إندبندنت: لا عدالة ولا سلام في ليبيا ما لم يعاقَب أمراء الحرب

ليبيا احتفلت بالذكرى العاشرة للثورة ضد نظام القذافي في 17 فبراير/شباط الجاري (رويترز)

قالت صحيفة إندبندنت (Independent) البريطانية إن ليبيا بعد 10 سنوات من الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام معمر القذافي باتت تتجاذبها رؤيتان متناقضتان، الأولى سياسية توجت بانتخاب إدارة انتقالية برعاية أممية خلال منتدى الحوار الليبي مطلع هذا الشهر في جنيف، والثانية عسكرية ألفها الكثيرون خلال العقد الماضي وتقترن بالمليشيات وفرق الموت والتفجيرات والقتل.

وذكرت الصحيفة -في تقرير لمحررها للشؤون الدولية بورزو دراغاهي- أنه دون "نوع من العدالة الانتقالية" ستبقى الرؤيتان متعايشتين -بل ربما ستزدهران- لسنوات وعقود طويلة، وستبقى الأولى بمثابة قناع مبتسم طيب للثانية المتجهمة والساخرة.

وأكدت أن الرؤية الأمنية العسكرية تم تفصيلها في تقرير مثير للقلق أصدرته منظمة العفو الدولية في ذكرى الثورة في 17 فبراير/شباط الماضي، تحدث عما يقوم به المسلحون الموالون للقادة السياسيين من خرق لسيادة القانون مع قليل من المساءلة عن جرائم الحرب والإعدامات الميدانية والتعذيب والاختطاف وجرائم الإخفاء القسري.

وقد حاولت الأمم المتحدة جاهدة -بحسب الصحيفة- أن توفق بين هاتين الرؤيتين المتباينتين، من أجل تدعيم المؤسسات المدنية الناشئة، مع الاستمرار في التضييق على الجماعات المسلحة التي لم تعد أمامها لهذا السبب خيارات كثيرة سوى نقل خلافاتها وتطلعاتها للمعترك السياسي.

وقد استعرضت المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني وليامز الأسبوع الماضي مختلف الإجراءات والخطط البديلة التي تم وضعها للتأكد من ألا يتسبب أمير الحرب اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد ولا التكتلات السياسية والعسكرية المختلفة التي تهيمن على الغرب، في إفساد العملية السياسية في الوقت الذي تحاول فيه البلاد العودة لحياتها الطبيعية.

كما أعلن كل اللاعبين الرئيسيين في ليبيا ومن يدعمونهم من الخارج، بما في ذلك مصر وتركيا والإمارات وروسيا، تأييدهم العلني للمسار السياسي.

على صعيد آخر، يشير تقرير لمنظمة العفو الدولية إلى أنه جرى إضفاء الشرعية على العديد من قادة المليشيات الليبيين واعتبارهم فاعلين سياسيين بالرغم من أنهم لم يحاسبوا قط على جرائمهم، ومنها اغتيال المعارضين السياسيين.

لا ضمانات

وتؤكد الصحيفة أن هناك في واقع الأمر القليل -وربما لا يوجد أصلا- من الضمانات على أن المتهمين بارتكاب جرائم حرب لن يحققوا أكبر الامتيازات ويتقلدوا أعلى المناصب في أي حكومة ليبية مستقبلا.

وترى ديانا الطحاوي في تقرير منظمة العفو الدولية أنه "ما لم يتم تقديم المسؤولين عن الانتهاكات إلى العدالة بدل مكافأتهم بمناصب ومواقع في السلطة، فإن العنف والفوضى والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان ومعاناة المدنيين اللامتناهية التي شهدتها ليبيا ما بعد القذافي، ستستمر وبلا هوادة".

وتختم الصحيفة بأن صناع السلام الأمميين يرون أن هناك فرصة في أن المجرمين المزعومين الأقوياء في ليبيا، بعد أن أفلتوا من العدالة واكتسبوا قدرا من الشرعية، يمكنهم أن يقرروا أخيرا وضع أساليبهم القديمة خلفهم واستبدال بدلات أكثر تواضعا محل بزاتهم العسكرية، ويحتضنوا العملية السياسية بإخلاص.

لكن هذا المخرج لا يحرم ضحايا الانتهاكات الليبية من حقهم في العدالة فحسب، وإنما يعتبر من خلال النظر لتجارب الماضي دربا نادر النجاح لأن التاريخ أثبت دوما أن "أمير الحرب القاتل اليوم هو الدكتاتور القاتل غدا".

المصدر : إندبندنت