تبحثها واشنطن لشراء الوقت.. خبراء أميركيون يفككون فكرة "اتفاق نووي مؤقت مع إيران"

تدرس واشنطن التوصل إلى اتفاق مؤقت مع طهران بشأن البرنامج النووي الإيراني بحيث يجمد هذا الاتفاق العناصر الأكثر إشكالية في البرنامج الإيراني، مقابل تخفيف محدود للعقوبات.

اتخذت إيران ست خطوات تقليصية حتى الآن تقول إنها تهدف لإنقاذ الاتفاق النووي (الصحافة الإيرانية)
واشنطن تدرس فكرة التوصل إلى اتفاق مؤقت مع طهران بشأن النووي الإيراني لشراء الوقت وتعطيل إنتاج القنبلة النووية (الصحافة الإيرانية)

واشنطن – وسط تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، كشف موقع "أكسيوس" الأميركي أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان تداول مع نظيره الإسرائيلي، إيال حولاتا، فكرة عقد اتفاق نووي مرحلي مع إيران، بدلًا من العودة إلى الاتفاق الشامل الذي تمّ توقيعه عام 2015 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، قبل أن ينسحب منه خلَفه دونالد ترامب.

وأثار سوليفان فكرة التوصل إلى اتفاق مؤقت مع إيران، لكسب المزيد من الوقت للمفاوضات النووية المتعثرة قبل استئناف جولة المحادثات النووية القادمة في فيينا يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وبحسب الموقع، فإن هدف واشنطن من مثل هذا الاتفاق هو شراء الوقت من أجل إجراء المزيد من المفاوضات النووية، في حين تواصل إيران تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية تصل إلى نسبة 60%، وتقترب شيئًا فشيئًا من الحد الذي يمكّنها من إنتاج قنبلة نووية.

جدوى التوصل إلى اتفاق مؤقت

تؤكد باربرا سلافين -الخبيرة في الشؤون الإيرانية ومديرة مبادرة مستقبل إيران في مؤسسة "المجلس الأطلسي"- أن فكرة الاتفاق المؤقت ليست جديدة. وتشير إلى أن "الولايات المتحدة تفضل استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة بالكامل، ولكن إذا ثبت أن ذلك أكثر من اللازم بالنسبة لإيران، فإن التوصل إلى اتفاق مؤقت هو تراجع طبيعي".

وتضيف باربرا -في حديثها للجزيرة نت- أنه "من المفترض أن يجمد مثل هذا الاتفاق العناصر الأكثر إشكالية في البرنامج الإيراني النووي، مقابل تخفيف محدود للعقوبات".

وتعتقد أن "من شأن هذا الإطار أن يوفر مزيدا من الوقت للمفاوضات الصعبة، وأن يخفف الضغط عن أولئك الذين يدعون إلى مزيد من الضغط الاقتصادي أو العمل العسكري. وذلك السيناريو نفسه حدث عام 2013 قبل التوصل إلى الاتفاق النووي النهائي عام 2015".

تطور إيجابي

في حين يرى سينا أزودي، الخبير في "المجلس الأطلسي" والباحث بمؤسسة دراسات دول الخليج، أن التوصل إلى اتفاق مؤقت بمعنى (أقل في مقابل أقل) يعد تطورا إيجابيا ومفيدا للجميع.

ويقول الخبير -للجزيرة نت- "مع اقترابنا من دورة انعقاد الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، هناك احتمال أن تواجه إيران كثيرا من اللوم من الوكالة، بسبب زيادة أنشتطها النووية. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة التوترات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية".

لذلك، يعتقد أزودي أنه بوضع اتفاق مؤقت، على غرار خطة العمل المشتركة الأساسية، يمكن لإيران ومجموعة 5+1، الخروج من هذا المسار التصعيدي وتوفير مساحة دبلوماسية لاتفاق دائم في مرحلة لاحقة. ووفقا لمراقبين أميركيين، تعني فكرة الاتفاق المؤقت -على سبيل المثال- تجميد إيران تخصيب اليورانيوم عند 60%، مقابل أن تفرج واشنطن وحلفاؤها عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة أو تقديم إعفاءات من العقوبات على السلع الإنسانية.

لا يوجد سيناريو مؤكد بعد

من جانبه، يعتبر جودت بهجت -البروفيسور بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأميركية- أن هناك كثيرا من الشكوك في ما يتعلق بالجولة القادمة من المفاوضات (29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري).

ويعتقد بهجت -في حديثه للجزيرة نت- أنه "لا يمكن تأكيد الترتيب لتوقيع اتفاق مؤقت أو نفيه. فالمفاوضات لن تجري أمام وسائل الإعلام، بل ستتم خلف أبواب مغلقة. وهناك كثير من المعلومات والمعلومات المضللة التي سبقت كل جولات المفاوضات التي شهدتها العاصمة النمساوية".

ويعتبر البروفيسور بهجت أن هناك عدة نقاط مؤقتة ترتبط بمرحلة التفاوض القادمة، وهي أن:

  • إيران حققت تقدما كبيرا في برنامجها النووي.
  • إدارة بايدن تتشاور مع حلفاء الولايات المتحدة، ولكن لا يملك أي منهم حق النقض على القرارات الأميركية.
  • إيران تتعرض لضغوط هائلة، ولكن لا توجد دلائل على أن الحكومة في طهران على وشك الانهيار، كما يعتقد البعض في واشنطن.
  • العديد من القوى الإقليمية مقتنعة -عن حق أو خطأ- بأن الولايات المتحدة في طور الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط. وبناء على ذلك، اتخذ عدد من القوى المتنافسة خطوات رئيسية "لملء الفراغ الأمني المتصور". وشملت هذه الخطوات مباحثات مباشرة بين قادة عرب وإسرائيليين وأتراك مع الإيرانيين.

العائق الإسرائيلي

وترفض إسرائيل فكرة أي اتفاق مع إيران، سواء كان مؤقتا أو دائما، ما دام يسمح لإيران بالحفاظ على بنيتها التحتية النووية ومخزونها من اليورانيوم.

وخلال زيارة إلى إسرائيل قام بها المبعوث الأميركي إلى إيران روبرت مالي هذا الأسبوع، أكد كل المسؤولين الإسرائيليين للمسؤول الأميركي أن الطريقة الوحيدة لإعادة إيران إلى اتفاق عام 2015 هي زيادة الضغط بدلا من تخفيفه.

من جانبها، تؤمن إيران بأن الولايات المتحدة يجب أن تعوضها أولا عن انسحابها من الاتفاق، وأن ترفع جميع العقوبات المفروضة منذ عام 2015 دفعة واحدة، وليس على مراحل، وأن تقدم ضمانات بأنه لن تتراجع أي إدارة مستقبلية عن الاتفاق.

المصدر : الجزيرة