بعد 10 أعوام على ثورته.. خريطة النفوذ والسيطرة في اليمن

بعد عقد من الزمان على اندلاع ثورة فبراير/شباط 2011 بات اليمن أكثر تشرذما وأبعد عن الاستقرار والديمقراطية

تقسيم النفوذ في اليمن
خريطة تقاسم مناطق سيطرة القوى المتحاربة في اليمن (الجزيرة)

انقضى عقد على ثورة اليمنيين التي اندلعت يوم 11 فبراير/شباط 2011 ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لكن البلاد لم تنته إلى دولة مستقرة وديمقراطية كما كان يأمل الثائرون حينها، بل تشظت إلى مناطق نفوذ محكومة من أطراف تخوض حربا لم تنته منذ أواخر 2014.

وصار اليمن مقسّما بين الحكومة المعترف بها دوليا، وجماعة الحوثيين، والمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة، بالإضافة إلى وجود لتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.

وترى الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ميساء شجاع الدين أن البلاد كانت تتجه للوضع الحالي قبل اندلاع ثورة 11 فبراير، إذ واجهت الحكومة تمردا في الشمال وحركة انفصالية في الجنوب، في وقت سعى فيه صالح لتوريث الحكم لنجله أحمد وأقاربه.

وتقول شجاع الدين للجزيرة نت إن "ثورة فبراير فشلت في إنقاذ البلاد من مصير الانقسام، وهذا يمثّل إخفاقا كبيرا لها بسبب انعدام الرؤى للقوى الثورية وغياب القيادة فيها".

حكومة هادي

بعد 10 أعوام من الثورة اليمنية، تسيطر حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليّا على الجزء الأكبر من مساحة البلاد الجغرافية، لكن معظمها أراض صحراوية، وحاضرة في المحافظات النفطية مأرب وشبوة وحضرموت، إضافة لمحافظة المهرة.

كما تسيطر الحكومة على أجزاء من محافظات أبين والجوف، وتحضر صوريّا في عدن العاصمة المؤقتة منذ وصولها إلى المدينة أواخر يناير/كانون الثاني 2020 قادمة من الرياض.

ويقيم الرئيس هادي في العاصمة السعودية منذ وصوله إليها فارا من مدينة عدن نهاية مارس/آذار 2015، بعد أن مر بسلطنة عُمان لينجوا بنفسه من القصف الجوي الذي شنه الحوثيون وقوات صالح على قصر معاشيق.

ووفق مصدر مطّلع تحدث للجزيرة نت، فإن هادي غادر نحو سلطنة عُمان دون تنسيق، وعلى الحدود ظل لساعات قبل أن تجري معه الاستخبارات البريطانية اتصالا لساعات بغية التحقق من هويته.

ورغم أنه صعد للحكم خلفا لصالح الذي تنحى تحت ضغط ثورة فبراير التي انطفأ وهجها بتسوية سياسية نصت عليها المبادرة الخليجية، فإنه يدخل عامه التاسع في السلطة على أنقاض بلد يعاني أسوأ أزمة إنسانية، بحسب وصف الأمم المتحدة.

جماعة الحوثيين

يُنظر لجماعة الحوثيين على أنها سبب ما آل إليه اليمن، فبعد تحالفها مع صالح الذي عاد للانتقام من ثورة فبراير، شنت حربا على قوات الجيش في محافظة عمران، واقتحمت صنعاء يوم 21 سبتمبر/أيلول 2014 لتهوي بالبلاد إلى جحيم الحرب.

انقلب الحوثيون على الاتفاقات مع الحكومة، وسيطروا على معظم المحافظات في مارس/آذار 2015، قبل أن تقف أمامهم المقاومة الشعبية التي تشكلت من شباب ثورة فبراير وعسكريين، ليتدخل التحالف بقيادة السعودية يوم 26 من الشهر ذاته.

وبعد تمددهم خارج معقلهم في محافظة صعدة شمالي اليمن، يسيطر الحوثيون على معظم محافظات البلاد المكتظة بالسكان بما فيها العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة التي تحوي ميناء إستراتيجيّا.

وخلال الآونة الأخيرة يشن الحوثيون هجمات مكثفة على محافظة مأرب، معقل القوات الحكومية، بعد أيام من تحقيقهم مكاسب عسكرية باتجاه الشرق، رغم افتقارهم للقوات الجوية التي فقدوها في الساعات الأولى من العمليات العسكرية للتحالف.

وبات الحوثيون من يملك زمام المبادرة، إذ استغلوا الانقسام الجاري بين المعسكر المناهض لهم، ليطوروا من قوتهم العسكرية، في حين توجه لهم تهم بتلقي الدعم من إيران.

ضد مظاهرات غاضبة.. المجلس الانتقالي الجنوبي يلجأ لآلة القمع
المجلس الانتقالي تنحصر سيطرته على محافظات عدن ولحج والضالع وأبين، إضافة إلى جزيرة سقطرى (الجزيرة)

المجلس الانتقالي الجنوبي

بدعم من الإمارات، أُعلن تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله منتصف 2017، وضم تحت لوائه قوات الحزام الأمني المنتشرة في محافظات عدن ولحج وأبين وجزء من محافظة الضالع، وقوات النخبة الشبوانية المنتشرة في أجزاء من محافظة شبوة، وقوات النخبة الحضرمية المنتشرة في مدن ساحل حضرموت.

وفي أغسطس/آب 2019 اندلع قتال بين قوات المجلس والقوات الموالية للحكومة، وانتهى بسيطرة الانتقالي على مدينة عدن ومعظم محافظات الجنوب.

ويعترف المجلس الانتقالي بالحكومة اليمنية، غير أنه لا يسمح لها بنشر قواتها، وبعد معارك بين الطرفين خلال 2020، تنحصر سيطرته على مدينة عدن ومحافظة لحج وأجزاء من محافظتي الضالع وأبين، بالإضافة إلى جزيرة سقطرى، بعد أن فقد محافظة شبوة.

ورغم عودة الحكومة إلى عدن وفق اتفاق الرياض الموقع بينها وبين الانتقالي أواخر 2019، فإنها تبقى مجردة من قوتها التي يرفض الانتقالي عودتها إلى معسكراتها.

طارق محمد عبد الله صالح، ابن شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح.
طارق محمد عبد الله صالح ابن شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح (مواقع التواصل الاجتماعي)

القوات المشتركة

في نهاية عام 2017، أعلن صالح فك عرى التحالف مع الحوثيين لتندلع المواجهات بين قوات الطرفين في العاصمة صنعاء، وانتهت بمقتل صالح وفرار ابن شقيقه طارق، الذي قاد المعارك ضد الحوثيين.

ورغم التقارير التي أكدت مقتله، فإن طارق صالح ظهر فجأة في شبوة، وبدعم إماراتي شكّل قوات ضخمة سرعان ما فرضت سيطرتها على حساب قوات العمالقة السلفية في الساحل الغربي، حيث تقدمت الأخيرة نهاية 2018 نحو مدينة الحديدة الإستراتيجية غربي البلاد.

وتمثّل قوات المقاومة الوطنية التي يقودها طارق صالح أبرز الفصائل العسكرية المنضوية في القوات المشتركة التي تسيطر على الشريط الساحلي الممتد من مضيق باب المندب الإستراتيجي حتى مدينة الحديدة، لكن قوات طارق لا تعترف بشرعية الرئيس هادي.

وكان طارق صالح واحدا من أبرز القادة العسكريين الذين قاتلوا إلى جانب الحوثيين ضد القوات الحكومية والمقاومة الشعبية.

تنظيم القاعدة اتهم الحوثيين باستكمال ما سماه المشروع الرافضي الفارسي في اليمن (الجزيرة-أرشيف)
تنظيم الدولة الإسلامية غاب مؤخرا عن ساحة الأحداث في اليمن (الجزيرة-أرشيف)

تنظيما القاعدة والدولة

سيطر تنظيم القاعدة على محافظة أبين جنوبي اليمن في 2012 مستغلًا ثورة فبراير قبل أن يخسر وجوده على وقع هجوم قوات الجيش، وما لبث أن عاد للسيطرة على مدينة المكلا في أبريل/نيسان 2015 مستغلا هذه المرة انقلاب الحوثيين.

وبعد عام واحد انسحب التنظيم من المكلا بعد تفاهمات أُجريت بين التنظيم وقيادات محلية سمحت بتقدم حملة عسكرية يقودها التحالف السعودي نحو المدينة. واختفى عناصر تنظيم القاعدة، لكن بين حين وآخر يعلن عن نفسه في محافظتي البيضاء وشبوة.

وبعد ظهور لافت قبل 5 أعوام، تلاشى وجود تنظيم داعش الذي كان حاضرا في معسكرات محدودة بمحافظة البيضاء، وتراجع أمام الرفض الذي قوبل به من السكان المحليين على عكس تنظيم القاعدة.

المصدر : الجزيرة