ليبراسيون: شركة فرنسية متورطة في صفقة بيع معدات مراقبة لخليفة حفتر

Khalifa Haftar, the military commander who dominates eastern Libya, shakes hands with French President Emmanuel Macron after the participants of the International Conference on Libya listened to a verbal agreement between the various parties regarding the organization of a democratic election this year at the Elysee Palace in Paris, France, May 29, 2018. Etienne Laurent/Pool via Reuters
حفتر (يمين) يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقاء سابق بباريس في مايو/أيار 2018 (رويترز)

قالت صحيفة ليبراسيون (Liberation) إن شركة فرنسية باعت عبر فرع لها في دولة الإمارات نظام مراقبة اتصالات حديث لما يسمى "الجيش الوطني الليبي" بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وذلك رغم الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على بيع مثل هذا النظام لليبيا منذ عام 2011.

وأوضحت الصحيفة أن رجال الدرك في المكتب المركزي لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجرائم الحرب بفرنسا، اكتشفوا أثناء تحقيق جنائي مع شركة "نيكسا تكنولوجيز" (Nexa Technologies) بشأن عقد آخر مع مصر أن هذه الشركة الصغيرة كانت تستعد لتزويد جهة غير حكومية وغير معترف بها من قبل المجتمع الدولي بأحدث معدات مراقبة، لكن كان عليها من أجل القيام بذلك تجاوز الحظر الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ عام 2011 على توريد مثل هذه المعدات إلى ليبيا.

نظام اعتراض تكتيكي

ويسمح نظام "ألفا ماكس" (alpha max) للاعتراض التكتيكي الذي حصل عليه حفتر بالاستماع إلى جميع المكالمات الهاتفية في منطقة يعتمد حجمها على الهوائي، وهو مجال تخصص شركة "نيكسا تكنولوجيز" التي لا تتردد في تقديم خدماتها للأنظمة التي لا تحترم حقوق الإنسان، حسب الصحيفة.

وذكرت ليبراسيون أن الشركة الفرنسية أسسها عام 2012 مدير تنفيذي سابق من شركة "أميسيس" (Amesys) التي زودت نظام العقيد معمر القذافي بنظام قادر على اعتراض حركة الإنترنت "في كافة أرجاء ليبيا"، وكُشف أمر تلك الصفقة التي تم تنفيذها سنة 2007 بعد سقوط النظام الليبي سنة 2011، لتصبح موضوع متابعة قانونية في فرنسا بتهمة "التواطؤ" في أعمال التعذيب في ليبيا.

وبعد هذه الفضيحة، أسس ستيفان ساليز وأوليفييه بوهبوت -اللذان كانا من قبل مسؤولين تنفيذيين في شركة "أميسيس"- شركتين جديدتين هما "نيكسا تكنولوجيز" في فرنسا، و"أنظمة الشرق الأوسط المتقدمة" في الإمارات، ليتابعا عبر الشركتين الجديدتين التعامل مع أنظمة دكتاتورية رغم التحقيق القضائي في صفقة تزويد القذافي بنظام مراقبة الإنترنت، كما تفيد الصحيفة.

وفي عهد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، باعت "نيكسا تكنولوجيز" عام 2014 منظومة "سيريبرو" (Cerebro) التي تسمح "بمراقبة المشتبه فيهم بشكل آني" للسلطات المصرية، وهو -حسب كتيب تجاري- استنساخ محدث لنظام "إيغل" (Eagle) الذي تم نشره في ليبيا للقذافي.

وأبرمت هذه الصفقة مع المخابرات العسكرية المصرية مقابل 11 مليون يورو، قبل أن يفتح القضاء الفرنسي تحقيقا في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 بتهمة "التواطؤ في أعمال تعذيب واختفاء قسري" تتعلق بأنشطة شركة "نيكسا تكنولوجيز" في مصر، مما أدى إلى توجيه اتهام لمؤسسيها ستيفان ساليز وأوليفييه بوهبوت.

وفي أبريل/نيسان 2021، تم تشكيل خلية من 12 من رجال الدرك للعمل على الصفقتين؛ الليبية في عهد القذافي والمصرية، وقاموا بالتنصت على المشتبه فيهم، وبتفتيش مقر الشركة الباريسي عثروا فيه على "وثائق تتعلق بعقد بين شركة أنظمة الشرق الأوسط ووزارة الاتصالات والمعلومات الليبية في بنغازي تحت سلطة حفتر"، كما كشف لهم التنصت على خط ستيفان ساليس، الرئيس التنفيذي لشركة "نيكسا"، أنه بحث عن أفضل حل لتسليم البضائع رغم الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على شحنات الأسلحة، ووجدوا طريقة "عبر دول متعددة"، حسب المحققين.

فواتير مدفوعة

واعترف ستيفان ساليس أثناء التحقيق معه في حجز الشرطة بعلاقة العمل مع حفتر، وقال إن المعدات لم تصل إلى وجهتها في ذلك الوقت، وإنها كانت عالقة في المنطقة الحرة بدبي، كما أكد مسؤول تنفيذي آخر في "نيكسا تكنولوجيز" عدم التسليم مع علمه بدفع الفاتورة.

ورأى المحققون في تقرير موجز أن "هذه الوقائع قد تشكل جريمة تآمر إجرامي لارتكاب التعذيب والأعمال البربرية"، وأوصوا بحظر التسليم على الفور، والتحقق مما إذا كانت الأذونات صدرت بعد أن كان تشديد الرقابة على بيع هذه المعدات قد تم بعد صفقة "أمسيس".

غير أن المثير للدهشة -كما تضيف الصحيفة- أن مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب المسؤول عن قضايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية قرر عدم فتح تحقيق في هذه الوقائع الجديدة أو تمديد التحقيقات إلى هذا العقد الجديد مع حفتر، واكتفى بطلب مواصلة التحقيقات ضمن الإطار الإجرائي القائم والمقاضاة على الجرائم الجمركية التي هي أقل خطورة بكثير من "التآمر لارتكاب جرائم التعذيب".

ويبدو أن القضية حساسة لأن فرنسا دعمت سرا "الرجل القوي" في شرق ليبيا المشتبه في ارتكابه جرائم حرب والمستهدف بأكثر من شكوى في باريس، وأرسلت قوات خاصة وسرية من مديرية الأمن العام إلى جانبه بذريعة محاربة تنظيم الدولة في المنطقة، كما تقول الصحيفة. وتختم بتساؤل: هل كان توفير تقنية المراقبة من قبل شركة فرنسية جزءًا من هذه الشراكة السرية؟

المصدر : ليبراسيون