الإفراج مقابل اعتزال السياسة.. الصحافة المصرية تنشر أول مقال لابن قيادي إخواني

أصبحت الممارسة السياسة بالنسبة لمن هم مثل أبي نوعًا من النشاط المستحيل إعادة إنتاجه بنفس الطرق والوسائل التي حدثت قبل أكثر من عشر سنوات

الدكتور عصام الحداد المستشار السياسي للرئيس المصري الأسبق محمد مرسي
الدكتور عصام الحداد المستشار السياسي للرئيس المصري الأسبق محمد مرسي

في حدث قد يكون الأول من نوعه، نشر موقع مصري مقالا لابن قيادي في جماعة الإخوان المسلمين يدعو فيها السلطات إلى الإفراج عن والده والمعتقلين الآخرين ليعيش حياته بين أهله بعيدا عن السياسة، وذلك في وقت عبر فيه سياسيون وحقوقيون مصريون عن تفاؤلهم بإعادة نظر حكومية في أوضاع المعتقلين في ظل أنباء عن حوارات تجريها قيادات أمنية داخل السجون.

وتزامنت الخطوة مع وعود غير رسمية من بعض المقربين من صناع القرار بالإفراج عن بعض المعتقلين وتحسين ظروف البقية في المعتقلات مقابل امتناع المفرج عنهم عن مزاولة النشاط السياسي.

وكتب الناشط الحقوقي عبد الله الحداد، نجل عصام الحداد، مساعد الرئيس المصري السابق محمد مرسي، مقالا بموقع "مدى مصر" حمل عنوان: "عن أبي السجين.. قبل فوات الأوان" قال فيه إن "هناك قرارا تملكه السلطة في مصر، وهو الاختيار بين أن يقضي شخص مثل والدي ما تبقى من حياته وسط أهله وأحفاده الذين حُرموا منه بسبب سنوات السجن، أو أن يجلس وحيدا في زنزانة انفرادية يقضي فيها ما بقي له من العمر".

تضميد الجراح

وأضاف "خلال الفترة السابقة تسرب العديد من رسائل المعتقلين في السجون المصرية يطالبون فيها بالعفو والخروج من السجون مقابل الانسحاب تمامًا من الحياة العامة، مع التعهد بعدم خوض غمار السياسة من قريب أو بعيد".

وقال: "هذه الرسائل كان يمكن أن تتسع دوائرها إذا سُمح بالتواصل بين المعتقلين السياسيين وبعضهم البعض داخل السجون المختلفة، وعلى الرغم من أن هذه خطوة غير مسبوقة ويمكن أن تكون بذرة إصلاح وتضميد جراح مجتمعية، إلا أنها لم تلقَ الاهتمام الكافي من السلطات المصرية. ويبدو أن من يؤمن بأن الوضع الحالي يمكن الحفاظ عليه باستخدام وسائل قمعية هو الأعلى صوتًا في النقاشات الداخلية.

 

ممارسة السياسة لأمثال أبي "مستحيلة"

 

وفي مقاله بمدى مصر قدم الحداد قراءته للتحولات المصرية، وقال "يبدو أن هناك حقيقة غائبة عن هذه الأصوات العالية، وهي أن طاقات الأمل والحماس ورغبة التغيير التي شهدها الربيع العربي، والتي كانت سببًا في وصول مرسي للحكم قد تبددت بشكل كامل، وسلكت مصر طريقًا مختلفًا منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي سلطة الحكم منذ سبع سنوات"

وتابع: "أصبحت الممارسة السياسة بالنسبة لمن هم مثل أبي نوعًا من النشاط المستحيل إعادة إنتاجه بنفس الطرق والوسائل التي حدثت قبل أكثر من عشر سنوات. وليس من الإنصاف أن تظل الملفات الإنسانية التاريخية الأليمة مفتوحة وأسيرة المربع السياسي الذي أصبح جزءًا من الماضي. خصوصًا أن أبي لم ولن يشكل أي تهديد لبلده مصر أو لأي شخص بأي حال من الأحوال".

وأردف "قد يرى الكثيرون أن أبي من بقايا حقبة سياسية ماضية، سيُترك أصحابها في السجون المصرية وسط دوامة لا تنتهي من المحاكمات، والحبس الانفرادي والإهمال الطبي، ولكن بالنسبة لي هو والدي، جد أولادي، الذي يهتم بالجميع طوال عمره، وهذا ما دفعه في المقام الأول ليصبح طبيبًا، ودفعه بعد ذلك كطالب مصري يدرس في إنجلترا أن يؤسس أكبر منظمة خيرية إسلامية في العالم، تهدف لخدمة وإنقاذ حياة الناس في مختلف أنحاء العالم. كانت هذه بداية انطلاقته الحقيقية لخدمة وطنه بعد ذلك والعمل في الشأن العام. هذه هي الجوانب التي تغفل عنها وتتجاهلها العناوين الرئيسية و التقارير السياسية التي تصف تقلبات السياسة!"

ومنوها بالتحولات الإقليمية كتب الحداد إنه "لا شك أن المتغيرات في السياسية الداخلية المصرية تلقي بظلالها على الدور الجيوسياسي الذي يمكن أن تلعبه بلادنا في منطقتنا المضطربة. وعلى الرغم أن المعتقلين في مصر منذ 2013 أصبحوا في طي النسيان، إلا أنهم عامل أساسي في ديناميكيات السياسة الإقليمية".

وخلص إلى أنه "إذا قررت مصر تجاوز فترة القمع الصعبة التي نعيشها، فستكون قادرة على استعادة نفوذها وتعزيز مكانتها الإقليمية والعالمية مما يؤدي إلى تعاون ونجاح أكبر في التعامل مع العديد من القضايا التي تواجهها البلاد.".

لماذا النشر في صحيفة مصرية؟!

 

وفي حديث للجزيرة نت، أكد الحداد أنه حرص على صدور المقال من موقع أو جريدة مصرية تفاديا لأي سوء فهم متعلق بارتباطات بأي أجندات أو ضغوط خارجية.

وأضاف أنه قد يكتب مقالات أخرى في صحف مصرية "لأن حسم ملف المعتقلين لن يحدث إلا بقرارات سياسية صادرة من داخل مصر".

وأشار إلى أنه لمس إشارات توحي بوجود رغبة في حدوث تقدم في هذا الملف وتحريكه من قبل القيادة المصرية، وجهود النائب السابق محمد أنور السادات، التي وصفها بالمحبذة والمشجعة.

 واستدرك "لكن واضح أنها في نطاق محدود ويجب علينا نحن أهالي المعتقلين أن نعمل على توسيع هذه الجهود لتشمل باقي المعتقلين السياسيين مثل أبي وأخي، وتنتج عنها قرارات جريئة ينبني عليها خروج المعتقلين".

المصدر : الجزيرة