ما الأوراق التي تملكها الجزائر لإنهاء الانقسام الفلسطيني؟

يتوقع مراقبون أن الدعوة الجزائرية لاحتضان مبادرة رأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية، لا سيما بين فتح وحماس، أكثر حظا من سابقاتها، مع ما يكتنفها من مخاوف من الفشل، وإضافة إحباط آخر إلى الإحباطات المتراكمة في هذا الملف الذي يزداد تعقيدا مع مرّ الأيام.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفقة نظيره الفسليطني محمود عباس في مؤتمر صحفي بالجزائر (مواقع التواصل)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (يمين) والرئيس الفلسطيني محمود عباس في الجزائر (مواقع التواصل الاجتماعي)

 الجزائر- لا تزال دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لعقد لقاء جامع للفصائل الفلسطينية كافة بغية رأب الصدع الفلسطيني للبناء على مبادرات كثيرة، عربية وأفريقية وروسية وتركية سعت لجمع الكلمة الفلسطينية في أعقاب الانقسام الداخلي؛ لا تزال هذه الدعوة تجد تفاعلا في الأوساط الجزائرية والفلسطينية.

وجاءت الدعوة في توقيت رمزي متزامن مع أجواء الذكرى الـ33 لإعلان قيام دولة فلسطين من الجزائر، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1988. وتراهن الجزائر، حسب مراقبين، على استثمار التقدير الفلسطيني لها وعلى علاقاتها التاريخية بالقضيّة.

وأعرب الرئيس الجزائري قبل بضعة أيام، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بقصر المراديّة، عن أمله أن "تكون القضية الفلسطينية على رأس أولويات القمة العربية المرتقبة في الجزائر"، مشدّدا على أنها "أم القضايا وجوهر الصراع في الشرق الأوسط، ولن يستتبّ الأمن هناك إلا بقيام دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس"، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية.

أبو جرة سلطاني إمكانية إحداث الاختراق الجزائري لعقدة الانقسام الفسلطيني واردة (الجزيرة)
أبو جرة سلطاني: إمكانية إحداث الاختراق الجزائري لعقدة الانقسام الفلسطيني واردة (الجزيرة)

جبهة موحدة

يعتقد أبو جرة سلطاني، وزير الدولة السابق في الجزائر، أن بلاده قادرة على أداء دور محوري في الملف الفلسطيني، لأنها "ما زالت تمسك بكثير من أوراق التوازنات الإستراتيجية في الشرق الأوسط من بوابة القضية الفلسطينية".

وبخصوص فرص نجاح الجزائر في ترميم الصف الفلسطيني المتصدّع، لم يستبعد سلطاني، في حديثه للجزيرة نت، أن تكون البداية بتأسيس "جبهة موحدة" بين جميع الفصائل، يكون رأس أولوياتها فرض منطق المقاومة لتجسيد مبادرة السلام العربية المقررة سنة 2002، بإقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

ويقول إن الأطراف الفلسطينية كلها متفقة على أن الجزائر جهة داعمة للقضية المركزية من دون شروط سابقة، ولا انتظارات بعديّة، وهذه "ورقة رابحة بيد الرئيس تبون سوف تسهل قبول جميع الفصائل لمقترحاته التي ستتجه إلى إنهاء حالة الانقسام الداخلي، وإجراء انتخابات في أقرب الآجال".

الاختراق الجزائري وارد

ويرى المتحدث أن إمكانية إحداث الاختراق الجزائري لعقدة الانقسام واردة، بشرط أن "يلتقط أبو مازن الخيط، ويحسن قراءة الرسالة التي أراد الرئيس تبون أن تقرأها الفصائل الفلسطينية، كما قرأت جبهة التحرير الجزائرية وجيشها رسالة مؤتمرها بطرابلس في 1962".

ويوضح سلطاني أن أخْذ الجزائر الضوء الأخضر من محمود عباس يعني أن تبون ينتظر منه إبداء الاستعداد لإشراك جميع الفصائل والالتزام بما سيُتّفق عليه، وإنفاذ ما تتفق عليه الأطراف المشاركة في "ندوة الجزائر".

ويؤكد في حديثه للجزيرة نت "تحرير المبادرة الفلسطينية من هيمنة الذين نصّبوا أنفسهم أوصياء عليها، والذهاب رأسا إلى جعل المصالحة شأنا فلسطينيا-فلسطينيا، لتبقى بقية الدول الداعمة مشجعة ومسهله للحل الفلسطيني".

سليم قلالة الجزائر في موقف يسمح لها برفع سقف المكالب الفسلطينية إلى متستوى إيجابي (الجزيرة)
سليم قلالة: الجزائر في موقف يسمح لها برفع سقف المطالب الفلسطينية إلى مستوى إيجابي (الجزيرة)

رفع سقف المطالب

وبدوره، أكد سليم قلالة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر، للجزيرة نت، أن بلاده اليوم في موقف يسمح لها برفع سقف المطالب الفلسطينية إلى المستوى الإيجابي، وأرجع ذلك إلى اعتبارين أساسيين:

  • الأول داخلي يتمثل في ثبات موقفها من القضية الفلسطينية ومن دعم المقاومة.
  • الثاني خارجي يكمن في تعزيز تحالفاتها الإستراتيجية مع كل من روسيا والصين المؤيدتين لحل الدولتين والرافضتين للعدمية الإسرائيلية.
صالح عوض مبادرة الجزائر تملك ضمانات حقيقية تجعلها أكثر حظا في رأب الصدع الفسلطيني (الجزيرة )
صالح عوض: مبادرة الجزائر تملك ضمانات حقيقية تجعلها أكثر حظا في رأب الصدع الفسلطيني (الجزيرة)

ضمانات حقيقية

ومن جهته، يتوقّع الكاتب الفلسطيني صالح عوض أن الدعوة الجزائرية لاحتضان مبادرة رأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية، لا سيما بين فتح وحماس، أكثر حظا من سابقاتها، مع ما يكتنفها من "مخاوف من الفشل، وإضافة إحباط آخر إلى الإحباطات المتراكمة في هذا الملف الذي يزداد تعقيدا مع مرّ الأيام".

ويبرّر عوض، في تصريح للجزيرة نت، تفاؤله بحظوظ الجزائر في تحقيق المصالحة الفلسطينية بكونها رافقت الكفاح الفلسطيني منذ استقلالها، وقدمت له كل ضمانات الفعالية والوجود.

ويشير الكاتب إلى أن الدعوة الآن تأتي من "بلد يرى أن قضية فلسطين مقدسة، ويتصدى لاختراق الكيان الصهيوني لأفريقيا"، على حد قوله.

ويعتقد أن ذلك "يشكل ضمانات حقيقية لنجاح المبادرة الجزائرية، ولن يجد أي طرف فلسطيني أن بمقدوره رفضها أو إحباطها، وستنجح الجزائر في ترميم الوحدة السياسية الفلسطينية، وإنجاز ما لم تنجزه دول أخرى".

المصدر : الجزيرة