السودان.. توقيع الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك

الصورة الأولى للقاء البرهان (وسط) وحميدتي (يسار) مع رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك (الجزيرة)

انطلقت في القصر الجمهوري بالخرطوم مراسم إعلان الاتفاق السياسي بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك.

وتعهد الطرفان بالعمل معا لاستكمال المسار الديمقراطي، على أن الوثيقة الدستورية هي المرجعية لاستكمال الفترة الانتقالية.

كما اتفق الطرفان على ضرورة تعديل الوثيقة الدستورية بما يحقق مشاركة سياسية لكل المكونات.

وينص الاتفاق السياسي على أن مجلس السيادة سيشرف على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية من دون تدخل في العمل التنفيذي، فضلا عن تأكيد أن الشراكة بين المدنيين والعسكريين هي الضامن لأمن السودان.

وشمل الاتفاق التحقيق في الأحداث التي جرت في التظاهرات من إصابات ووفيات وتقديم للجناة إلى المحاكمة.

وكان حمدوك عقد اجتماعا مع قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في حين أعلنت قوى سياسية رفضها اتفاقه مع المكون العسكري.

وفي وقت سابق اليوم الأحد، رفع الجيش السوداني الإقامة الجبرية عن رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك عقب اتفاق معه للعودة إلى منصبه خلال الفترة الانتقالية، في حين تتواصل الاحتجاجات ضد قرارات سابقة للمكون العسكري.

وقال مكتب رئيس الوزراء السوداني المعزول عبد الله حمدوك -لرويترز- إن الجيش السوداني رفع القيود عن تحركات حمدوك، وسحب قوات الأمن التي كانت متمركزة خارج منزله اليوم الأحد.

وتم اعتقال حمدوك وزوجته فجر يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قبل إعادتهما إلى منزلهما مساء اليوم التالي ووضعهما قيد الإقامة الجبرية.

وكان بيان من المبادرة -تلقت الجزيرة نسخة منه- أفاد بأن الاتفاق بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وحمدوك يشمل إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، واستكمال المشاورات مع القوى السياسية باستثناء حزب المؤتمر الوطني، فضلا عن الاستمرار في إجراءات التوافق الدستوري والقانوني والسياسي الذي يحكم الفترة الانتقالية.

وأوضح بيان المبادرة -التي تتكون من قوى وأحزاب سياسية مختلفة وحركات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا للسلام وطرق صوفية ومن الإدارة الأهلية- أن الاتفاق سيعلن في وقت لاحق اليوم بعد التوقيع على شروطه والإعلان السياسي المصاحب له.

بدوره، قال رئيس حزب الأمة السوداني المكلف فضل الله بورما ناصر اليوم الأحد إن الجيش سيعيد حمدوك إلى منصبه بعد التوصل إلى اتفاق في وقت متأخر من أمس السبت.

وأضاف ناصر أن حمدوك سيشكل حكومة مستقلة من الكفاءات، وسيتم إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في إطار الاتفاق بين الجيش والأحزاب السياسية المدنية.

رفض

وأعلن حزب الأمة رفضه أي "اتفاق سياسي لا يخاطب جذور الأزمة، ولن نكون طرفا فيه".

كما أعلنت "قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي" في السودان أنها "غير معنية" بالاتفاق المعلن بين البرهان وحمدوك.

وقالت في بيان "أفادت الأخبار الواردة من المصادر الإعلامية المختلفة في الساعات السابقة بالتوصل إلى اتفاق بين قائد الانقلاب (البرهان) وعبد الله حمدوك نتيجة جهود لمبادرة وطنية يعود بموجبها حمدوك رئيسا للوزراء ليشكل حكومة كفاءات وطنية".

وأضاف البيان "إننا في المجلس المركزي القيادي لقوى الحرية والتغيير نؤكد موقفنا الواضح والمعلن سابقا: لا تفاوض، ولا شراكة، ولا شرعية للانقلابيين".

ويستعد البلد لخروج مظاهرات جديدة اليوم الأحد للمطالبة بعودة الحكومة المدنية، ودعا ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي أمس السبت إلى المشاركة في ما سموها "مليونية" الأحد.

وخرجت مظاهرات ليلية في عدد من أحياء وضواحي العاصمة السودانية الخرطوم رفضا للقرارات التي اتخذها قائد الجيش السوداني، وللمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.

احتجاجات

وأفاد شهود عيان للجزيرة بأن الشرطة السودانية أطلقت الغاز المدمع على محتجين بمنطقة شارع الستين (شرقي الخرطوم) بعد أن حاولوا إغلاق جزء من الشارع بالحواجز الإسمنتية والحجارة.

كما أفاد مراسل الجزيرة بأن محتجين أغلقوا بالحجارة الشارع الرئيسي في حي الديم (وسط الخرطوم) رفضا لقرارات البرهان.

وأطلقت الشرطة السودانية الغاز المدمع لتفريق متظاهرين في الخرطوم بحري، وشهد تقاطع "المؤسسة والمعونة" (وسط المدينة) مواجهات بين الطرفين.

ورشق المتظاهرون الشرطة بالحجارة، ونصبوا المتاريس لإعاقة تحركاتها، كما شبّ حريق في قسم شرطة "حي الشعبية" بالمدينة.

وقد أصدر والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة قرارا بتشكيل لجنة لتقصّي الأحداث التي رافقت مظاهرات السبت والأربعاء الماضيين للتحري عن أسباب الوفيات والإصابات التي صاحبت المظاهرات، والوصول إلى الجناة، وفقا للقرار.

جانب من الاحتجاجات الرافضة لقرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في العاصمة السودانية الخرطوم (الفرنسية)

من جهته، قال المتحدث باسم الشرطة السودانية للجزيرة إن متظاهرين أحرقوا مركزا للشرطة في مدينة الخرطوم بحري.

وشهدت أحياء في مدن العاصمة السودانية الثلاث (الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان) مظاهرات رافضة لقرارات البرهان، وطالب المتظاهرون بعودة حمدوك لممارسة مهامه وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

ونصحت السفارة الأميركية في السودان الرعايا الأميركيين بالبقاء في منازلهم قدر الإمكان تزامنا مع مظاهرات متوقعة في الخرطوم اليوم الأحد.

وأشارت السفارة -في بيان لها- إلى أنه رغم الطابع السلمي للدعوات التي يطلقها المنظمون فإن المظاهرات السابقة شهدت مواجهات عنيفة.

دعوات لإنهاء العنف

وقد دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إنهاء العنف ضد المتظاهرين في السودان، وإطلاق سراح جميع المعتقلين.

وأضاف بلينكن أن بلاده تضم صوتها إلى أصوات المتظاهرين المنادين بعودة الحكومة الانتقالية.

وقال السيناتور الأميركي كريس كونز إنه لا ينبغي للولايات المتحدة السماح بنجاح الانقلاب في السودان، وفق تعبيره.

وحذر كونز القادة العسكريين في السودان من عواقب وخيمة إن لم يسمحوا باستئناف التحول الديمقراطي بقيادة مدنية.

وكان كونز تقدم باقتراح إلى مجلس الشيوخ الأميركي لفرض عقوبات على القادة العسكريين في السودان.

وجدد سفراء الاتحاد الأوروبي بالخرطوم دعمهم مطالب الشعب السوداني في تحقيق الديمقراطية والحرية والسلام والعدالة، إلى جانب احترام حقوق الإنسان.

وأبدى السفراء استعدادهم لدعم الحوار من أجل إيجاد تسوية للأزمة الحالية حسب بيان صحفي لهم إثر اجتماعهم في الخرطوم مع عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي، ووزير العدل في الحكومة المعزولة نصر الدين عبد الباري، إلى جانب والي وسط دارفور المعزول أديب يوسف.

المصدر : الجزيرة + وكالات