الأزمة اللبنانية السعودية.. ميقاتي يدعو قرداحي لتحكيم ضميره وواشنطن تطالب بيروت بالحفاظ على قنوات الحوار مع الخليج

كرر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي دعوته وزير الإعلام جورج قرداحي إلى "تحكيم ضميره" وتغليب المصلحة الوطنية، على خلفية الأزمة التي أثارتها تصريحات الأخير مع دول الخليج وخاصة السعودية. لكن الوزير تمسك برفض الاستقالة، في حين حمّل حزب الله الرياض مسؤولية الأزمة رافضا الإملاءات الخارجية على الحكومة، وفق تعبيره.

في غضون ذلك، دعت فرنسا إلى إبعاد لبنان عن الأزمات الإقليمية الأوسع، وحثت المسؤولين اللبنانيين والقوى الإقليمية على التهدئة، بينما طالبت الخارجية الأميركية بيروت بالإبقاء على قنوات الحوار مع دول الخليج.

وفي كلمة متلفزة الخميس، قال ميقاتي إن المواقف الشخصية لوزير الإعلام أدخلت لبنان في "محظور المقاطعة" من قبل دول الخليج، وتابع قائلا "مخطئ من يعتقد أنه يستطيع أن يأخذ لبنان بعيدا عن عمقه العربي".

وتحدث رئيس الوزراء اللبناني عن "خارطة طريق" للخروج من الأزمة، قائلا إن الحكومة عازمة على معالجة ملف العلاقة مع السعودية ودول الخليج وفق القواعد السليمة، وإنها لن تترك الأمر "عرضة للتساجل السياسي"، وأضاف "مخطئ من يعتقد أن التعطيل ورفع السقوف السياسية هو الحل".

وجاءت كلمة ميقاتي بعد محادثات أجراها مع الرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا الخميس، إذ قالت الرئاسة إنه بحث مع عون "سبل الخروج من الأزمة الحالية، واتفقا على خارطة طريق".

أما قرداحي، فنقلت وسائل إعلام لبنانية أنه ينتظر الاطلاع من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على مواقف المسؤولين العرب والأجانب، مؤكدا أنه لن يستقيل وأنه لم يغير موقفه.

وتعليقا على تصريحات رئيس الحكومة اللبنانية، قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إن موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مسؤول وشجاع، وأضاف أن على الآخرين التجاوب مع ميقاتي بالحد الأدنى من المسؤولية والوطنية لتجنيب لبنان مآسي إضافية، وفق تعبيره.

موقف حزب الله

من جهتها، قالت الكتلة البرلمانية لحزب الله إنها تجدد دعمها لوزير الإعلام اللبناني، وأضافت أنها تحمّل السعودية مسؤولية افتعال الأزمة الأخيرة مع لبنان، رافضة الإملاءات الخارجية على الحكومة، وفق تعبيرها.

وكان نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، وصف الإجراءات السعودية تجاه بلاده بأنها "عدوان غير مبرر"، مطالبا الرياض بالاعتذار.

وقال قاسم -في حديث متلفز- إن السعودية تعمل بطريقة خاطئة، لأن أحدا لا يستطيع ليّ ذراع حزب الله والشعب اللبناني، وفق تعبيره. وأكد أن لبنان ليس "مكسر عصا"، ويتعامل مع السعودية بندية وكدولة مستقلة.

تفاعلات دولية

وفي التفاعلات الدولية للأزمة، دعت فرنسا الأطراف الرئيسية في المنطقة إلى الاضطلاع بدورها في حمل بيروت على تنفيذ الإصلاحات، وإخراجها من المأزق الذي تراوح فيه.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر -يوم الخميس- إنها على اتصال بجميع الأطراف، وحثت المسؤولين اللبنانيين والقوى الإقليمية على تهدئة الوضع.

وأضافت المتحدثة للصحفيين في إفادة يومية أن "النأي بلبنان عن الأزمات الإقليمية أمر غاية في الأهمية.. وفي هذا الإطار، لا بد أن يتمكن لبنان من التعويل على كل شركائه في المنطقة لمساعدته على الخروج من الأزمة".

كما أعربت الولايات المتحدة عن أملها في أن تستعيد المملكة العربية السعودية والدول الخليجية العلاقات مع لبنان، وعبّرت عن تفهمها لمخاوف الرياض.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحفيين، "موقفنا هو أن القنوات الدبلوماسية يجب أن تظل مفتوحة إذا أردنا السعي لتحسين الظروف الإنسانية للشعب اللبناني".

يأتي التصريح الأميركي بعد يوم من لقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن برئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، على هامش قمة المناخ للأمم المتحدة في غلاسكو.

وأوضح برايس أن واشنطن ليس لديها موقف بشأن ما إذا كان ينبغي أن يبقى الوزير قرداحي في منصبه، لكنها عبّرت عن تفهمها للمخاوف السعودية.

وأضاف أن "الفكرة التي تقول إن الحوثيين لا يمثلون قوة مزعزعة للاستقرار وقوة تسببت في معاناة إضافية لشعب اليمن، هي فكرة لا ندعمها".

أسوأ خلاف

ويواجه لبنان ما يوصف بأنه أسوأ خلاف له مع دول الخليج، جراء تصريحات أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بشأن الحرب في اليمن قبل تعيينه في الحكومة.

وقال قرداحي -في مقابلة بثت يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكانت قد سجلت قبل أسابيع من تعيينه وزيرا- إن الحوثيين في اليمن يدافعون عن أنفسهم في وجه ما يرى أنه اعتداء خارجي من السعودية والإمارات.

وعلى إثر ذلك، استدعت السعودية سفيرها لدى بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض وقررت حظر كل الواردات اللبنانية، كما اتخذت البحرين والكويت والإمارات بعض الخطوات المماثلة.

وجرت اتصالات عربية ودولية لاحتواء الأزمة، وأكد الرئيس اللبناني حرصه على إقامة أفضل العلاقات مع السعودية.

المصدر : الجزيرة + وكالات