خبراء يجيبون.. هذه أهداف طالبان من زيارة موسكو وطهران

Taliban delegation visits Russia
وفد طالبان بقيادة شير محمد عباس ستانكزاي بعقد مؤتمرا صحفيا بموسكو بعد اجتماعه مع المبعوث الروسي الخاص لأفغانتسان زامير كابولوف (الأناضول)

تطرح الزيارة التي قام بها وفدان من حركة طالبان إلى كل من موسكو وطهران، العديد من الأسئلة خاصة وأنها تأتي بعد إعلان الإدارة الأميركية الجديدة أنها ستراجع اتفاق السلام الذي أبرمته مع الحركة العام الماضي في العاصمة القطرية الدوحة.

وبحث وفد من حركة طالبان برئاسة شير محمد عباس ستانكزاي نائب رئيس المكتب السياسي للحركة في موسكو المصالحة الأفغانية، وذلك بعد يومين من زيارة مماثلة لوفد من الحركة برئاسة الملا عبد الغني برادر إلى طهران.

وجاءت الزيارة لوفود من طالبان لكل من إيران وروسيا بعدما أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنها تراجع أداء طالبان لالتزاماتها بموجب اتفاق السلام الموقع بين الجانبين في فبراير/شباط من العام الماضي بالدوحة.

Iran hosts Afghan Taliban leader as peace talks stalled
مباحثات بين وفد حركة طالبان ومسؤولين إيرانيين في طهران (رويترز)

طالبان وعلاقتها الخارجية
الملا أختر منصور الزعيم الثاني لحركة طالبان ومؤسس علاقات طالبان مع دول الجوار الأفغاني خاصة مع إيران وروسيا، يعدّ زيارة مسؤولين في المكتب السياسي لحركة طالبان هي الثانية للدولتين بعد توقيع اتفاق الدوحة.

ووفق منصور، فإن الحركة تمكنت منذ سنوات من إخراج نفسها من العباءة الباكستانية إلى حد كبير، وتوسعت علاقاتها مع دول مختلفة مثل الصين وروسيا وألمانيا.

وهناك تباين داخل الحكومة الأفغانية بشأن زيارة وفود من طالبان لدول بالمنطقة، حيث قالت الخارجية الأفغانية إن "زيارة وفد الحركة إلى إيران كانت بالتنسيق معنا، وإن الجانب الإيراني أبلغنا أن وفدا من طالبان سيزور طهران".

ولكن مجلس الأمن القومي الأفغاني عارض هذه الزيارة إلى طهران، وينظر إليها نظرة ريب وشك، وقال المتحدث باسم المجلس رحمة الله اندر للجزيرة نت "بدل أن ترسل حركة طالبان وفودها إلى هذه الدول، عليها الجلوس إلى طاولة المفاوضات والبحث عن السبل التي تؤدي إلى حل الصراع، ولا يوجد الحل عند الإيرانيين أو الروس وإنما في الدوحة".

تباين في موقف الحكومة الأفغانية
ومن وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي حكمت جليل، فإن هناك تباينا واضحا في موقف الحكومة الأفغانية من هذه الزيارات، وأنه على الخارجية الأفغانية أن لا تصرح بمثل هذا التصريح عن زيارة وفد طالبان إلى إيران وكأنها تسمح لطهران بأن تتدخل في عملية السلام في أفغانستان.

ويعتقد جليل، في حديثه للجزيرة نت، أن طالبان كأنها تريد أن تقول للإدارة الأميركية الجديدة "ما دامتم تنوون مراجعة اتفاق السلام فلسنا مستعدين للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الجانب الأفغاني، وتطالب الحركة بعدم تعديل نص الاتفاق".

وهناك تشابه بين زيارات ممثلي المكتب السياسي لحركة طالبان إلى كل من إيران وروسيا الحالية، وزيارات مماثلة قام بها وفد من الحركة إلى إيران نهاية عام 2019 عندما أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب انهيار محادثات السلام مع حركة طالبان.

وبحسب تعليق الكاتب والمحلل السياسي أسد وحيدي للجزيرة نت، فإن زيارة وفدي طالبان إلى طهران وموسكو حملت رسالتين سياسيتين، الأولى موجهة للداخل الأفعاني، ومفادها ما صرح به محمد عباس ستانكزاي بأن الرئيس الأفغاني الحالي محمد أشرف غني عقبة أمام السلام وسيتحقق السلام إذا استقال.

أما الرسالة الثانية، وفق وحيدي، فهي موجهة للولايات المتحدة التي أعلنت نيتها مراجعة الاتفاق الموقع بين إدارة ترامب السابقة وطالبان، على الرغم من أن نتيجة هذه المراجعة لم تعرف بعد.

رسائل لأميركا
وبزيارة وفدي طالبان كلا من إيران وروسيا، وهما لاعبان إقليميان، تريد أن تقول الحركة للإدارة الأميركية الجديدة -بحسب المحلل السياسي- إنها ليست طالبان السابقة، فقد تمكنت من فك عزلتها وباستطاعتها لعب دور في السلام بأفغانستان خلال التعامل مع خصوم الولايات المتحدة.

بدأت المفاوضات الأفغانية المباشرة بين الحكومة وحركة طالبان قبل 3 أشهر من الآن، وحسب تصريحات الوفد الحكومي في الدوحة فإن العملية متوقفة منذ 10 أيام وينتظر عودة فريق طالبان إلى طاولة المفاوضات.

ولكنّ مصدرا في حركة طالبان قال للجزيرة نت "تنتظر الحركة مراجعة إدارة بايدن بشأن الاتفاق، وقيادة طالبان تساورها الشكوك حول نية الولايات المتحدة بأنها تريد تمديد فترة بقاء القوات الأميركية في أفغانستان، وهذا ينافي اتفاق الدوحة، ولن يعود وفدها إلى طاولة المفاوضات حتى تتضح الصورة أكثر"، ويضيف أن موقف الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) "يعرقل العملية".

ويرى خبراء بالشأن الأفغاني أن على طالبان ألا تهرول نحو الدول التي ليست لها علاقة جيدة مع الولايات المتحدة لأنها تؤثر على مسار العملية السياسية في أفغانستان، وأن عليها وعلى الحكومة الأفغانية أن تستغل هذه الفرصة لأن الولايات المتحدة تواجه تحديات جديدة مثل فيروس كورونا وانشغال الإدارة الجديدة بشؤونها الداخلية، إضافة إلى التوتر في الشرق الأوسط، وفي حال انسحاب الولايات المتحدة من العملية فستنسحب منها أوروبا تلقائيا، وكل هذه الأمور ستلقي بظلالها على مسار العملية في أفغانستان.

المصدر : الجزيرة