون الانتخاب عام 2016 تضمن حرمان من يسيء إلى الذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية من حق الترشح مدى الحياة.

First session of the Parliament held in Kuwait
جلسة الانعقاد الأولى للبرلمان الكويتي في دروته الحالية أواخر العام الماضي (وكالة الأناضول)

غضب نواب المعارضة

وأثار حكم بطلان عضوية الداهوم موجة من الغضب بين نواب المعارضة الذين أعلن عدد منهم مقاطعة جلسة المجلس القادمة المنتظر أن تؤدي خلالها الحكومة القسم أمامه.

وقد أعلن النائب حمدان العازمي تبنيه استجواب رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، والذي سبق أن أعلن عنه النائبان بدر الداهوم ومحمد المطير.

وفي 17 فبراير/شباط الماضي أصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح مرسوما بتأجيل انعقاد جلسات مجلس الأمة لمدة شهر اعتبار من الخميس 18 من نفس الشهر استنادا إلى المادة 106 من الدستور.

وكان من بين من أعلنوا مقاطعة جلسة القسم النواب الصيفي مبارك الصيفي، وعبد الكريم الكندري، وفارس العتيبي، وشعيب المويزري، وسعود بوصليب، فيما أصدر 28 نائبا -بينهم مقاطعو الجلسة- بيانا أكدوا خلاله أن تعديل قانونيْ المحكمة الدستورية وحرمان المسيء أصبحا أولوية تضاف إلى أولويات الحريات العامة والعفو وتشكيل لجنة تحقيق في تجاوزات جلسة الافتتاح.

وقال الموقعون على البيان إن تلك القوانين يجب إقرارها في الجلسة الأولى للمجلس، مؤكدين وقوفهم صفا واحدا في ظل التحديات الدستورية والديمقراطية القائمة.

وبحسب الخبير الدستوري هيثم العون، فإن حكم المحكمة الدستورية اعتبر أن التعديل التشريعي الذي صدر عام 2016 يسري بأثر فوري مباشر على الداهوم بالنظر إلى أن حكم الإساءة للذات الأميرية صدر بحكم قاطع من محكمة التمييز في 2014، وأن وقف تنفيذ العقوبة التي قررها الحكم ظل حتى عام 2017.

وقال العون للجزيرة نت إنه وفقا للحكم فإن الداهوم لم يكن قد أنهى عقوبة وقف التنفيذ وقت صدور التعديل التشريعي عام 2016، مضيفا أنه على ذلك ينطبق عليه التعديل التشريعي كونه لا يزال مدانا، وأن هذه الإدانة تستتبع لزوما تجريده من ممارسة حق الانتخاب بقوة القانون.

حالة سياسية مختلفة

بدوره، يرى المحلل السياسي حسين جمال أن الحالة السياسية الراهنة مختلفة عما شهدته البلاد في السابق، ويعتبر أنه على مستوى المعارضة هناك قسم "متشدد" منها (كتلة تضم 11 نائبا)، وآخر "أكثر تعقلا"، في إشارة إلى كتلة أخرى تضم 16 نائبا.

ويقول جمال للجزيرة نت إن الحكومة هي الأخرى في موقف لا تحسد عليه، إذ إن رئيس الوزراء إما أن يواجه الاستجواب المعلن عنه، وإما أن يواجه الدعوات المتعلقة بعدم تمكينه من القسم وطرح الثقة في الحكومة الجديدة.

ويضيف أن الرهان الآن على مدى قدرة الحكومة على اختراق المعارضة والتفاهم مع بعض أقطابها، خاصة أن التطورات المرتبطة بالحكم الأخير ربما تجعل المعارضة المعتدلة تستشعر الحرج السياسي أمام الناخبين، الأمر الذي يدفعها باتجاه الكتلة الأخرى الأكثر تشددا في مواقفها.

ويؤكد المحلل السياسي أنه في ظل وضع اقتصادي متشابك واستثنائي جراء تداعيات جائحة كورونا، ومع وضوح عدم تعاون الحكومة وقوى المعارضة وكذلك المطالب النيابية الاستثنائية فإنه يتعين الانتظار ليتضح ما إذا كانت المعارضة متماسكة أم يمكن تفكيكها، معتبرا أن الفرضية الأخيرة هي ما تعول عليها الحكومة.

ويرى جمال أن الواقع السياسي يفرض على الحكومة التعاطي مع مطالب الشارع السياسي الذي يجمع على تفشي الفساد وسوء الإدارة، ويحتم على الحكومة اتخاذ خطوات إصلاحية ترضي القوى السياسية والمجتمع المدني والشارع الكويتي المتململ من بطء الإصلاحات.

المصدر : الجزيرة