العراق- بعد مواجهات الجمعة.. القوى المعترضة على نتائج الانتخابات تحذر من جر البلاد للصدام
بغداد – حذر مصدر من داخل الإطار التنسيقي للقوى الرافضة لنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة من انجرار البلاد نحو الصدام المسلح، في حال الإصرار على رفض إعادة الفرز اليدوي لكل المحطات والمراكز الانتخابية بالعراق.
وقال المصدر -الذي رفض الكشف عن هويته لحساسية الموقف- للجزيرة نت إن اجتماعا للرئاسات الثلاث مع القوى السياسية المختلفة -من المقرر أن يعقد قريبا- سيناقش موضوع إعادة العد والفرز اليدوي لكل المحطات.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأنصار الأحزاب الرافضة نتائج الانتخابات العراقية يواصلون الاعتصام وواشنطن تدخل على الخط
فوز لمستقلين ووجوه جديدة بالانتخابات العراقية.. هل ندم المقاطعون؟
تداعيات الأزمة الأمنية والسياسية بالعراق.. الصدر يحذر من تأجيج الفتنة الطائفية وصالح يلغي مشاركته بقمة المناخ
ويضيف المصدر أن الوضع الحالي في بغداد هادئ مشوب بالحذر، مستدركا بالقول إن المواجهة قد تعود في أي لحظة، وربما تتضمن تبادل لإطلاقا النار، "وربما قد تلجأ بعض الفصائل إلى قصف المنطقة الخضراء".
خيار المواجهة
من جهته، اعتبر علي فضل الله -المتحدث باسم حركة حقوق المقربة من حزب الله العراقي والمنضوية في الإطار التنسيقي- أن الخطوة المقبلة هي المواجهة المسلحة، موضحا "أن الحكومة تريد تأليب الرأي العام الداخلي والخارجي ضد المحتجين"، فتحاول استفزازهم للقيام بأعمال تدفع قوات الأمن لصدهم وربما المواجهة العسكرية.
ويشير إلى أن الصدامات التي وقعت أمس الجمعة جاءت نتيجة عدم احترام الحكومة ومفوضية الانتخابات لإرادة المتظاهرين السلميين الراغبين بالعد والفرز اليدوي لجميع المحطات، مما دفعهم بالتصعيد ونقل احتجاجاتهم إلى مناطق مختلفة في بغداد.
وجراء صدامات أمس؛ سجلت وزارة الصحة العراقية استقبال مستشفياتها 125 جريحا، 27 منهم من المدنيين والبقية من القوات الأمنية، وأغلب الإصابات بسيطة إلى متوسطة، ولم تسجل أي إصابة بطلق ناري، كما أنها لم تسجل أي حالة وفاة.
— قيس الخزعلي (@Qais_alkhazali) November 5, 2021
ويؤكد فضل الله على أن القوة الخاصة المكلفة بحماية المنطقة الخضراء والمرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة هي من أطلقت النار على المحتجين.
كما حمّل زعيم حركة عصائب أهل الحق -وهي من القوى المعترضة- الكاظمي مسؤولية ما شهدته مظاهرات بغداد أمس. واتهم قوات الأمن باستخدام الرصاص الحيّ.
وعلى المستوى القضائي؛ بحث رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أحداث أمس مع الخزعلي، مؤكدا في بيان له أن حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي مكفول دستوريا في العراق.
عودة الهدوء
ويقول بدر الزيادي -النائب السابق عن الكتلة الصدرية- للجزيرة نت إن الدستور العراقي كفل حق التظاهر السلمي، وبالتالي ما حدث ليل أمس كان فيه أخطاء ستشخص من قبل اللجنة الحكومية التي شكلت لمعرفة ملابسات هذه التجاوزات.
ولتهدئة الموقف إثر ما حدث أمس؛ أمر الكاظمي بتشكيل لجنة تحقيقية للتوصل إلى معرفة ملابسات الأحداث، وتقديم النتائج في أسرع وقت.
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) November 5, 2021
وتعقيبا على حل هذه الأزمة وتجاوزها، يبين الزيادي أن هناك حكماء وعقلاء تدخلوا لتهدئة الأوضاع من خلال الحوارات والزيارات المتبادلة للقادة السياسيين، مشيرا إلى أن بعد رد طعون الخاسرين، صار بالإمكان التوجه للمحكمة الاتحادية للطعن بنتائج الانتخابات.
مساومة للمناصب
من جانبه، يقول الدكتور عصام الفيلي -الباحث والأكاديمي- للجزيرة نت إن القوى المعترضة على نتائج الانتخابات ارتأت أن يكون لها صفحة ثانية في مجال مقاطعتها للانتخابات؛ فقامت بنقل احتجاجاتها لأكثر من منطقة، وهذا بحد ذاته يعطي انطباعا بأن هذه الأطراف التي دفعت نحو التصعيد لديها عدة صفحات.
ويضيف أن هذا التصعيد أراد منه المعترضون إيصال رسالة للقوى الفائزة بالانتخابات؛ بأنهم قادرون على توتير الوضع بهدف تحقيق "مطالب خفية" للمشاركة في الحكومة المقبلة، بعد رفض تشكيل حكومة أغلبية.
وتأتي هذه الأحداث متزامنة مع قيام زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (صاحب الأصوات الأكثر في النتائج الأولية للانتخابات 73 مقعدا) بإجراء أولى جولاته التفاوضية مع الكتل السياسية في الانتخابات لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية، إذ التقى برئيس تحالف تقدم محمد الحلبوسي (فاز بـ38 مقعدا)، وثم برئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، وبعدها برئيس مجلس الوزراء السابق حيدر العبادي.
الضغط على الصدر
ويذكر إحسان الشمري -رئيس مركز التفكير السياسي- للجزيرة نت أن ما جرى أمس الجمعة يدخل ضمن الضغوط السياسية التي تمارسها القوى الخاسرة انتخابيا، ومحاولتها لعودة الكتلة الصدرية إلى البيت الشيعي مرة أخرى، ومنعها من تشكيل حكومة ائتلافية وطنية.
ويضيف أن هذا التصعيد مرتبط بهدف آخر هو محاولة الأطراف الخاسرة في الحصول على مساحة بالتشكيلة الوزارية المقبلة، بالإضافة لطلب ضمان حصانة سياسية بعدم التعرض أو المساس بسلاحها.
ويرى أن "هذا الموضوع برمته عبارة عن مناورة سياسية من قبل هذه الجهات بعد إدراكهم بأن مفوضية الانتخابات ترفض تغيير نتائج الاقتراع، متوقعا أن يتجه المتظاهرون إلى مسار آخر، وما يرتبط منه بالتحديد هو الاعتصام أمام أبواب أخرى للمنطقة الخضراء، كجزء من الضغوط السياسية".
ويستبعد الشمري أن تندفع هذه الجهات نحو الفوضى الأمنية أو الصدام المفتوح مع القوات العسكرية.