الانتخابات الإسرائيلية.. انسحابات وتحالفات تضع نتنياهو على المحك

تعزيز حظوظ نتنياهو لتشكيل حكومة يمين فاشي
لوحة إعلانية لحملة نتنياهو (الجزيرة)

انطلقت عند منتصف الليلة الماضية الحملة الانتخابية للكنيست الإسرائيلي بإغلاق لجنة الانتخابات المركزية باب الترشيح، إذ قدمت 39 حزبا قوائمها لانتخابات الكنيست الـ24 التي ستجرى يوم 23 مارس/آذار المقبل، لتكون الانتخابات الرابعة خلال عامين.

وتتمحور هذه الانتخابات حول شخص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه محاكمة بتهم فساد وخيانة الأمانة، وتتميز بمنافسة داخل معسكر اليمين لاستبداله مع الإبقاء على حكم اليمين.

وتغيب عن المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي أي احتمالات لمعسكر المركز واليسار الصهيوني لإحداث انقلاب واستبدال حكم اليمين، الذي يهيمن على الحكم منذ العام 2009.

تميزت هذه المرحلة بالاصطفاف والتوحد داخل معسكر أقصى اليمين الداعم لنتنياهو من خلال تشكيل قائمة تحالف "الصهيونية الدينية" ممثلة في رئيس حزب الوحدة القومية الوزير بتسلئيل سموتريتش، وحزب "عوتسما يهوديت" برئاسة إيتمار بن غفير، وهو من أتباع الحاخام مئير كهانا، وحزب "نوعام" المدعوم من حاخامات وشبيبة التلال، حيث تتعزز فرصها لتجاوز نسبة الحسم وتكون ورقة الحسم لنتنياهو لتشكيل حكومة في أقصى اليمين بدعم 61 من أعضاء الكنيست.

الأحزاب الحريدية تؤكد مواصلة دعمها وتحالفها مع نتنياهو
الأحزاب الحريدية تؤكد مواصلة دعمها وتحالفها مع نتنياهو (الجزيرة)

سيناريوهات تشكيل الحكومة
ينافس نتنياهو على تشكيل الحكومة المقبلة رئيس حزب "تكفا حدشاه" (أمل جديد) جدعون ساعر الذي انشق عن حزب الليكود، وكذلك رئيس حزب "يمينا" الوزير السابق نفتالي بينيت الذي سيكون صاحب القول الفصل في كل ما يتعلق بهوية الائتلاف الحكومي ورئيس الحكومة بعد حسم الصندوق، فلم يصرح حتى الآن بأنه لن ينضم إلى حكومة نتنياهو إذا لم يحصل على توصية من رئيس الدولة بتشكيل الحكومة.

وتظهر استطلاعات الرأي أنه لا يوجد بهذه المرحلة سيناريو لاحتمال تشكيل حكومة يمين واسعة ومتينة برئاسة نتنياهو، أو حتى تشكيل حكومة يمين مركز مستقرة برئاسة ساعر، ومقابل ذلك تتعزز حظوظ نتنياهو لتشكيل حكومة بأقصى اليمين إذا قرر حزب "يمينا" الانضمام إلى حكومة نتنياهو.

وتستبعد استطلاعات الرأي سيناريو تشكيل حكومة برئاسة يائير لابيد، معتمدة على أحزاب معسكر المركز واليسار وأصوات القائمة المشتركة، في حين يبقى السيناريو الأكثر واقعية لاستبدال نتنياهو حكومة يمين برئاسة ساعر وبينيت بدعم معسكر أحزاب المركز واليسار، دون الحاجة لدعم القائمة العربية المشتركة.

تحالفات باليمين وانشقاق بالمركز
وتؤيد استطلاعات الرأي حصول معسكر اليمين على أكثر من 80 مقعدا بالكنيست من أصل 120 تتنافس عليها الأحزاب التالية: الليكود برئاسة نتنياهو، و"تكفا حدشاه" بزعامة ساعر، و"يمينا" برئاسة بينيت، و"يسرائيل بيتنو" بزعامة أفيغدور ليبرمان، والأحزاب الحريدية ممثلة في "شاس" و"يهدوت هتوراة".

أما معسكر المركز واليسار الصهيوني فبالكاد يمكنه حصد 30 مقعدا، تتنافس عليها حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) بزعامة لابيد، وحزب العمل برئاسة ميراف ميخائيلي، وحزب "ميرتس" برئاسة نيتسان هوروفيتس، وكتلة "أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس، في حين ستحصل القائمة المشتركة على 10 مقاعد.

ومقابل رصّ الصفوف في معسكر اليمين وإعادة التحالفات بين التيارات والحركات اليمينية وحتى المتطرفة منها، لوحظت بهذه المرحلة انشقاقات في أحزاب المركز واليسار الصهيوني، وانسحاب الكثير من الشخصيات واعتزالها الحياة السياسية، وعدم التوصل إلى صيغة تفاهمات لتحالفات بقائمة انتخابية واحدة تمثل معسكر المركز واليسار.

نتنياهو سعى لتفكيك المشتركة وتشتيت الصوت العربي
سيدة عربية تدلي بصوتها (الجزيرة)

انشقاق القائمة المشتركة
لم تقتصر الانشقاقات على معسكر المركز واليسار، حيث انشقت القائمة العربية المشتركة على ذاتها لتخوض الانتخابات بقائمتين: تحالف المشتركة (الجبهة والتجمع والتغيير) برئاسة أيمن عودة، والقائمة الموحدة والحركة الإسلامية الجنوبية برئاسة منصور عباس.

وتعمّق الشرخ بين أقطاب المشتركة التي كانت ممثلة بـ15 مقعدا، عقب التوصية بشأن غانتس لتشكيل الحكومة عقب انتخابات مارس/آذار 2020، وهي التوصية التي فتحت الباب لدى بعض الأحزاب والحركات العربية لإبرام صفقات انتخابية مع الأحزاب الصهيونية ونتنياهو.

إضافة إلى ذلك، تتمحور الخلافات حول دعم الجبهة والحزب الشيوعي لقوانين الشواذ جنسيا، هو ما تعارضه الموحدة، واشترط الإبقاء على المشتركة بالتعهد بالحفاظ على المعتقدات الدينية واحترام التقاليد، في وقت اتهمت فيه الجبهة وشركاؤها الموحدة بدعم نتنياهو وإبرام صفقات معه والاستعداد لدعم حكومته المستقبلية من الخارج.

نواب تحالف المشتركة خلال تقديم القائمة لانتخابات الكنيست (تصوير الطاقم الإعلامي لتحالف المشتركة التي عممها على وسائل الإعلام)
نواب تحالف المشتركة خلال تقديم القائمة لانتخابات الكنيست (الطاقم الإعلامي لتحالف المشتركة)

معسكر اليمين وأصوات العرب
وأوضحت سيما كدمون محللة الشؤون الحزبية في صحيفة يديعوت أحرونوت أن نتنياهو ينطلق في الحملة الانتخابية لليكود بتوافق لا يمكن الاستخفاف به، الأول جذب أقصى عدد من أصوات معسكر اليمين لصالحه وتفكيك القائمة المشتركة وتشتيت صوت الناخب العربي.

وأشارت إلى أن وحدة العرب بقائمة مشتركة وعدم التحالف بين صفوف أحزاب وحركات أقصى اليمين حالا دون تشكيل حكومة مستقرة.

وترجح كدمون أن نتنياهو قد يتجه لتشكيل حكومة يمين ضيقة تعتمد على 61 من أعضاء الكنيست وتكون رهينة لكتلة أقصى اليمين المؤلفة من سموتريتش وبن غفير، وقد تكون مثل هذه الحكومة المؤقتة ورقة ضغط على مختلف الأحزاب في اليمين وتحديدا حزب "تكفا حدشاه"، لإجبارها على الدخول لحكومة واسعة برئاسته عوضا عن سيناريو حكومة أقصى اليمين.

وتعتقد محللة الشؤون الحزبية أن انقسام القائمة المشتركة سيكون لصالح نتنياهو، إذ سيسهم الانقسام في تشتيت وحرق أصوات للعرب وتراجع قوة وتأثير الكتلة الانتخابية العربية، وهذا جيد لمعسكر اليمين، علما أن حصول القائمة المشتركة على 15 مقعدا منع نتنياهو في جولات الانتخابات الأخيرة من تشكيل حكومة متينة ومستقرة.

سيناريو حكومة أقصى اليمين
السيناريو ذاته يتوقعه يوسي فيرتر محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس، الذي يعتقد أن فرص نتنياهو لتشكيل حكومة أقصى اليمين ضيفة تعززت بعد نجاحه في توحيد صفوف الأحزاب والحركات المتطرفة ضمن قائمة انتخابية واحدة "الصهيونية الدينية".

وذكر أن استطلاعات الرأي تمنح "الصهيونية الدينية" إمكانية عبور نسبة الحسم بحصول على 4 إلى 6 مقاعد، وهي القائمة التي تدعو إلى حكم عبر تعاليم التوراة والإكراه الديني وبناء الهيكل مكان قبة الصخرة، وهذا بمثابة حلم لنتنياهو في تشكيل حكومة متطرفة تمنحه الحصانة وتحول دون محاكمته بملفات الفساد.

وأوضح فيرتر أن نتنياهو الذي نجح في تفكيك القائمة المشتركة التي تخوض الانتخابات بقائمتين سيتراجع تمثيلها البرلماني، وإذا لم تتجاوز القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس نسبة الحسم، فإنه سيضاف عضوا كنيست إلى الكتلة التي تؤيد منحه الحصانة. وإذا تجاوز نسبة الحسم فليس من المستبعد أن يبرم معه صفقات.

المصدر : الجزيرة