توتر بين أنصار حفتر وأتباع نجل القذافي وتهديد للقضاء.. الأمم المتحدة والحكومة الليبية قلقتان على مصير الانتخابات

خليفة حفتر (يمين) وسيف الإسلام القذافي (وكالات)

أبدت الحكومة الليبية والأمم المتحدة قلقهما أمس الاثنين بعد تجدد إغلاق محكمة سبها (جنوب) بهدف منع محامي سيف الإسلام القذافي من استئناف قرار إسقاط ترشحه للانتخابات الرئاسية.

وقالت الحكومة المؤقتة في بيان صدر في وقت متأخر الاثنين إنها تتابع "بقلق بالغ التوترات حول محكمة سبها التي تعرقل شرعية المؤسسة القضائية"، مشددة على أن "تهديد حياة القضاة أو محاولة التأثير على عملهم يهدد بعودة المدينة إلى حرب أهلية".

حصار المحكمة

وفي وقت سابق من يوم أمس الاثنين حاصرت قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر محكمة سبها الابتدائية جنوبي ليبيا، لمنع البت في الطعن الانتخابي المقدم من قبل محامي سيف الإسلام القذافي، وفق إعلام محلي.

ونقلت قناة ليبيا الأحرار (محلية خاصة) مقطعا مصورا يظهر أفرادا من كتيبة طارق بن زياد التابعة لقوات حفتر، وهم يستقلون عربات عسكرية ويحاصرون محكمة سبها.

وبدورها بثت قناة "فبراير" (خاصة) مقطع فيديو يظهر فيه أفراد جهاز الشرطة القضائية وهم يخلون مسؤوليتهم من حماية الشوارع المؤدية للمحكمة قائلين "نحن نؤمن داخل المحكمة فقط، أما خارجها بمتر واحد فلا علاقة لنا به".

ويؤدي تطويق المحكمة إلى منع النظر في الطعن المقدم، لليوم الثاني، وذلك بعد تأجيل جلسة، الأحد، بسبب تأخر حضور أحد القضاة الثلاثة.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها وسائل إعلام محلية، لم يتسن التأكد من صحتها من مصادر رسمية، مسلحين ينتمون إلى قوات حفتر يغلقون سبل الوصول إلى المحكمة الابتدائية في سبها الواقعة على بعد 770 كيلومترا جنوب طرابلس.

حوادث مماثلة

وسجلت حوادث مماثلة أمام هذه المحكمة منذ الخميس، مما منع لليوم الخامس على التوالي محامي سيف الإسلام -نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي- من الطعن في قرار إسقاط ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

ونظم عشرات بينهم أنصار لسيف الإسلام وقفة احتجاجية في سبها أمس الاثنين، وسط أجواء متوترة، للتنديد بـ"الهجوم على عمل العدالة".

استبعاد مرشحين

وكانت المفوضية العليا للانتخابات قد أعلنت الأسبوع الماضي استبعاد 25 مرشحا لعدم التزامهم بأحكام قانون الانتخابات، على رأسهم سيف الإسلام القذافي (49 عاما) المطلوب دوليا والمحكوم عليه محليا.

ويعول نجل القذافي على دعم أنصار نظام والده، خصوصا في جنوب البلاد حيث معقل قبيلته القذاذفة.

ولا تزال هناك أصوات معارضة لإجراء الانتخابات في مواعيدها المقررة، لا سيما في ظل رفض كثيرين للقوانين الانتخابية التي يعتبرون أنها لم تعتمد بشكل قانوني وتوافقي.

ويعد المجلس الأعلى للدولة، وهو بمثابة غرفة ثانية للبرلمان ويتخذ مقرا في طرابلس، أبرز الرافضين لتواريخ الانتخابات.

واتهم المجلس الأعلى للدولة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بإصدار القوانين الانتخابية بدون التشاور معه، وهو أمر نص عليه الاتفاق السياسي الذي أكد على تشارك المجلسين في صياغة هذه القوانين.

وكان حوار سياسي بين الأطراف الليبية برعاية أممية في جنيف في فبراير/شباط الماضي، أفضى إلى تشكيل سلطة سياسية تنفيذية موحدة، مهمتها التجهيز لانتخابات رئاسية وبرلمانية يفترض أن تنظم على التوالي في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني المقبلين.

تهديدات للقضاء

وقالت البعثة الأممية في بيان لها "ندين بشدة جميع الأعمال التي تخل بنزاهة العملية الانتخابية وتؤدي إلى منع الليبيين من ممارسة حقوقهم الديمقراطية بأمان وكرامة".

وأضافت "نتابع بقلق بالغ استمرار إغلاق محكمة الاستئناف في سبها، بالإضافة إلى ما أفيد من توجيه تهديدات ضد القضاء".

وأوضح البيان أنه "وفقا لتلك التقارير، قامت مجموعة مسلحة يُزعم أنها تنتمي إلى القوات التي تسيطر على سبها بعرقلة عمل المحكمة في سبها مجددا ومنع القضاة من الحضور شخصيا لأداء الواجبات المنوطة بهم قانونا، مما يعيق وبشكل مباشر العملية الانتخابية".

كما أعربت البعثة عن "الانزعاج الشديد إزاء التقارير المتزايدة عن الترهيب والتهديد ضد القضاة والموظفين في السلك القضائي، ولا سيما أولئك الذين يتعاملون مع الشكاوى المتعلقة بالانتخابات، وضد المرشحين أيضا، في عدد من المناطق في ليبيا".

وحث البيان "جميع السلطات الأمنية ذات الصلة على ضمان وصول جميع المرشحين وبشكل متكافئ إلى الإجراءات القانونية الواجبة وضمان سلامة القضاة وأمنهم".

تحذير أممي

وطالبت البعثة "السلطات والمؤسسات اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية كعملية حرة ونزيهة وشاملة وذات مصداقية دون ترهيب أو إخلال بالوضع الأمني".

وحذرت البعثة من "أي عمل يمكن أن يؤدي إلى حرمان الليبيين حقهم في انتخاب ممثليهم بطريقة ديمقراطية أو قد يؤدي إلى تقويض إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشاملة وشفافة وذات مصداقية".

والأربعاء، أعلنت مفوضية الانتخابات الليبية "قائمة أولية" تضم 73 مرشحا للانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل، إضافة إلى قائمة أخرى بـ25 مستبعدا، منهم سيف الإسلام القذافي.

ويرى مراقبون أن عودة سيف الإسلام للواجهة تشكل خطرا على حفتر الذي ترشح بدوره للانتخابات، والذي يعتمد في شعبيته على أنصار النظام السابق.

ويعود سيف الإسلام إلى الواجهة السياسية في ليبيا بعد نحو 10 أعوام من مقتل والده معمر القذافي على يد محتجين إبان ثورة 17 فبراير/شباط 2011، التي أنهت نظام حكمه (1969-2011).

المصدر : وكالات