الشهيد أمجد.. قصة طفل فلسطيني استدرجه الاحتلال واغتاله في بيت لحم

بيت لحم- يعلق الفلسطيني أسامة أبو سلطان على جدران خيمة العزاء صورا لنجله الشهيد الطفل أمجد (14 عاما)، وأخرى لمكان استشهاده برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة النفق بمدينة بيت جالا غرب بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة.

ويضع أبو سلطان الصور بشكل متسلسل، لتحكي قصة طفله الذي احتَجَز الاحتلال جثمانه منذ استشهاده في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى تسليمه ودفنه بعد 40 يوما، ويتحدث مع كل الزائرين عن قصة نجله الذي كان قال إنه كان مستهدفا من ضابط مخابرات الاحتلال المسؤول عن المنطقة التي يسكنها في بيت لحم.

فادي العصا/ صور للمحادثة عبر منصة الفيسبوك بين ضابط الاحتلال والشهيد الطفل أمجد أبو سلطان قبل استشهاده بشهرين، فيما وصفها والده بأنها استفزاز وتلاعب واستهداف لنجله الطفل.
صور للمحادثة عبر منصة الفيسبوك بين ضابط الاحتلال والشهيد الطفل أمجد أبو سلطان قبل استشهاده بشهرين (الجزيرة)

استدراج ثم اغتيال

إحدى الصور المعلقة على جدران خيمة العزاء، كانت لمحادثة بين الطفل أمجد، وبين ضابط المخابرات الإسرائيلي المسمى في المحادثة "الكابتن وسام أبو أيوب" مساء يوم 13 أغسطس/آب 2021، والتي قال لأمجد فيها: "لا تغضب، لقد كان أدهم يلعب بالنار، ويستحق السجن"؛ في إشارة إلى صديقه أدهم أبو سرور المعتقل فجر ذلك اليوم.

ويرى أبو سلطان -في حديثه للجزيرة نت- أن طفله أمجد كان مستهدفا، وتم استفزازه والتلاعب به، إلى أن تم اغتياله بشكل متعمد من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي بكمين محكم.

ويرى أبو سلطان أن الاستفزاز كان من ضابط مخابرات لطفل صغير من خلال استخدام كلمات مثل: " أنت لا تهمني"، كما جاء في إحدى المراسلات، مما دفع أمجد الطفل لأن يقوم بأي فعل مقاوم نكاية بضابط المخابرات، وهو ما رآه دفاعا وثأرا عن صديقه المعتقل.

عندما وصلنا إلى خيمة عزاء الشهيد في مدينة بيت لحم، كان الوالد يشرح للحاضرين القصة التي صورها من لحظة الاستهداف إلى الاغتيال، وإحدى الصور كانت لمنطقة استشهاد أمجد في بيت جالا، وقد وضع عليها خطوطا ودوائر، وذكر أن أمجد لم تكن زجاجاته الحارقة تصل إلى الشارع أو المركبات المارة، بل ما زالت آثارها على الجدار الفاصل، كما في الصورة.

ويتهم والد أمجد دولة الاحتلال بأنها دبرت ما أسماه باغتيال نجله الطفل، وتبين أنه كان مراقبا بشكل جيد، وكان الجنود قد نصبوا له كمينا محكما لإطلاق الرصاص عليه من مسافة قريبة، كما أظهر تشريح الجثمان فيما بعد.

فادي العصا/ صور لبيت عزاء الشهيد الطفل أمجد أبو سلطان، في بيت لحم حيث يسكن جده الذي قدم إلى فلسطين عائدا إبان اتفاقية أوسلو، رغم أن عائلته الممتدة في قطاع غزة.
صور لبيت عزاء الشهيد الطفل أمجد أبو سلطان في بيت لحم (الجزيرة)

إخراج فاشل

ويحمل أبو سلطان أوراقا لما قال إنها أخبار نشرت على الإعلام الإسرائيلي، وقال إنه سيستخدمها في الدفاع عن نجله في المحاكم المتاحة، فلسطينيا أولا، ثم إسرائيليا ودوليا، لأنه يرى أن الاحتلال قتل طفله بشكل متعمد وكان بإمكانه أن يعتقله.

كما يفرّق أبو سلطان بين الأخبار المنشورة التي قال إنها مختلفة. ففي أحد الأخبار قيل إن الفتى يبلغ من العمر 16 عاما، وهو لم يتجاوز 14 عاما، كما قيل إن شرطيا من قتله، وهو أمر كاذب لأنه تم اغتياله بكمين محكم، كما أن الجنود الذين قتلوه، كانوا يحملون علما فلسطينيا وضعوه على جثته، في إشارة إلى أنه كان يحمل علما وحاول رفعه على الجدار الذي كان أطول بكثير من حجم أمجد الطفل، واستطاع التأكد من ذلك لأن العلم لم يكن ملطخا بدمائه، وأنها محاولة إخراج فاشلة لقضية قتل متعمد من الاحتلال.

وقد شيعت جماهير فلسطينية جثمان الطفل أمجد وتم دفنه في مقبرة الشهيد حسين عبيات شرق بيت لحم يوم الجمعة، وشوهد والده وهو يقوم بتصوير بث مباشر لمراسم التشييع. وعن ذلك يقول للجزيرة نت إنه لم يستطع أن يُحضِر عائلته الممتدة التي تعيش في قطاع غزة إلى بيت لحم، ولم يستطع كذلك إدخال شقيق أمجد وشقيقته اللذين يدرسان الطب في مصر، ليلقوا نظرة الوداع الأخيرة عليه، لذلك قام بهذا التصوير رغم أنه -باعتباره والد شهيد- كان يجب أن يهتم بأمور أخرى، وفق قوله.

فادي العصا/ صور لبيت عزاء الشهيد الطفل أمجد أبو سلطان، في بيت لحم حيث يسكن جده الذي قدم إلى فلسطين عائدا إبان اتفاقية أوسلو، رغم أن عائلته الممتدة في قطاع غزة.
صور لبيت عزاء الشهيد الطفل أمجد أبو سلطان في بيت لحم (الجزيرة)

عائلة من غزة

وعانى والد الشهيد لسنوات طويلة قبل أن يجمع عائلته في بيت لحم عام 2011، حيث سكن والده اللواء المتقاعد بعدما عاد مع مقاتلين آخرين إلى فلسطين إبان اتفاقية أوسلو عام 1994.

وعن ذلك يقول أبو سلطان للجزيرة نت إن الاحتلال استخدم قضية كون العائلة من غزة في موضوع أمجد أيضا، إذ اتهمه بأنه من القطاع المحاصر، في محاولة أخرى من محاولات التبرير الكثيرة التي قام بها لتغطية جريمة قتل نجله بـ3 رصاصات، كما أظهر تشريح جثمانه، وجريمة احتجاز الجثة وتجميدها.

وأنهى أبو سلطان حديثه للجزيرة نت بالقول: "إنه لن يسكت عما حدث مع نجله من استهداف واستفزاز وتلاعب واستدراج وصولا إلى الاغتيال، وأنه سيقاضي الاحتلال في كل المحاكم المتاحة، متعهدا ألا تُدفن قضية أمجد كما دفن جثمانه".

المصدر : الجزيرة