أوروبا والناتو يحذران روسيا من "ثمن باهظ" مقابل أي اعتداء على أوكرانيا

أعلن الاتحاد الأوروبي استعداده لفرض عقوبات "باهظة" على روسيا إذا غزت أوكرانيا، كما طالب البرلمان الأوروبي روسيا بالكف عن استفزازاتها على الحدود.

وفي مؤتمر صحفي عقب قمة لزعماء الاتحاد الأوروبي  في بروكسل، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين فجر اليوم الجمعة "بدون أدنى شك، إذا تحركت روسيا ضد أوكرانيا فسيكون الاتحاد في وضع يسمح بفرض عقوبات قد تسفر عن تكلفة باهظة. أنجزنا عملنا في هذا الشأن".

وقبل ذلك بساعات، طالب القرار الذي صادق عليه البرلمان الأوروبي بالأغلبية الاتحاد الأوروبي بتقليص اعتماده على الغاز الروسي، وشدد على ضرورة الاستعداد لفرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب تحركاتها العسكرية.

يأتي هذا في وقت تعهد فيه كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) بمساعدة أوكرانيا على التصدي لأي توغل روسي، وحذّرا روسيا من أي تصعيد، في حين أعلنت موسكو أنها نفذت تجربة لصاروخ "زيركون" الأسرع من الصوت وسط التوترات مع الغرب.

وحشدت روسيا ما يراوح بين 75 ألفا و100 ألف جندي على حدودها مع أوكرانيا، حسب مصادر من حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتنفي الحكومة الروسية أي نية لديها للهجوم، ولكنها تحدثت أخيرا بشأن خطط كييف للانضمام في النهاية إلى الناتو.

وتشهد العلاقات بين كييف وموسكو توترا متصاعدا منذ نحو 7 سنوات، بسبب ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في "دونباس".

تعهدات أوروبية

بدورهم، تعهد قادة الاتحاد الأوروبي بمساعدة أوكرانيا على التصدي لأي توغل روسي، ولكنهم عرضوا حلولا مختلفة أثناء محادثات عقدت في بروكسل تتضمن تقديم مساعدات عسكرية لكييف، وتصل إلى فرض عقوبات على موسكو أو إجراء حوار معها.

ويخطط الاتحاد الأوروبي لإبلاغ موسكو بأن "أي عدوان عسكري آخر ضد أوكرانيا ستكون له عواقب هائلة وتكاليف باهظة في الرد"، حسب ما ورد في مسودة إعلان القمة التي تنعقد اليوم الخميس.

وأوضح الاتحاد الأوروبي أن فرض عقوبات اقتصادية جديدة مشابهة لتلك التي فُرضت على موسكو بعد أن ضمّت شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014، ربما مع الولايات المتحدة وبريطانيا، هو رد محتمل على العدوان.

قلق في أوروبا وأميركا من حشد روسيا عشرات الآلاف من جنودها على الحدود مع أوكرانيا (الأوروبية)

واتفقت دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 على توجيه رسالة رادعة، في ظل تدفق القوات الروسية على المنطقة الحدودية الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة.

وقال رئيس وزراء لاتفيا، أرتورس كارينز، "أعتقد أن علينا أن ننظر في مجموعة واسعة من العقوبات"، وأكد أن تعليق خط أنابيب الغاز الروسي-الألماني "نورد ستريم 2" عند نشوب العدوان، "يجب أن يكون مطروحا"، مضيفا أن الدعم العسكري المباشر لأوكرانيا يعدّ خيارا أيضا.

الناتو يحذّر

وفي موازاة القمة الأوروبية، عقد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو" ينس ستولتنبرغ محادثات في بروكسل مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وقال ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي عقب المحادثات، إن دول الحلف مستعدة للحوار مع روسيا، لكنه حذر موسكو من أن أي اعتداء آخر على أوكرانيا سيكون له "ثمن باهظ".

وأضاف ستولتنبرغ أن التعزيزات العسكرية الروسية قرب أوكرانيا ما زالت مستمرة رغم الضغوط الدولية.

من جهته، قال الرئيس الأوكراني إن اختيار بلاده الانضمام إلى الناتو هو قرار يخصها ويخص الحلف، وذلك بعد أن طلبت روسيا ضمانات أمنية ملزمة من طرف الولايات المتحدة والدول الغربية بعدم تمدد الناتو باتجاه حدودها وضمّ كييف إلى الحلف.

وذكر زيلينسكي أنه ممتن لإشارات الناتو بشأن عضوية أوكرانيا، وأعرب عن أمله في الوصول إلى ذلك الهدف من دون تدخلات خارجية، حسب قوله.

صاروخ ومناورات

ووسط التوترات بين روسيا والغرب جراء القلق من غزو محتمل للأراضي الأوكرانية، أعلنت موسكو أنها نفذت تجربة لصاروخ "زيركون" الأسرع من الصوت.

وقالت وزارة الدفاع الروسية اليوم الخميس إن فرقاطة "الأميرال غورشكوف" التابعة للأسطول الشمالي أطلقت بنجاح صاروخا من طراز "زيركون". وأضافت أن الصاروخ الذي أطلق من البحر الأبيض في شمال غربي روسيا أصاب هدفا ساحليا في إقليم أرخانغيلسك المطل على هذا البحر.

Russian marines train in the Kaliningrad region
روسيا تجري منذ أسابيع مناورات عسكرية على الحدود مع أوكرانيا رغم التحذيرات الغربية (رويترز)

وكانت القوات الروسية أعلنت أمس الأربعاء أنها أجرت تدريبات تكتيكية مقررة سلفا باستخدام منظومة الدفاع الصاروخي "إس-400" (S-400) في شبه جزيرة القرم التي انتزعتها روسيا من أوكرانيا عام 2014، وقالت إن التدريبات تأتي على خلفية التوتر في البحر الأسود وأوكرانيا.

وكذلك أجرى الجيش الروسي في مقاطعة كورسك المجاورة لأوكرانيا تدريبات على أنظمة صواريخ "إسكندر" الباليستية.

في المقابل، يجري الجيش الأوكراني مناورات في منطقة خرسون شمال شبه جزيرة القرم لاختبار سرعة انتشار القوات في الميدان ومستوى التنسيق بينها، وفق ما أعلنت كييف.

باب موارب

وبالتزامن مع التحركات العسكرية والمناورات، قالت روسيا إنها مستعدة لإيفاد مفاوض حكومي "في أي لحظة" لبدء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن الضمانات الأمنية التي تسعى إليها لحل الأزمة المتعلقة بأوكرانيا.

وأكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي أبدى استعداد موسكو للتفاوض مع واشنطن في أي دولة محايدة بشأن أمن روسيا.

وقال بيسكوف إن نائب وزير الخارجية سيكون "مستعدا للطيران في أي لحظة إلى أي بلد محايد" لبدء المحادثات، وأشار إلى أنه شرح لمستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جيك سوليفان مقترحات موسكو بشأن الضمانات الأمنية.

ولدى سؤاله عن إمكانية إجراء محادثات بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أكد بيسكوف مجددا موقف موسكو التي تقول إن أجندة أي محادثات مثل هذه غير واضحة. وأضاف أن هناك إمكانية لاتصال جديد بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جو بايدن قبل نهاية العام، نافيا وجود أي اتفاق.

وكان الرئيسان قد أجريا مكالمة عبر الفيديو استغرقت ساعتين يوم السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري.

المصدر : الجزيرة + وكالات