مقال بميدل إيست آي: الهوس بمكافحة الإرهاب زاد عدد النقاط العمياء بالسياسة الخارجية الأميركية

باراك أوباما- دونالد ترامب- جو بايدن
أوزهان: رغم تبدل الإدارات الأميركية فلم تتغيّر سياساتها تجاه الشرق الأوسط (شترستوك)

على مدى عقود، ارتكبت مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية أخطاء جسيمة أضرت بالشرق الأوسط بشدة، وعلى الرغم من أن كل إدارة أميركية جديدة تشعل آمالا جديدة فقد شهدنا النتائج نفسها لعقود.

ورد ذلك بمقال للكاتب التركي طه أوزهان بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (Middle East Eye)، موضحا فيه أنه ورغم تخلص أميركا من متاهات الهيمنة ومنافسة القوى العظمى ومعادلة الحرب الباردة طوال القرن العشرين، فإن النتيجة لم تتغيّر. واستمرت السياسة الخارجية والمؤسسة الأمنية الأميركية في السعي وراء مصالحها في المنطقة وارتكاب أخطاء جسيمة.

ولعقود من الزمان، يقول أوزهان، عملت السياسة الواقعية الأميركية إلى تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل، وتقديم بوليصة تأمين للدكتاتوريين، واحتلال أفغانستان والعراق، والاستحواذ على إيران أثناء تسليمها العراق وسوريا، والقائمة تطول.

نفاق أوباما

لم تُترجم خطابات السياسة الخارجية الأميركية إلى أفعال في الشرق الأوسط. ففي عامه الأول بالمنصب، قدم الرئيس الأسبق باراك أوباما سلسلة من الوعود في القاهرة، متعهدا بالترحيب بجميع الحكومات المنتخبة والسلمية، ولكن عندما أُطيح بأول رئيس منتخب ديمقراطيا لمصر في انقلاب دموي، رفض أوباما حتى وصف ذلك بانقلاب.

وبعد عام من خطابه في مصر، قال أوباما قولته سيئة السمعة في عام 2012 "إن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا خط أحمر". وبعد عام بالضبط، ذبح نظام بشار الأسد مئات الأشخاص بغاز السارين. وتقلب أوباما، ودعم حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي لطخت العراق، وأعطت الضوء الأخضر لإيران لإنقاذ نظام الأسد، مما أودى بحياة مئات الآلاف من السوريين.

بوش العربي
الهوس بمكافحة الإرهاب منذ عهد جورج دبليو بوش خلق نقاطا عمياء في سياسة أميركا الخارجية (الجزيرة)

وقرب نهاية فترة ولايته، عندما واجهت تركيا محاولة انقلاب دموية، لم يقفز أوباما للدفاع عن الديمقراطية، وبدلا من ذلك انتظر ليرى كيف ستسير الأمور.

باختصار، عندما كانت الديمقراطية مهمة في الشرق الأوسط، كانت إدارة أوباما وبايدن إما مشغولة في دعم الحكومات المعادية للديمقراطية، أو بطيئة جدا في الدفاع عنها. وقد حدث هذا بشكل مأساوي خلال الربيع العربي، وهو أول دفعة حقيقية مناصرة للديمقراطية منذ قرن من قبل شعوب الشرق الأوسط.

حلقة مفرغة

بعد 4 سنوات كارثية مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وسياساته المهينة والوقحة للديمقراطية، انتعشت آمال كبيرة لإدارة بايدن، بالتأكيد ليس بين الحكومات، ولكن بين شعوب المنطقة. لكن ما نراه حاليا هو الممارسة نفسها: التحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما يتم التصرف عكس ذلك تماما. وقد يسمى هذا النفاق بالسياسة الواقعية، لكنه في الواقع حلقة مفرغة من السياسة السريالية.

قبل عام، في مقال على نمط بيان الشؤون الخارجية وبعنوان "لماذا يجب على أميركا أن تقود مرة أخرى؟"، حدد بايدن رؤيته للسياسة الخارجية، لكن إدارته المجهزة بفريق السياسة الخارجية في عهد أوباما، لا تقدم رؤية جديدة، وستحقق، في أحسن الأحوال، أوباما 2.0، ولن تفعل السياسات قصيرة النظر لهذا الفريق الكثير للتخفيف من الاضطرابات في المنطقة.

ويشير الكاتب إلى أن فريق السياسة الخارجية والأمن القومي لبايدن يذكّر بعهد بوش، ويقول من الواضح أنه لن يدرك التكلفة الحقيقية لربط السياسة الخارجية الأميركية بمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط. فمن هذا الهوس، ازدهرت النقاط العمياء لواشنطن.

وختم بقوله إذا حاولت إدارة بايدن تكرار عهد أوباما بدلا من اغتنام الفرصة لتطبيق التغيير، فإننا نعلم بالفعل النتيجة المحتملة، إذ على الأقل، لدى شعوب الشرق الأوسط ما يكفي من الحكمة لتعلم أنه "لا يمكن لأي شخص عبور النهر مرتين، لأن النهر في تغيّر دائم".

المصدر : ميدل إيست آي