أول رد رسمي غير مباشر.. السيسي يعلق على اتهامات ساويرس باحتكار الجيش

ساويرس (يمين) والسيسي (رويترز)

القاهرة – علق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ما أثير في الفترة الأخيرة بشأن مزاحمة شركات الحكومة والجيش القطاع الخاص بشكل يخلق منافسة غير عادلة بين القطاعين، وقال إن إحدى شركات القطاع الخاص -لم يسمها- حصلت على أعمال بقيمة 75 مليار جنيه (4.7 مليارات دولار) بواقع 11 مليار جنيه سنويا خلال السنوات السبع الماضية (الدولار يساوي 15.75 جنيها).

جاء ذلك خلال افتتاح السيسي أمس الأربعاء مجمع إنتاج البنزين في شركة أسيوط لتكرير البترول بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، حيث قال إن "القطاع الخاص شريك أساسي في التنمية وله دور محوري ونسعى إلى زيادته"، مشيرا إلى تقديره ما يقال في هذا الشأن، وكذلك تقديره حسن نوايا أصحابه.

ويعد حديث السيسي أول رد رسمي غير مباشر على تصريحات الملياردير ورجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، والتي أدلى بها قبل نحو شهر وأثارت جدلا كبيرا، حيث تحدث عن عدم قدرة القطاع الخاص على منافسة شركات الدولة والجيش والتي تستحوذ على أغلبية المشروعات.

ورغم أن السيسي لم يذكر اسم شركة "أوراسكوم" (Orascom) المملوكة لعائلة ساويرس- فإن كثيرا من المتابعين لحديثه لم يحتاجوا إلى الكثير من التكهنات لمعرفة أن المقصود من الحديث هو تفنيد تصريحات ساويرس.

 

 

 

السيسي وأوراسكوم

وخلال الجلسة ذاتها حرص السيسي على إظهار حجم مشاركة الشركات الخاصة في المشروعات الجديدة التي تنفذها الدولة، وطلب من وزير النقل والمواصلات كامل الوزير أن يعدد تلك الشركات.

والتقط الوزير -الذي كان ضابطا سابقا في الجيش- الخيط من السيسي، مؤكدا أن الشركات الحكومية لا يمكنها تنفيذ المشروعات التنموية بشكل منفرد، وموضحا أن كل المشروعات التي تنفذها وزارة النقل تشارك فيها 3 شركات حكومية فقط، فيما بقية الشركات هي من القطاع الخاص، حسب قوله.

وذكر الوزير أسماء العديد من شركات القطاع الخاص الكبيرة، ولما لم يذكر اسم شركة "أوراسكوم للإنشاءات" التي كان يرغب السيسي في ذكرها على ما يبدو أعاد عليه ذكر أسماء المزيد وقاطعه مضيفا و"أوراسكوم"، فانتبه الوزير واستدرك قائلا "طبعا أوراسكوم على رأسها" يقصد على رأس شركات القطاع الخاص التي تتيح لها السلطة العمل في مشروعات الدولة.

ولاقت تعليقات السيسي -التي حرص من خلالها على نفي شبهة احتكار الحكومة والجيش الاقتصاد المصري- تفاعلا واسعا، سواء من جانب الناقدين أو المؤيدين لتصريحات ساويرس التي أدلى بها لإحدى وكالات الأنباء الأجنبية.

 

ساويرس ينتقد تدخلات الجيش

بدأت القصة في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما قال ساويرس خلال مقابلة صحفية مع وكالة الصحافة الفرنسية "يجب أن تكون الدولة (المصرية) جهة تنظيمية وليست مالكة" للنشاط الاقتصادي، مضيفا أن "الشركات المملوكة للحكومة أو التابعة للجيش لا تدفع ضرائب أو جمارك"، وهو ما يجعل "المنافسة من البداية غير عادلة".

ومنذ تولى السيسي السلطة في 2014 حقق اقتصاد الجيش نموا ملحوظا، إذ تسند له العديد من المشاريع، وبناء على ذلك يقيم شراكات مع شركات القطاع الخاص لتشاركه في التنفيذ، من بينها "أوراسكوم للإنشاء".

وأكد ساويرس "لا تزال هناك منافسة من الحكومة، لذا فإن المستثمرين الأجانب خائفون بعض الشيء، أنا نفسي ألا أخوض عروضا عندما أرى شركات حكومية"، إذ إن "ساحة اللعب لا تعود متكافئة".

 

هجوم جماعي على ساويرس

ورغم أن هذه التصريحات لم تكن الأولى التي ينتقد فيها ساويرس تدخل الحكومة المصرية وشركات الجيش في القطاع الخاص بشكل يخلق منافسة غير عادلة بين القطاعين فإن إعلاميين وصحفيين وسياسيين مقربين من النظام شنوا هجوما حادا على الملياردير المصري.

الهجوم لم يتوقف عند انتقاد تصريحات ساويرس، بل تعداها إلى اتخاذ أحد مشروعاته منصة للهجوم عليه كما انبرى وقتها الإعلامي أحمد موسى وشن هجوما حادا على ساويرس، مشيرا إلى أنه جمع كل أمواله من الاستثمار في مصر، بل وأكد خلال تقديم برنامجه "على مسؤوليتي" في قناة صدى البلد على أنه أكثر شخص ربح أموالا في مصر منذ عام 2014 وحتى 2021، معبرا عن حزنه لقيامه بتشويه صورتها.

أما النائب والإعلامي المصري مصطفى بكري فكان أكثر مباشرة في انتقاد ساويرس عبر سلسلة تغريدات على تويتر، ووصف حديثه عن مزاحمة الجيش القطاع الخاص بأنه كلام يفتقد إلى الموضوعية والمصداقية، مشيرا إلى أن القطاع الخاص له دور رئيسي في عملية التنمية، وأكبر دليل على ذلك هو مشاركة شركات ساويرس مع الدولة والقوات المسلحة.

وطالب بكري رجل الأعمال المصري ساويرس بالتوقف عن التشكيك والتحريض ضد الدولة وتعمد الإساءة إلى دور القوات المسلحة في التنمية، لأن الجيش ينتج ويصنع لصالح الشعب المصري، أما الآخرون -ومنهم ساويرس- فلا هم لهم إلا "التكويش" على كل شيء لحسابهم، على حد وصفه.

 

 

وعقب أيام من الهجوم الجماعي نقلت بعض المواقع المحلية عن ساويرس قوله خلال مؤتمر "رايز أب" (Rise up) -الذي أقيم أمام أهرامات الجيزة- "أنا الآن في طريقي إلى المعاش، والتعليقات السلبية في الفترة الأخيرة لا تؤثر بي"، مشيرا إلى أنه سيتفرغ حاليا لحياته الشخصية بعدما تولى ابنه "أنسي" الأعمال الخاصة بشركاته، وكشف أنه ليست لديه رغبة في الدخول في أي استثمارات جديدة خلال الفترة المقبلة.

حقيقة احتكار الجيش

ورغم النفي المتكرر لسيطرة شركات الجيش على مفاصل الاقتصاد فإن العديد من التقارير الاقتصادية في كبريات المواقع والدوريات والصحف الأجنبية أكدت عكس ذلك، فعلى سبيل المثال لا الحصر ذكر موقع بلومبيرغ أوبينيون (Bloomberg Opinion) الأميركي في مايو/أيار 2020 أن الكثير من الحوافز الحكومية القائمة على الديون -خاصة في البنية التحتية والإسكان- كانت موجهة نحو مؤسسات الجيش الاقتصادية.

وأشار الموقع إلى أن الشركات العسكرية استفادت من العديد من الامتيازات، مثل الإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية المفروضة على الشركات الخاصة، وذلك للتوسع على حساب القطاع الخاص.

بلومبرغ: الجيش المصري يحتكر السوق ومواجهة كورونا تحتاج لإصلاحات اقتصادية

وفي 26 مارس/آذار 2020 أشار مقال بمركز كارنيغي للشرق الأوسط إلى أنه "في عهد السيسي زادت إمبراطورية الجيش الاقتصادية، وأصبح يعمل الآن في تجارة الألبان والأدوية ووسائل النقل، وأخذ يشرف على نحو 2300 مشروع يعمل فيها 5 ملايين موظف مدني في مجال الصناعات الثقيلة والمتخصصة وقطاعات الزراعة والمزارع السمكية والمحاجر والمناجم والمقاولات والبنية التحتية وغيرها من المشروعات العملاقة في الدولة، بحسب المتحدث العسكري للقوات المسلحة العقيد تامر الرفاعي".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019 قالت صحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية إن الجيش المصري أحكم سيطرته على العديد من القطاعات الاقتصادية منذ أن تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة، مما تسبب في اختلال توازن الاقتصاد برمته ودفع رجال الأعمال إلى الخروج عن صمتهم.

وأكدت الصحيفة -في تقرير للكاتبة هيلين سالون- أن السيسي والجيش لم يبديا تسامحا تجاه أي انتقادات في هذا الشأن، ومع ذلك تنتشر الادعاءات داخل أوساط الأعمال التجارية المصرية والأجنبية ضد الجيش، بصفته طرفا فاعلا يفرض منافسة غير عادلة، ويتغاضى عن المخاطر التي تواجهها بعض المشاريع.

لوموند: الجيش المصري أخلّ بتوازن الاقتصاد

 

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة