بين دعاوى الانعقاد والتأجيل.. انتخابات الصحفيين تشعل الجدل في مصر

صحفيون ينتقدون الضعف الذي أصاب نقابة الصحفيين (مواقع تواصل)
يقع مقر نقابة الصحفيين على بعد مئات الأمتار من ميدان التحرير في قلب القاهرة (مواقع التواصل)

انتظر الصحفيون المصريون أمس الأربعاء، على أحر من الجمر لمعرفة قرار مجلس الدولة (القضاء الإداري) بشأن مصير عقد انتخاباتهم المقررة في مارس/آذار المقبل، ما بين رغبة مجلس النقابة في التأجيل، ورغبة كثير من الصحفيين في الانعقاد بضوابط احترازية تمنع العدوى.

وجاء قرار مجلس الدولة برفض طلب مجلس النقابة الموجه إليه لاستفتائه بشأن عقد الانتخابات؛ نظرا لوجود دعوى قضائية تطالب بتأجيلها، ما شكل صدمة للصحفيين من وجود هذه الدعوى أصلا، واعتبروا الأمر تسويفا متعمدا وتواطؤا ما بين مجلس النقابة والحكومة، لعدم عقد الانتخابات "المؤرقة" للحكومة ورجالها في المجلس، وفق صحفيين.

وكانت وزارتا الداخلية والصحة قررتا الثلاثاء رفض طلبات مجلس النقابة بعقد سرادق مفتوح في حرم النقابة؛ "نظرا لقرارات الحكومة بعدم التجمع لمنع انتشار كورونا"، وهو ما أثار حالة من الاحتجاج والسخرية؛ نظرا لأن الحكومة نفسها قررت عقد امتحانات الطلاب في موعدها، وما يستتبع ذلك من زحام وتكدس في قاعات الامتحانات بالمدارس والجامعات.

كما أجرت الحكومة نفسها انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب في ظل الجائحة، وقبل أيام انعقدت انتخابات نقابة المحامين، التي يقع مقرها إلى جوار مقر نقابة الصحفيين بعدد من الناخبين يعادل أضعاف أعداد الصحفيين.

بدوره، قال وكيل نقابة الصحفيين ورئيس اللجنة المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين، خالد ميري، إن اللجنة مستمرة في إجراءات انعقاد الجمعية العمومية لحين صدور حكم القضاء الإداري، يوم الأحد المُقبل، بالبت في مصير الانتخابات.

وكان المرشح للانتخابات أيمن مصطفى الصحفي بموقع اليوم السابع حاليا، قد أقام دعوى قضائية تطالب بوقف انتخابات النقابة؛ بسبب انتشار فيروس كورونا، مطالبا بتأجيلها لحين انتهاء تلك الجائحة.

وتابع ميري في تصريحات صحفية أن وزارة الصحة رفضت إقامة سرادق الانتخابات؛ بسبب فيروس كورونا وخطورته على صحة الأعضاء.

وتقدم للترشح لعضوية المجلس 55 مرشحا، فيما يتنافس على مقعد النقيب 6 مرشحين، أبرزهم النقيب الحالي ورئيس هيئة الاستعلامات، ضياء رشوان، الذي يترشح للمرة الثانية رغم قرار سابق للجمعية العمومية للصحفيين عام 2019 بحظر شغل المرشح لمقعد النقيب أي منصب حكومي يمكن أن يؤثر على قراراته سلبا حال نجاحه.

ويشغل رشوان منصب رئيس هيئة الاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية، ما يعني أنه موظف حكومي، وتعرض لانتقادات من الصحفيين طوال عامي شغله لمنصب النقيب بأنه "يخشى اتخاذ قرارات تغضب السلطة، وتتسبب في إقالته من منصبه الرفيع".

وتقدم أمس الصحفي بمؤسسة الأهرام كارم يحيى، والمنافس الأقوى على مقعد النقيب، بطعن ضد ترشح رشوان -بناء على قرار الجمعية العمومية المشار إليه- ، وهو محسوب على تيار الطريق الثالث المطالب باستقلال النقابة بعيدا عن التوجيهات الحكومية وتوجهات التيارات السياسية، كما ينافسهما على المقعد نفسه الصحفي بمؤسسة أخبار اليوم رفعت رشاد، الذي نافس رشوان على مقعد النقيب بقوة في الانتخابات الماضية.

الجمعية العمومية السابقة أقرت قرارات مهمة لضمان استقلالية النقابة لم ينفذ معظمها وسط شكوك من انعقادها مجددا الشهر المقبل. (تصوير خاص ـ الجمعية العمومية لعام 2019 ـ القاهرة ـ مصر ـ أرشيف )
الجمعية العمومية السابقة اتخذت قرارات مهمة لضمان استقلالية النقابة لم ينفذ معظمها (الجزيرة نت-أرشيف)

رغبة في التأجيل

وكشفت مصادر نقابية للجزيرة نت عن وجود رغبة بداخل مجلس النقابة في تأجيل الانتخابات بحجة الخوف على الصحفيين من العدوى بكورونا خلال زحام يوم الانتخابات، لافتا إلى تجاهل المجلس مناقشة المقترحات كافة، التي تقدم بها الصحفيون لعقد انتخابات آمنة.

ولفت المتحدث إلى أنه كان من بين المقترحات عقد الانتخابات على عدة أيام بترتيب الحروف الأبجدية للناخبين؛ تخفيفا للزحام، أو عقدها في حرم النقابة المفتوح بالشارع، أو عقدها في مكان مفتوح واسع تستأجره النقابة ليوم عقد الانتخابات؛ مثل مركز شباب الجزيرة القريب من مقر النقابة، أو أرض فضاء قريبة من النقابة، غير أن كل هذه الاقتراحات واجهت اعتراضات مبررة بالعجز عن تنفيذها.

ويكاد إجماع الصحفيين يذهب إلى ضرورة عقد الانتخابات في موعدها بإجراءات احترازية ضامنة لصحة الناخبين، مؤكدين على ضرورة التغيير، وسط شكوك في نوايا المجلس الحالي الرامية للبقاء بدون انتخابات بحجة كورونا.

وقارن مغردون بين قرار الحكومة بمنع انتخابات الصحفيين بحجة كورونا، وقرارها عقد امتحانات الطلاب وإجراء انتخابات النواب والشورى في موعدها في ظل انتشار كورونا.

 

وفور صدور قرار مجلس الدولة أمس ثار الصحفيون على صفحات التواصل الاجتماعي مطالبين بعقد الانتخابات في موعدها، ومؤكدين على ضرورة التمسك بوحدة الصف، كما أكدوا أن "ألاعيب الحكومة، وتلاعب المجلس" بمصير النقابة يمكن أن يؤدي إلى فرض الحراسة عليها، والدخول في نفق مظلم وسط دعاوى قضائية متبادلة.

ووفق تقارير صحفية محلية، تقدم صحفي بدعوتين قضائيتين أمام محكمة القضاء الإداري، طالب فيهما بفرض الحراسة القضائية على نقابة الصحفيين، وكذا وقف انتخابات النقابة لحين الفصل في دعواه لرفض النقابة إدراج اسمه ضمن كشوف المرشحين.

ورأى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة سابقا، قطب العربي، أن هناك محاولات لـ"تجميد نقابة الصحفيين"، وهي ليست مجرد "رغبة شخصية" للنقيب وأعضاء بالمجلس؛ لكنها إرادة نظام قرر قطع لسان هذه النقابة، التي كانت جزءا رئيسا من ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، عبر استضافتها لكل أصوات التغيير والديمقراطية في أيام مبارك، وعبر احتضانها للعديد من الوقفات والندوات، ودفاعها المستميت عن الحريات العامة وحرية الصحافة بشكل خاص.

وعدّد العربي في حديثه للجزيرة نت مظاهر رغبة السلطة في تجميد النقابة بـ"وقف الندوات، ومنع الوقفات في مدخل النقابة، الذي كان مكانا معتادا لذلك، ثم عمل سقالات بدعوى أعمال الصيانة؛ لتكون مانعا صناعيا من التظاهر، وبوابات إلكترونية تمكن من السيطرة على الدخول، وإشغال الأماكن التي كانت مخصصة لاستراحات الصحفيين فضلا عن غلق كافتيريا النقابة".

ولفت الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للصحافة إلى "تسارع خطوات تجميد النقابة" بعد اقتحامها الشهير في 2016 بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، والقبض على صحفيين داخلها، وهو "اقتحام غير مسبوق" في تاريخ النقابة.

وأكد المتحدث أن الصحفيين اليوم إزاء خطوة جديدة في مسار تجميد النقابة بمنع إجراء الانتخابات بحجج "واهية ومفضوحة" بدعاوى كورونا، رغم أن هذا الوباء لم يمنع باقي الاجتماعات العامة في مصر؛ ومنها انتخابات مجلسي النواب والشيوخ وانتخابات نقابات مهنية أخرى إحداها نقابة المحامين الملاصقة لنقابة الصحفيين.

وأشار إلى أن كورونا لم يمنع عزم السلطة على إجراء امتحانات الطلاب حضوريا وهم بالملايين، بينما "تستخدم" السلطة بعض رجالها في النقابة لمحاولة التأجيل عبر "ألاعيب منتهية الصلاحية"، فتلجأ لمجلس الدولة مرة، ومرة تلجأ لوزارة الصحة ثم الداخلية، بينما يحدد القانون الجهة المختصة بترتيبات الانتخابات، وهي النقابة ذاتها دون غيرها.

وطالب العربي الصحفيين بالتمسك بإجراء الانتخابات في وقتها، وعدم "التساهل" إزاء تلك الجهود "الخبيثة" لوقفها، معربا عن اعتقاده بأنه لو تصاعدت "ضغوط" الجمعية العمومية، فإن ذلك "سيجبر السلطة على إجراء الانتخابات مع تقديم حوافز للمرشحين القريبين منها؛ لدعمهم انتخابيا بهدف السيطرة على المجلس".

ورغم كل ما يطرحه العربي يبقى احتمال التأجيل قائما، خاصة مع تصاعد الأصوات المتبنية لقضايا الحريات بين المرشحين، سواء على موقع النقيب أو عضوية المجلس، وهو الملف الذي يمثل "رعبا" للسلطة، برأيه، حيث يوجد حوالي 75 صحفيا وإعلاميا بينهم 15 عضوا بالنقابة داخل السجون، بخلاف المظاهر الأخرى لـ"قمع" حرية الصحافة، وهو ملف "حساس" حتى على المستوى الدولي حاليا.

وفور إعلان فتح الباب للترشح لعضوية المجلس برزت قضية المعتقلين عبر لافتات ودعايات، دعت لانتخاب رمزي للصحفيين المعتقلين، كما دعت لانتخاب من يتبنى قضيتهم بشكل واضح.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي