حرب المياه تعود من جديد.. لماذا تهدد فرنسا بفرض حصار على "جيرزي" البريطانية؟

عادت جزيرة جيرزي، التابعة للمملكة المتحدة، والقريبة جدا من المياه الإقليمية الفرنسية، لتصنع الحدث، وتشعل حرب تصريحات بين لندن وباريس، خصوصا بعد تهديد الأخيرة بقطع إمدادات الكهرباء عن الجزيرة، وفرض ما يشبه الحصار عليها.

أزمة جديدة بين بريطانيا وفرنسا حول الصيد بمياه جزيرة جيرزي البريطانية (الجزيرة)

لندن – تعود أزمة الصيد البحري لتضفي المزيد من التوتر على العلاقات البريطانية الفرنسية، وتصل بها إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يتبادل فيها الطرفان التهديدات بخوض حرب بحار، إن اقتضى أمر، حمايةً لمصالحهما.

وعادت جزيرة جيرزي، التابعة للمملكة المتحدة، والقريبة جدا من المياه الإقليمية الفرنسية، لتصنع الحدث، وتشعل حرب تصريحات بين لندن وباريس، خصوصا بعد تهديد الأخيرة بقطع إمدادات الكهرباء عن الجزيرة، وفرض ما يشبه الحصار عليها.

وهذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها باريس بالإقدام على هذه الخطوة، حيث سبق لنفس الجزيرة أن كانت قبل أشهر سببا في تحريك كل من البحرية البريطانية والفرنسية سفنهما الحربية في محيط الجزيرة، وكادت المواجهة أن تحدث لولا تدخل الاتحاد الأوروبي للوساطة.

ويخيم الكثير من التوتر على هذه الجزيرة بعد أن بلغ الغضب الفرنسي مداه، باتهام الحكومة في لندن بنكث تعهداتها لمرحلة ما بعد البريكست، خصوصا في الشق المتعلق بالصيد البحري الذي تعتبره فرنسا بالغ الحساسية بالنسبة لها.

ما أسباب الأزمة؟

تقول السلطات الفرنسية إن الحكومة وافقت خلال الأسبوع الماضي على 12 من أصل 47 طلبا تقدمت به السفن الفرنسية للصيد بالمياه التابعة لجزيرة جيرزي، والقريبة من المياه الإقليمية الفرنسية، الأمر الذي يجعل من الوصول إليها سهلا بالنسبة للسفن الفرنسية.

وإجمالا، فقد أعلنت السلطات في الجزيرة البريطانية أنها رفضت 75 من الطلبات المقدمة من سفن الصيد الفرنسية من أصل 170 طلبا، مما يعني أن حوالي نصف الأسطول الفرنسي سيكون عليه مغادرة مياه الجزيرة في مدة لا تتجاوز الشهر حسب اتفاق البريكست. وهذه الأرقام تعتبرها باريس غير مرضية وسوف تقطع الطريق أمام العشرات من سفن الصيد الفرنسية.

جزيرة جيرزي تعتمد على الكهرباء من شركة فرنسية تهدد باريس بقطع الكهرباء عن الجزيرة (غيتي)

على ماذا ينص اتفاق البريكست؟

ينص اتفاق البريكست على أن السفن، التي سيكون لها حق الصيد في مياه جزيرة جيرزي، هي السفن التي تقدم وثائق تثبت تاريخ نشاطها في تلك المنطقة، وبأن تكون أمضت 5 سنوات من الصيد في مياه الجزيرة.

وتقول سلطات الجزيرة إن الكثير من السفن فشلت في تقديم هذه الوثائق، بينما الرواية الفرنسية تقول إنه تمت إضافة الكثير من التفاصيل التقنية التي تجعل من الصعب على السفن إثبات أنها كانت تشتغل في هذه المنطقة لسنوات.

ما طبيعة التهديد الفرنسي؟

تكرر الحكومة الفرنسية تهديداتها السابقة بقطع الكهرباء عن الجزيرة، التي تعتمد في إمداداتها من الطاقة على شركة فرنسية، وهي من يزودها بأكثر من نصف حاجياتها، إضافة لمنع تصدير المياه المعدنية للجزيرة.

كما تلوح فرنسا بمنع دخول البضائع القادمة من هذه الجزيرة إلى ميناء كاليه، وهو ما يعني فرض حصار مطبق على الجزيرة.

في السابق كان البعض يقول إن تهديدات باريس من أجل الضغط، إلا أن وزيرة الشؤون الأوروبية بالحكومة كليمونت بون، تؤكد أن مثل هذه القرارات قد يتم اتخاذها في أقرب وقت.

قارب صيد فرنسي شارك باحتجاج على قوانين بريطانية تحد من حرية الصيد في مياه المملكة بعد البريكست (الفرنسية)

بم ترد الحكومة البريطانية؟

تتعامل بريطانيا بكثير من الصرامة مع التهديدات الفرنسية، وتؤكد استعدادها لتحريك سفنها الحربية من جديد لمنع وصول سفن الصيد غير المرخص لها من الوصول لمياه جزيرة جيرزي.

وأكد وزير البريكست بالحكومة دافيد فورست أن فرنسا لا تتعامل مع بلاده بعدل، مشيرا إلى أن لندن كانت "كريمة" مع الدول الأوروبية بمنحهم حصصا كبيرة من الصيد في المياه البريطانية.

ويتعامل البريطانيون بالكثير من البرود، الذي يعرفون به، بعد أن ضمنوا عدم انجرار الاتحاد الأوروبي للتصعيد الفرنسي، حيث نقلت صحيفة "ديلي ميل" عن مصادر أوروبية عدم رغبة الأوروبيين في التصعيد.

Cod end of fishing trawler net full of haddock, pollock, cod fish and dogfish. Georges Bank, New England
سفن الصيد البريطانية تواجه صعوبة في الصيد قرب جزيرة جيرزي بسبب تضييق فرنسا عليها (غيتي)

لماذا تتعامل فرنسا بكل هذه الحساسية؟

يعتبر الأسطول الفرنسي من أكثر الأساطيل استفادة من الصيد بالمياه الإقليمية التابعة للمملكة المتحدة، بالنظر للقرب الجغرافي، والقدرة على الوصول لبحر الشمال الغني بالأسماك بسهولة.

أما العامل الثاني فهو سياسي، ذلك أن مدينة بولون الساحلية الواقعة شمال فرنسا، والتي تعتبر من أكبر مدن البلاد، تعتمد وبشكل كبير على الصيد البحري، وهي خزان انتخابي لا يمكن لأي رئيس التفريط فيه.

ولا يريد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يفرط في هذه المنطقة أو يغضب الصيادين هناك، ولهذا فهو يلعب بكل أوراقه للضغط على البريطانيين للسماح لصيادي المنطقة بالعودة للصيد في جزيرة جيرزي.

ما ردود الفعل المتوقعة من الصيادين؟

حذر رئيس جمعية الصيد في جزيرة جيرزي، في تصريحات صحفية، بأن صيادي الجزيرة سيكونون على أهبة الاستعداد لمواجهة السفن الفرنسية في حال حاولت الوصول للجزيرة.

وقال المسؤول البريطاني إنهم في السابق لم يتدخلوا لأن الحكومة طلبت منهم البقاء بعيدا "لكن هذه المرة على الفرنسيين أن ينتظروا حربا في المياه إن اقتربوا من جديد".

في المقابل، توعدت أكثر من جمعية صيد فرنسية بأنها مستعدة للمواجهة، وسوف تعود للجزيرة بدون ترخيص، في وقت أكد آخرون أنهم سيردون بمنع وصول أي سفينة بريطانية من ميناء دوفر إلى كاليه، وكذلك عرقلة حركة القطارات.

المصدر : الجزيرة