تحركات سياسية للبرهان قبل يوم من إجراءاته.. 4 دول تدعو لإعادة الحكومة السودانية وبلينكن يستعين بإسرائيل للضغط على الجيش

دعا بيان أميركي بريطاني سعودي إماراتي مشترك إلى العودة الكاملة والفورية للحكومة والمؤسسات الانتقالية بقيادة مدنية، وقال قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إن الجيش سيشكل حكومة تكنوقراط مدنية جديدة.

ودعا البيان الذي صدر عن وزارات خارجية الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والسعودية والإمارات، إلى الإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة ورفع حالة الطوارئ.

وأكدت الدول الأربع أهمية الالتزام بالوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا للسلام، كأساس لمزيد من الحوار بشأن كيفية استعادة وتعزيز شراكة مدنية عسكرية حقيقية لما تبقى من الفترة الانتقالية بانتظار الانتخابات.

يأتي هذا في حين دخلت الأزمة السياسية في البلاد أسبوعها الثاني، في ظل غياب مؤشرات على إيجاد حلّ يوفق بين القيادة العسكرية والقوى المدنية التي تتمسك بمعارضتها للإجراءات التي اتخذها قائد الجيش.

وكان البرهان أطاح بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووضعه تحت الإقامة الجبرية، فدعا ذلك الدول الغربية لوقف مساعدات بمئات الملايين من الدولارات إلى السودان.

وفي تطور آخر، قال توت قلواك، المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان ورئيس فريق وساطة بلاده في الأزمة السودانية، إن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أطلق سراح عدد من المعتقلين وتعهد بإطلاق سراح بقية المعتقلين خلال 24 ساعة.

وأضاف المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان، للجزيرة، أن رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك هو أحد المرشحين لتشكيل الحكومة الجديدة وفق رؤية سياسية جديدة، مؤكدا أن القائد العام للجيش السوداني أبدى استجابة لوساطة دولة جنوب السودان.

البرهان.. تحركات قبيل الإجراءات

وفي السياق، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن سلسلة من التحركات لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان قبل يوم واحد من الإجراءات الاستثنائية التي كان أعلنها.

وأضافت الصحيفة أن البرهان طمأن المبعوث الأميركي إلى السودان جيفري فيلتمان بأنه لا ينوي الاستيلاء على السلطة، كما ذكرت وول ستريت جورنال أن البرهان سافر بعد ذلك إلى مصر لإجراء محادثات سرية لضمان دعم إقليمي وفقا للصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على الاجتماع أن البرهان تلقى تطمينات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. كما أشارت إلى أن رئيس المخابرات المصرية عباس كامل سافر قبل الانقلاب مباشرة إلى الخرطوم للقاء البرهان، لكنه لم يجتمع مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

ونقلت الصحيفة عن مستشار في الحكومة السودانية قوله إن كامل قال للبرهان إن "على حمدوك الرحيل".

من جهته، نقل موقع "أكسيوس" (Axios) عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بحث موضوع السودان في اتصال مع وزير دفاع إسرائيل.

وأضاف الموقع أن بلينكن طلب من إسرائيل حث جيش السودان على إنهاء الانقلاب العسكري.

ووفقا لأكسيوس، فقد زار وفد من جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) الخرطوم مطلع الأسبوع بهدف تقصي الحقائق.

حكومة تكنوقراط

وأكد البرهان حرص القوات المسلحة على حماية الانتقال الديمقراطي في البلاد، واستكمال هياكل الفترة الانتقالية، وصولا إلى انتخابات حرة ونزيهة تأتي بحكومة مدنية منتخبة تمثل تطلعات الشعب السوداني.

وشدد البرهان -خلال لقاء له اليوم الأربعاء مع المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي أولسون أوباسانغو- على أنهم بصدد تعيين رئيس وزراء يقوم بتشكيل حكومة تكنوقراط مدنية.

وأطلع البرهان مبعوث الاتحاد الأفريقي على تطورات الأوضاع السياسية في البلاد.

وأكد العميد الطاهر أبو هاجة، المستشار الإعلامي للبرهان -في تصريحات نقلها التلفزيون السوداني- أن قادة الجيش يدرسون كل المبادرات الداخلية والخارجية بما يحقق المصلحة الوطنية، وأنهم يؤمنون بضرورة تلبية شعارات "ثورة ديسمبر" التي قامت ضد الرئيس المعزول عمر البشير.

وأردف "تشكيل الحكومة بات وشيكا"، من دون أن يقدم أي تفاصيل.

وأكد أبو هاجة أن القائد العام للجيش حريص على وحدة الصف الوطني، وأن ترتكز الحلول الوطنية بما يعزز التوافق ويحقق إجماع كل السودانيين.

وتابع أن "التأني طوال الفترة الماضية يعود إلى حرصنا على إيجاد معالجة تتفق مع إستراتيجية التصحيح التي ولدت بعد 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

شروط حمدوك

في المقابل، قال مكتب عبد الله حمدوك إن رئيس الوزراء يرفض الدخول في أي حوار بشأن عودته إلا بعد إطلاق سراح جميع المعتقلين، وإعادة المؤسسات الدستورية كافة لما قبل 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو تاريخ قرارات قائد الجيش.

وفي السياق، أكد مصدر عسكري لوكالة "سبوتنيك" الروسية أن حمدوك لم يوافق بعد على إجراء حوار لتشكيل حكومة جديدة في البلاد، مشيرا إلى اجتماع مرتقب للمكون العسكري في مقر القيادة العامة للجيش السوداني لتحديد مستقبل حمدوك السياسي.

وقال المصدر العسكري "حمدوك يواجه ضغوطا قوية من المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير لعدم موافقته على ترأس الحكومة من جديد والتمسك بالحكومة السابقة".

وكان موقع "بلومبيرغ" نقل أمس الثلاثاء عن مصادر سودانية أن المكونين المدني والعسكري يقتربان من التوصل إلى اتفاق جديد لتقاسم السلطة.

وأضاف الموقع أن أحد المقترحات قيد النقاش يقضي بمنح حمدوك صلاحيات أكبر، لكن في ظل حكومة جديدة أكثر تقبلا للجيش.

وحسب المصادر نفسها، فإنه بموجب الاتفاق المقترح سيكون الجيش مسؤولا عن مجالس الأمن والدفاع، لكن التعيينات الوزارية ما زالت تشكّل مادة للخلاف بين الجيش والسياسيين.

وقال القيادي في "قوى الحرية والتغيير-جناح المجلس المركزي" فضل الله برمة إن مبادرات تجري لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين، مضيفا للجزيرة أن ما دعاها "اتصالات مبشرة مع العسكريين" ستظهر نتائجها اليوم الأربعاء.

اجتماعات

في المقابل، قال القيادي بقوى الحرية والتغيير-مجموعة الميثاق الوطني ورئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي إن إجراءات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تمثل انقلابا، خاصة تلك المتعلقة باعتقال الوزراء وأعضاء بمجلس السيادة الذي تم حله.

وأضاف مناوي -خلال مؤتمر صحفي بالخرطوم- أن المكون العسكري تعهد بعدم تشكيل أي مؤسسات إلى حين الانتهاء من المبادرات التي تعمل على معالجة الأزمة.

كما كشف مناوي عن اجتماعات مع حمدوك ربما تسفر عن عودته رئيسًا لمجلس الوزراء رغم وصفه له بأنه لم يكن محايدا في حل الخلافات بين مكونات ائتلاف قوى الحرية والتغيير، مشددا على رفضه العودة للوضع الذي كان قبل 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وساطات دولية

وتتجه وساطات دولية للدخول في قلب الأزمة السياسية على أمل التقريب بين أطرافها، في ظل استمرار المظاهرات الرافضة لإجراءات الجيش.

فقد تحدثت الأمم المتحدة والولايات المتحدة عن تواصلهما مع أطراف إقليمية ودولية مهتمة بدعم الانتقال في السودان لمساعدة الشعب السوداني على تحقيق تطلعاته.

وكانت مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي أنيت ويبر جددت رفض الاتحادين الأوروبي والأفريقي للإجراءات الأخيرة للبرهان.

وقالت ويبر -في مقابلة مع الجزيرة- إن الاتحاد الأوروبي ما زال يدعم عبد الله حمدوك رئيسا للوزراء.

وقال المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان إن واشنطن قلقة مما حدث في 25 من الشهر الماضي، ومما وصفه بسرقة السلطات العسكرية للانتقال الديمقراطي في السودان، وذلك خلال لقاء له بمعهد واشنطن للسلام.

وأعرب المقرر الأممي المعني بالحق في التجمع السلمي كليمان فولي عن قلقه إزاء ما سماه القمع العنيف والمستمر للمظاهرات السلمية، وعمليات القتل خارج إطار القانون والاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين على ما وصفه بـ"الانقلاب العسكري في السودان".

ودعا المقرر الأممي ما سماها سلطات الأمر الواقع إلى التحقيق في تقارير استخدام القوة ضد المحتجين السلميين، والاستماع إلى المطالب المشروعة بالعودة إلى الانتقال الدستوري، كما دعا إلى إطلاق سراح المعتقلين من المحتجين السلميين بشكل فوري، ومن دون قيد أو شرط.

وتظاهر عشرات السودانيين في مناطق عدة بالعاصمة الخرطوم، مساء أمس الثلاثاء، رفضا لإجراءات البرهان. وأظهرت المقاطع تظاهر العشرات في شوارع منطقة الرياض ومنطقة امتداد ناصر بالخرطوم وسط شعارات مناوئة للجيش.

وكانت القوى الأمنية في الخرطوم فتحت عددا من الجسور، وأزالت المتاريس والحواجز التي وضعها المحتجون في الشوارع.

وترافقت هذه الإجراءات مع دعوات أطلقتها تجمعات مهنية لمواصلة العصيان المدني والإضراب عن العمل.

المصدر : الجزيرة + وكالات