بعد نيلها الثقة بالبرلمان الليبي.. هذه مهام حكومة الدبيبة

يأمل الليبيون في أن تتمكن حكومة الدبيبة من الوفاء بالتزاماتها في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وإنهاء أزمة السيولة وتقديم الخدمات لجميع المواطنين وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد.

عملية منح الثقة لحكومة الدبيبة لاقت ترحيبا من الليبيين رغم ما اعترضها من محاصصة جهوية (الأوروبية)

تنتظر رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة مهام وتحديات بعد أداء اليمين الدستورية لتشكيلته الحكومية التي منحها مجلس النواب الليبي الثقة بالأغلبية أول أمس الأربعاء.

ومن بين أهم مهام الدبيبة العمل على توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة، وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، وتعزيز المصالحة الوطنية، ومعالجة الاقتصاد والسعي إلى تمهيد أرضية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية العام الجاري وفق خارطة الطريق المحددة من قبل لجنة الحوار السياسي.

واختار الدبيبة في حكومته نائبين للرئيس و26 وزيرا و6 وزراء دولة، في تشكيلة حكومية شارك في اختيارها أعضاء من مجلس النواب لتمريرها في البرلمان، بدلا من أن تكون الكلمة الأخيرة فيها لرئيس الوزراء في موقف وصف بالابتزاز ولاقى اعتراضا من شرائح مختلفة في ليبيا.

ويترقب الليبيون عمل التشكيلة الحكومية المختارة وفق الدوائر الانتخابية، وسط تفاؤل بتحقيقها النجاح في الفترة القصيرة المتبقية من هذا العام، وسط تحذيرات من أن فشل الحكومة قد يؤدي إلى إعادة الاقتتال والحرب والصراع الإقليمي والدولي على ليبيا.

رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبية من المؤتمر الصحفي
الدبيبة اختير في فبراير/شباط الماضي على رأس سلطة تنفيذية موحدة مهمتها الأساسية تنظيم الانتخابات (الجزيرة)

مخاض عسير

وأكد عضو مجلس النواب محمد العباني أن عملية منح الحكومة الثقة مرت بمخاض صعب على مدى 3 أيام، معتبرا أن الحكومة التي تم اختيارها على أساس المحاصصة لن تنجح في الوفاء بتعهداتها في ظل تحديات جسام تواجهها وفي وقت ضيق.

وأضاف العباني للجزيرة نت "اعتقد البعض أن التشكيلة الحكومية ستخفق في الحصول على ثقة البرلمان الذي فاجأ الجميع في جلسته الثالثة بمنح الثقة للحكومة بأغلبية 132 صوتا".

وتابع قائلا "حكومة الدبيبة لا يمكن أن نصفها بحكومة الوحدة الوطنية لاعتمادها على مبدأ المحاصصة، وهي أقرب إلى حكومة المجالس المحلية، حيث إن المحاصصة لا تبني كيانات الدول بل تساهم في تمزيقها وتقسيمها وانهيارها".

وأوضح عضو مجلس النواب أن عدم نيل بعض الدوائر الانتخابية حقها في التمثيل الحكومي سيؤدي إلى عرقلة دور البرلمان في مراقبة عمل الحكومة وتوجيهها ومساءلتها، إضافة إلى استقواء رئيس مجلس الوزراء ببعض النواب المشاركين في الحكومة.

واعتبر أن "الحكومة الجديدة ستهدر الميزانية العامة في ظل واقع صعب وفساد كبير"، موضحا أن إنهاء الوجود الأجنبي وإخراج المرتزقة وحل المليشيات ونزع السلاح ودعم المؤسسات الأمنية والعسكرية؛ مهام لن يتمكن الدبيبة من تنفيذ أي برنامج إصلاحي وطني من دون وضع حلول لها.

صورة نشرها ناشطون ليبيون بمواقع التواصل الاجتماعي تظهر عناصر من شركة فاغنر الأمنية الروسية في مدينة بني
إخراج المرتزقة من أهم التحديات أمام الحكومة الجديدة (مواقع التواصل)

محاصصة وابتزاز

بدوره، اعتبر عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد لنقي أن عملية منح الثقة لحكومة الدبيبة لاقت ترحيبا من أبناء الشعب الليبي، رغم ما اعترضها من عيوب ومحاصصة جهوية وابتزاز من بعض النواب لمشاركتهم في تسمية وزراء في الحكومة.

وقال لنقي "العملية بصفة عامة كانت مباركة من الأغلبية لأجل توحيد السلطة التنفيذية وإنهاء الأجسام الموازية وتوحيد مؤسستي الجيش والشرطة وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني وانتهاء أزمة السيولة وتقديم الخدمات لجميع المواطنين بالمساواة".

وصرح لنقي للجزيرة نت بأن الحكومة ستعمل بعيدا عن ابتزاز بعض النواب، خاصة بعد الدعم الشعبي الذي ستحصل عليه، إضافة إلى الدعم الدولي المهم في هذه المرحلة.

ويرى لنقي أن يكون إجراء الانتخابات المقبلة على أساس 60% قوائم، و40% فردي، بعد تهيئة الأرضية المناسبة لها، متوقعا أن تجرى منتصف العام المقبل.

إجماع على الحكومة

وأكد رئيس مركز إسطرلاب للدراسات عبد السلام الراجحي أن إجماع مجلس النواب على الحكومة يرجع إلى شعور النواب بخشية فقد كل شيء في حالة فقدان الثقة من البرلمان، إضافة إلى أن الدبيبة أقنع النواب ببرنامجه خصوصا فيما يتعلق بتقديم الخدمات للمواطنين ومنح التسهيلات.

وأضاف الراجحي "مبدأ المحاصصة ليس مسؤولية الدبيبة، والإشكال يرجع إلى مخرجات الحوار السياسي التي تشترط نسب مئوية ساهمت في المحاصصة من بينها 30% للنساء، وتمثيل المكونات والشباب، وتمثيل الأقاليم الثلاثة بشكل عادل، حيث اضطر الدبيبة لتشكيل الحكومة بهذا الحجم واعتماده على المحاصصة وليس على الكفاءة".

وقال الراجحي للجزيرة نت إن "الدبيبة أعلن عن توفير الدعم المالي للانتخابات فقط لكن إذا لم يصدر مجلسا النواب والدولة القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات ربما ستتأخر، خاصة إذا أطيح برئيس المفوضية العليا للانتخابات".

ويرى الراجحي أن حجم العراقيل والتحديات كبيرة أمام حكومة الدبيبة، وقد لا تتمكن من تنفيذ إصلاحات حقيقية ملموسة متكاملة، بينما من المتوقع أن تنجح في تخفيف أزمة الكهرباء والسيولة والانتعاش الاقتصادي وتوفير لقاح كورونا للمواطنين.

المصدر : الجزيرة