الملف النووي.. توقف محادثات فيينا لتقييم مقترحات إيران وإسرائيل تطالب بخطوات صارمة

Meeting of JCPOA Joint Commission in Vienna
الوفد الإيراني قدّم مسودتين بشأن رفع العقوبات والالتزامات النووية (رويترز)

ذكرت وسائل إعلام رسمية ومصادر دبلوماسية أن المفاوضات النووية ستتوقف اليوم الجمعة ليتاح للدول الأوروبية تقييم المقترحات التي قدمتها طهران، بينما طالبت إسرائيل القوى العظمى بوقف هذه المحادثات واتخاذ خطوات صارمة ضد إيران.

وقال كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري -أمس الخميس- إنه قدَّم اقتراحين لمحاولة إنقاذ الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، في إطار المحادثات التي استؤنفت الاثنين في فيينا بعد انقطاع دام 5 أشهر.

وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أنه "بعد تسليم نص الاقتراح الإيراني إلى مجموعة بي4+1 (الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) والاتحاد الأوروبي، سيعقد اجتماع للجنة المشتركة للاتفاق النووي الجمعة".

وأضافت أن "هذا الاجتماع طلب من الجانب الأوروبي قبل أن يعود ممثلوه إلى عواصمهم لمراجعة النص الذي اقترحته إيران".

وأكد مصدران دبلوماسيان في فيينا هذه المعلومات، ومن المقرر أن يبدأ الاجتماع ظهر الجمعة.

وذكر دبلوماسي أوروبي أن من المتوقع أن تُستأنف المحادثات مطلع الأسبوع المقبل. وقال باقري إن الاقتراح الإيراني الأول "يلخص وجهات نظر الجمهورية الإسلامية بشأن رفع العقوبات، والثاني يتعلق بأنشطة إيران النووية".

وأضاف "الآن يتعين على الجانب الآخر فحص هذه الوثائق، والاستعداد للتفاوض مع إيران على أساس النصوص المقدمة".

وفي ذات السياق، قال كبير المفاوضين الإيرانيين للجزيرة "هناك لاعبون خارجيون يبذلون جهودا لتعطيل المحادثات"، وأضاف "لدينا مقترح ثالث سيقدم فور قبول القوى الدولية للمقترحين الأولين".

وشدد على أن المقترحات الإيرانية لا يمكن رفضها، كونها تعتمد على بنود اتفاق 2015.

وكانت إيران والقوى العظمى استأنفت الاثنين مفاوضات في فيينا لإحياء الاتفاق المبرم في 2015 بشأن البرنامج النووي الإيراني، وهو الاتفاق الذي أتاح رفع العديد من العقوبات التي كانت مفروضة على طهران، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.

لكن الاتفاق بدأ ينهار عام 2018، عندما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب منه وأعاد فرض عقوبات على إيران.

من جانبه، طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت من الولايات المتحدة "وقفا فوريا" للمحادثات الجارية في فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وفي بيان أصدرته بالعربية، نقلت رئاسة الوزراء الإسرائيلية عن بينيت قوله -خلال مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني لبلينكن- إن إيران تمارس "ابتزازا نوويا باعتباره أحد تكتيكات إجراء المفاوضات، وإن الرد المناسب يكون بوقف المفاوضات فورا واتخاذ خطوات صارمة من قبل الدول العظمى".

وأشار بينيت إلى شروع إيران في عملية تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20%من خلال أجهزة الطرد المركزي المتطورة الموجودة في منشأة فوردو الواقعة تحت الأرض.

وتخشى إسرائيل -التي تعتبر إيران عدوها اللدود- أن تصبح طهران قريبة من "العتبة النووية"، أي أن يكون لديها ما يكفي من الوقود لإنتاج القنبلة الذرية، وهي بالتالي تعارض استئناف المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني.

من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي إنه أجرى محادثات بناءة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، وذلك ضمن المحادثات مع الإسرائيليين بخصوص الملف النووي الإيراني، مؤكدا وجود نفس الهدف الإستراتيجي وهو عدم امتلاك إيران للسلاح النووي وردعها عن ذلك.

وفي وقت لاحق،  قال وزير الخارجية الأميركي خلال اجتماع في ستوكهولم إن واشنطن لن تقبل بالأمر الواقع الذي تريد إيران فرضه في ما يخص الاتفاق النووي.

وأضاف بلينكن "فريقنا موجود في فيينا في الوقت الحالي، وفي غضون الأيام القادمة سيمكننا الحكم إن كان لدى إيران نية حسنة بشأن هذا الاتفاق".

واعتبر بلينكن أن المؤشرات الأخيرة لا تبعث على التفاؤل، لكن الوقت ليس متأخرا على إيران بشأن عكس سلوكها وبذل الجهود لمواصلة المحادثات.

وتابع قائلا "ما يمكن لإيران القيام به هو إيقاف البرنامج النووي، وهو ما قد يحدث. على إيران أن تثبت جديتها لأخذ الخطوات اللازمة والعودة للاتفاق".

كما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن الولايات المتحدة ما زالت تفضل المسار الدبلوماسي مع إيران، وأضافت أن واشنطن تؤمن بأن العودة المشتركة إلى الاتفاق النووي هي السبيل الأمثل.

مقترح طهران

وكانت إيران قدمت للقوى الأوروبية مسودتين بشأن رفع العقوبات والالتزامات النووية.

وقال كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري إن المقترح المقدم لا يتطرق لرفع العقوبات عبر اتباع سياسة الخطوة بخطوة، موضحا أن هناك مسودة ثالثة لم يتم تسليمها بعد وهي تبحث كيفية التأكد من رفع العقوبات.

وجاء ذلك بعدما قال باقري إنه أجرى مباحثات مثمرة مع المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رافائيل غروسي، مضيفا "مباحثاتي مع غروسي تهدف لمواصلة التعاون مع وكالة الطاقة الذرية".

وقال باقري إنه قدم مقترحا بشأن رفع العقوبات الأميركية، والخطوات التي ستتخذها إيران لإحياء الاتفاق النووي، وذلك خلال المفاوضات الجارية في فيينا.

وأضاف أن على أطراف الاتفاق النووي دراسة مقترح بلاده، والاستعداد لمفاوضات جادة بشأن هذه المقترحات، وأشار إلى أن أطرافا خارج مجموعة الاتفاق النووي تحاول التأثير على المفاوضات بهدف إفشالها.

وأكد المسؤول الإيراني أن بلاده وجهت تحذيرا لمجموعة "4+1" بألا يسمحوا لأي طرف خارج المفاوضات بالتأثير سلبا عليها.

اتفاق وأولويات

وسبق لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن قال إن اتفاقا جيدا في متناول اليد إذا أظهر الغرب نية حسنة.

وأضاف عبد اللهيان -في تغريدة له على موقع تويتر- أن محادثات فيينا تجري بجدية، ورفع العقوبات أولوية أساسية بالنسبة لإيران، وأن محادثات الخبراء متواصلة، مؤكدا أن بلاده تسعى إلى حوار عقلاني ورصين يسفر عن نتائج.

وقال وزير الخارجية الإيراني أيضا "نرحب بالمفاوضات الجادة وبأي توافق جيد وعلى الطرف الآخر إبداء حسن النية".

وأضاف "ذهبنا لفيينا بتصميم جاد لكننا لسنا متفائلين بنية واشنطن وأوروبا، المهم أن تصل المفاوضات إلى نتيجة وتظهر الأطراف الغربية جديتها".

من جهته، قال مستشار الوفد الإيراني في مفاوضات فيينا محمد مرندي للجزيرة إن العقبة أمام هذه المحادثات حاليا هي الموقف الأميركي، مضيفا أن الولايات المتحدة ترغب في الإبقاء على عقوبات على بلاده. وتابع مرندي أن الأوروبيين تصرفوا بشكل منطقي خلال مفاوضات فيينا.

Talks on reviving the Iran nuclear deal, in Vienna

فريق المفاوضين الإيراني عند مدخل الفندق الذي يحتضن المفاوضات (رويترز)

جولة وتفاؤل

وتأتي تصريحات المسؤوليْن الإيرانيين وسط أجواء من التفاؤل أشاعتها تصريحات أوروبية عن إحراز تقدم كبير باتجاه تسوية الخلافات القائمة.

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إن كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري بحث -الأربعاء في فيينا- مع منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا تنسيق الترتيبات لاستمرار المفاوضات في الأيام المقبلة، مشيرة إلى أن باقري سيلتقي أيضا ممثلي الدول الأوروبية الثلاث الأعضاء في الاتفاق النووي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا).

وأكد دبلوماسيون أوروبيون أن الأيام المقبلة ستسمح بتقييم مدى جدية الإيرانيين، وأعربوا عن أملهم في أن تكون لديهم بحلول نهاية الأسبوع صورة أوضح عن مسار التفاوض، مشيرين إلى احتمال توقف المفاوضات في حال عدم إحراز تقدم.

وكان مسؤول أوروبي قد أكد الثلاثاء استكمال 80% من الاتفاق النووي.

وفي الجولات الست السابقة، كانت هناك تعليقات مماثلة عن إحراز تقدم كبير نحو صياغة اتفاق، ولكن توقفت المحادثات في يونيو/حزيران الماضي قبيل انتخابات الرئاسة الإيرانية دون التوصل إلى نتيجة.

في سياق متصل، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إنه "مع تقدم المحادثات في فيينا يظهر الكيان الإسرائيلي على حقيقته ويدعو لوقف المفاوضات".

وأضاف خطيب زاده أنه ليس من المستغرب أن تنزعج إسرائيل من الحوار "وهي من تأسست على الحرب والتوتر"، قائلا إن المندوبين في فيينا لن يتلقوا تعليماتهم من رئاسة الوزراء في إسرائيل.

بالمقابل، قال رئيس الموساد الإسرائيلي إن "إيران لن تمتلك سلاحا نوويا ونتعهد بذلك".

تخصيب وتحقق

في الأثناء، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في منشأة "فوردو" التي تم إنشاؤها داخل جبل بمحافظة قُم.

وأضافت الوكالة -في تقرير للدول الأعضاء فيها- أن إيران تستخدم أجهزة طرد مركزي متطورة في عملية التخصيب.

وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها ستزيد وتيرة عمليات التحقق داخل منشأة فوردو، مشيرة إلى أن طهران وافقت على ذلك.

في المقابل، ردت الخارجية الإيرانية بالقول إن التقارير الإعلامية بشأن نووي إيران أكاذيب هدفها تدمير احتمال نجاح مفاوضات فيينا.

المصدر : الجزيرة + وكالات