قطر وعُمان.. علاقات تاريخية راسخة ومصير مشترك

أمير قطر وسلطان عُمان خلال لقاء سابق في مسقط (الصحافة القطرية)

العلاقات القطرية العمانية شكّلت على الدوام نموذجا فريدا يحتذى به في العلاقات بين الدول والشعوب، فالعلاقات بين الدوحة ومسقط تعد واحدة من أقوى العلاقات الإستراتيجية بين بلدين، رغم الظروف والتجاذبات التي مرت بها المنطقة خلال الفترة الماضية.

وتأتي زيارة سلطان عُمان إلى الدوحة تأكيدا على عمق هذه العلاقات وتعزيزا للمزيد من مجالات التعاون بين البلدين.

وتمثل زيارة سلطان عمان، التي تعد الأولى إلى الدوحة والثانية خارجيا منذ توليه مقاليد الحكم مطلع 2020، استكمالا لمسيرة التعاون المشترك والتواصل الدائم والعلاقات الأخوية الوطيدة.

واستقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سلطان عُمان في زيارة دولة تستغرق يومين. وقال الديوان الأميري القطري في بيان إن الجانبين سيبحثان خلال الزيارة سبل دعم وتعزيز العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين وآفاق تنميتها وتطويرها، إضافة إلى مناقشة آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.

تقارب بمختلف المجالات

وعلى المستوى الشعبي في قطر ينظر إلى هذه الزيارة بقدر كبير من الاهتمام، وترحاب نوعي غير مسبوق لزيارات القادة، فمنذ الإعلان عن الزيارة انطلقت في وسائل الإعلام وعلى المنصات الإعلامية المختلفة "وسوم" ترحيبية، وتصدر خبر الزيارة الصفحات الأولى من الصحف القطرية.

والعلاقات القطرية العمانية علاقات راسخة منذ الأزل وتمتد بامتداد التداخل القبلي والمصاهرة والأخوّة، بالإضافة للتنسيق بين الدولتين في كل المجالات والتقارب في وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية.

والعلاقات بين البلدين ارتسمت معالمها في شكلها الحديث منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، إذ إنه في تلك اللحظة كان البلدان يشقان طريقهما نحو بناء الدولة الحديثة، ومما يستشهد به في هذا المقام أن عُمان استعارت مناهج التعليم القطرية التي طبقت في سائر مراحل التعليم العام، واستمرت تلك الاستعارة حتى منتصف ثمانينيات القرن الـ20.

كما تميزت العلاقات الثنائية بين دولة قطر وسلطنة عمان بنوع من الاستقرار والثبات والازدهار نظرا للرؤى المشتركة التي تجمع البلدين، بالإضافة إلى تقارب المواقف والتنسيق في كل المجالات، والتشاور المستمر في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية.

مساع لتعزيز التعاون السياحي بين قطر وسلطنة عمان
التعاون الاقتصادي بين قطر وعُمان شهد قفزات كبيرة في الأعوام الماضية (الجزيرة ـ أرشيف)

علاقات اقتصادية متصاعدة

ولمزيد من تقوية العلاقات بين البلدين والشعبين اتفقت الحكومتان على السماح لمواطني الدولتين بالدخول للبلدين بالبطاقة الشخصية بديلاً عن وثيقة السفر الدولية، وهو ما تم تفعيله بقرار وزير الداخلية رقم (5) لسنة 1996 بشأن السماح لمواطني السلطنة بدخول دولة قطر أو الخروج منها باستخدام البطاقة الشخصية.

وفي ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية فقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين دولة قطر وسلطنة عمان نموا متصاعدا خصوصا في السنوات الأخيرة، مستفيدة من الجهد الكبير الذي تقوم به اللجنة القطرية العمانية المشتركة والتي تأسست في عام 1995 بهدف تفعيل العلاقات بين البلدين.

كما وقّع البلدان اتفاقية إنشاء مجلس الأعمال القطري العماني، حتى يتوافق مع المستجدات الاقتصادية الأخيرة، إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم تتعلق بمجالات الإنتاج الغذائي، والتسويق والاستثمار المشترك، وتصدير المنتجات العمانية إلى السوق القطرية وذلك في عام 2018.

كما سجل التبادل التجاري بين قطر وعمان قفزة كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع من ملياري ريال خلال عام 2016، إلى 3.8 مليارات ريال في 2017، قبل أن يصل إلى أكثر من 6.8 مليارات ريال خلال عام 2019، محققا نموا بنسبة 240% خلال عامين.

ويقول سفير دولة قطر لدى سلطنة عُمان الشيخ جاسم بن عبد الرحمن آل ثاني إن زيارة سلطان عمان إلى دولة قطر، اليوم الاثنين، تحمل دلالة لمتانة العلاقات الثنائية في مختلف الصُّعد، لافتا إلى أن هذه الزيارة ستعمل على تأسيس مرحلة ترضي طموحات الشعبين وستحمل في طيّاتها العديد من الرؤى والمشاريع التي ستسهم في تعزيز وتطوير العلاقات سياسيا واقتصاديا وثقافيا.

وأضاف آل ثاني، في تصريح صحفي، أن العلاقات بين قطر وعُمان ذات أطر خاصة تدعمها جذور عميقة من صلات النسب والمصاهرة وتزكيها علاقات اقتصادية وسياسية ضاربة في عمق التاريخ مستندة على إرث ثقافي تليد، وهو ما يجعل منها علاقات توافقية ذات أهداف متنامية وآفاق غير محدودة من التعاون المشترك.

وأشار السفير القطري إلى أن هذه "الزيارة التاريخية" لسلطان عمان في ثاني محطاته الخارجية واجتماعه مع أمير دولة قطر ذات دلالات كثيرة، وستنعكس على المستقبل الذي ينتظر تطوير العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة والأوجه ولتأسيس مرحلة تعمل على إرضاء طموحات الشعبين.

غريب يعتبر أن فصل الوزارات سيساعد على إنجاز العمل الحكومي
صالح غريب يتوقع أن تسهم الزيارة في فتح آفاق جديدة للتعاون بين قطر وسلطنة عمان (الجزيرة)

منعطف جديد

من جهته، يقول الإعلامي القطري صالح غريب إن زيارة سلطان عُمان إلى الدوحة تأتي في سياق العلاقات القطرية العمانية المتميزة منذ القدم والضاربة بجذورها في التاريخ، متوقعا أن تسهم الزيارة في فتح آفاق جديدة من التعاون والتنسيق والتكامل بين البلدين في مختلف المجالات.

واعتبر غريب، في تصريح للجزيرة نت، أن القمة القطرية العمانية ستكون بمثابة منعطف جديد في تاريخ العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن قيادتي البلدين ستبحثان خلال القمة العلاقات الأخوية وسبل تطويرها وتعزيزها في مختلف المجالات بالإضافة إلى تعزيز الشراكات المتعلقة بالاستثمار.

ولفت إلى أن القمة بين أمير قطر وسلطان عمان لن تتوقف عند مناقشة العلاقات والقضايا الثنائية، بل ستكون بعض الملفات الدولية والإقليمية حاضرة بقوة خلال المباحثات بين الجانبين ولا سيما ما يخص الوساطة بين إيران والسعودية خاصة في ظل الدور المتميز للدوحة ومسقط في القيام بدور الوساطة وحل الخلافات.

وأوضح أن القمة القطرية العمانية ستبحث أيضا بعض الملفات المقرر طرحها للنقاش في القمة الخليجية، منوها إلى أن قطر وعمان تؤمنان بأهمية وقوة مجلس التعاون الخليجي.

ويرى الإعلامي القطري أن زيارة سلطان عمان إلى الدوحة تحظى باهتمام دولي وإقليمي نظرا لما تتمتع به قطر وعُمان من ثقل دولي وإقليمي، كما نوه بالترحيب القطري الكبير بالزيارة سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو المنصات الإعلامية الأخرى، مما يعكس أهمية الزيارة ومتانة وقوة العلاقات بين قطر وعُمان.

المصدر : الجزيرة