إثارة الفوضى وخلط الأوراق.. من يقف وراء استهداف أربيل بالصواريخ؟

الكاظمي اعتبر الهجوم محاولة لخلق الفوضى وخلط الأوراق

هجمات أربيل تعد الثانية من نوعها خلال أشهر (رويترز)

تعرضت مدينة أربيل، كبرى مدن إقليم كردستان العراق، مساء الاثنين لهجمات بمجموعة من الصواريخ استهدفت مطارها الدولي والقاعدة العسكرية الأميركية القريبة منه، مما أسفر عن سقوط قتيل وإصابة 9 أفراد، بينهم 4 متعاقدين أميركيين.

وتعد هجمات أربيل الثانية من نوعها خلال أشهر، إذ كانت قد تعرضت لهجمات مماثلة يوم 30 سبتمبر/أيلول الماضي واتُهمَت بها جهات من الحشد الشعبي بالوقوف وراءها، إلا أن الهجوم الجديد يعد الأول بعد مجيء الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض.

وبعد الهجمات بساعات، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن العمل الذي وصفه بـ"الإرهابي" واستهدف إقليم كردستان، يهدف إلى خلق الفوضى وخلط الأوراق، وأنه يأتي مع الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة لتهدئة الأوضاع في المنطقة وإبعاد البلد عن الصراعات وأن لا يكون العراق حديقة خلفية لها.

على الجانب الكردي، أكد سمير هوراني المتحدث باسم نائب رئيس إقليم كردستان أنه حتى اللحظة لا تزال الجهات الأمنية في الإقليم، وبالتعاون مع الحكومة العراقية، على اتصال مباشر وتجري تحقيقات دقيقة لمعرفة ملابسات الحادث.

وفيما يتعلق بإصابة عدد من الجنود الأميركيين ومقتل مقاول يحمل الجنسية الأجنبية، تابع هوراني في حديثه للجزيرة نت أن موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كان واضحا بإدانة الهجمات، غير أن حكومة الإقليم لا تستطيع اتهام أحد ما لم تنته التحقيقات.

مو مواقع التواصل الاجتماعي - المحلل السياسي الكردي - هيوا عثمان
عثمان اعتبر أن الهجوم رسالة إيرانية واضحة للإقليم وللولايات المتحدة (مواقع التواصل)

التوقيت والرسائل

ويشير عدد من الخبراء والباحثين إلى أن هناك العديد من الرسائل المراد إيصالها عبر الهجوم، إذ يقول المحلل السياسي الكردي هيوا عثمان إن ما جرى أمس في أربيل يعد رسالة إيرانية واضحة للإقليم وللولايات المتحدة، فنوع الصواريخ والمنصة التي أُطلقت منها واسم الجماعة التي تبنت الهجوم ولغة البيان، جميعها تقول إن ما جرى يمثل "صنع في إيران"، بحسب تعبيره.

وأضاف عثمان في حديثه للجزيرة نت أن الولايات المتحدة ستسوي ملفاتها مع إيران، وحينها لن يكون هناك مكان للكرد في هذه التسوية، لافتا إلى أن على أربيل التواصل بشكل جِدّي مع إيران وتبديد أي مخاوف لديها من الإقليم، معتبرا أن الاعتماد على ما وصفه بالغضب الأميركي سيسهم في تكرار ما حدث وربما أكثر.

ونقلت وكالة فارس للأنباء عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة نفيه وجود أي علاقة لبلاده بالهجوم على أربيل، معتبرا أن استقرار وأمن العراق قضية أساسية للمنطقة وجيرانها.

وكان فصيل غير معروف يطلق على نفسه اسم "سرايا أولياء الدم" قد تبنى في بيان عملية أربيل، مشيرا إلى استهدافه قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بتوجيهه 24 صاروخا نحو قاعدة أميركية من مسافة 7 كيلومترات.

فاضل أبو رغيف
أبو رغيف اعتبر أن تبني فصيل "سرايا أولياء الدم" المسؤولية عن الهجوم مشكوك فيه (الجزيرة)

إرهاصات الإقليم

من جانبه، اعتبر المحلل الأمني والإستراتيجي فاضل أبو رغيف أن ما جرى في أربيل لا يعد محاكاة لما يجري من استهداف متكرر للسفارة الأميركية ببغداد، معللا ذلك بأن خصوصية الوضع وما وصفها بالإرهاصات داخل الإقليم تختلف عما عليه الحال ببغداد.

أبو رغيف، في حديثه للجزيرة نت، اعتبر أن هناك مشكلات كبيرة داخل الإقليم، مبينا أن هناك حالة احتقان بين أربيل وبين حزب العمال الكردستاني، مبينا أن الصواريخ بحاجة لمسافة قليلة نسبيا للوصول لمطار أربيل الدولي، ومشيرا إلى أن المسافة بين أربيل وحدود المحافظات العراقية أبعد من مدى الصواريخ المستخدمة.

واعتبر أبو رغيف أن ما جرى في أربيل يعد استهدافا للتراب العراقي، مشيرا إلى أن بيان فصيل سرايا أولياء الدم مشكوك فيه، ومعللا ذلك بأن لغة البيان كانت ركيكة وأن المعطيات التي أوردها متناقضة، فضلا عن أن هذا الفصيل لا يمتلك القدرة على نصب قاعدة صواريخ ضمن مناطق تخضع لأمن الإقليم، لا سيما أن العقيدة والأيديولوجية تختلف جذريا بين الطرفين.

الكاتب والمحلل السياسي كفاح محمود
محمود رأى أن الهجمات محرجة للحشد الشعبي الذي يعد جزءا من المنظومة الأمنية في البلاد (الجزيرة)

وفي غضون ذلك، أكد المحلل السياسي وكفاح محمود مستشار رئيس إقليم كردستان الأسبق أن الأسلوب الذي اتبع في هجوم أربيل هو ذاته الذي اتبع في هجمات سبتمبر/أيلول الماضي، مشيرا إلى أن الهجمات جاءت بذات نوع الصواريخ المستخدم في استهداف السفارة الأميركية ببغداد.

وعن الأهداف، يرى محمود أن هذه الهجمات تأتي من أجل زيادة الضغوط على حكومة مصطفى الكاظمي، واختبارا للإدارة الأميركية الجديدة، واختبارا للمدى الذي يمكن أن تدعم فيه واشنطن الإقليم.

ولا يخفي محمود في حديثه للجزيرة نت أن الهجوم يأتي في ظل تأزم العلاقة بين بغداد وأربيل فيما يتعلق بالكثير من القضايا على رأسها الموازنة العامة للبلاد وحصة الإقليم فيها، منبها إلى أن أهداف الهجمات لا تخرج عن كونها إثارة للفتنة، وأنها قد تكون نابعة من فصائل تعمل خارج إرادة الحشد الشعبي الذي ينأى بنفسه عن هذه الأفعال، فضلا عن أنها تأتي محرجة للحشد الذي يعد جزءا من المنظومة الأمنية في البلاد.

وعلى الرغم من محاولات الجزيرة نت التواصل مع المتحدث باسم الحشد الشعبي في العراق أحمد الأسدي والعديد من أعضاء لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي، فإن الجزيرة نت لم يتلق أي رد حتى عبر الرسائل النصية أو الإلكترونية.

صورة حصرية - المحلل السياسي - إياد عنبر
عنبر اعتبر أن الهجوم رسالة للأميركيين بأنه لا يمكن التعويل على حلفاء خارج بغداد (الجزيرة)

احتمالات مفتوحة

أما المحلل السياسي إياد عنبر فيرى أن الجهة التي تبنت العملية غير معروفة على مستوى التنظيم أو المسؤولين، لافتا إلى أن ذلك شبيه بالاستهداف المتكرر للسفارة الأميركية ببغداد وأرتال الدعم اللوجستي، وبالتالي فالاحتمالات مفتوحة كأن يكون هناك فصيل مسلح يحاول خلط الأوراق، بحسب تعبيره.

وأضاف عنبر للجزيرة نت أن الأهم يتمثل في التوقيت والأهداف، وأن الهجوم قد يكون محاولة اختبار للرد الأميركي في ظل الإدارة الجديدة، ومحاولة إبقاء الوضع في البلاد على ما هو عليه، فضلا عن احتمال أن الاستهداف قد يشير إلى رسالة من جهات داخلية وخارجية لإعلام الأميركيين أنه لا يمكن التعويل على حلفاء خارج بغداد، وأنهم يمتلكون القدرة على استهداف أي وجود أميركي حتى في إقليم كردستان العراق.

المصدر : الجزيرة