إيكونوميست: الحكم في تونس صار مركزيا بقيادة أكاديمي لا خبرة له ولا يملك حلولا اقتصادية

إيكونوميست: قيس سعيّد أكاديمي ليس لديه خبرة ولا يميل إلى حل المشاكل الاقتصادية (غيتي)

نشرت مجلة "إيكونوميست" (The Economist) البريطانية تقريرا عن الوضع في تونس والرئيس التونسي قيس سعيّد قالت فيه إن سعيد أكاديمي لا خبرة له ولا يميل إلى حل المشاكل الاقتصادية، وهي القضية الرئيسة التي جلبت له التأييد من الشارع التونسي، كما أنه مشغول حاليا بتوافه الأمور في حين أن بلاده تحترق.

وأوضح التقرير أن التأييد الذي وجده سعيّد لإجراءاته الكاسحة منذ يوليو/تموز الماضي دافعه تردّي الوضع الاقتصادي، ومع ذلك، وبعد شهرين من توليه السلطة، أعلن القليل في طريق وضع برنامج اقتصادي، وخططا غير مكتملة لمكافحة الفساد، واستخدام العائدات لتمويل التنمية، وإستراتيجيته لخفض التضخم هي مطالبة الشركات بتقديم خفض لمنتجاتها.

أستاذة الجيوفيزياء

وأضاف أن سعّيد لا يدري في الاقتصاد كثيرا، وليس لديه سوى قليلين ليساعدوه؛ ففي نهاية الشهر المنصرم، وبعد كثير من التأخير، عيّن رئيسة الوزراء نجلاء بودن، وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب، لكنها أيضا أستاذة جيوفيزياء غير معروفة، ومن غير الواضح مقدار السلطة التي ستمارسها.

وأشارت المجلة إلى أنه في 2018 و2019 طلب "الباروميتر العربي" في استطلاع للرأي من مواطني 12 دولة عربية تحديد الخاصية الرئيسة للديمقراطية، وكان التونسيون أكثر من أي مجموعة أخرى قالوا إنها الاقتصاد، فقد ذكر 55% من المستطلعين التونسيين أن الحكومة الديمقراطية هي التي "تضمن فرص العمل للجميع، في حين ذكر 10% فقط الانتخابات الحرة والنزيهة.

واستمر التقرير يقول إن النظام الديمقراطي الذي أقيم بعد ثورة 2011 أخفق في توفير فرص عمل، وكان النمو أقل من 3% منذ عام 2012.

فوضى مالية

وعن الوضع الاقتصادي الحالي، أوردت إيكونوميست أن الاقتصاد انكمش العام الماضي، بسبب "كوفيد 19" بنسبة 8%، وبلغت نسبة البطالة رسميا 18%، كما تسبب ضعف العملة المحلية في ارتفاع التضخم (حاليا 6.2%)، مشيرة إلى أن أكثر مشاكل قيس سعيّد إلحاحا الآن هي الفوضى المالية في البلاد.

وأضافت أن الدين العام ارتفع من 39% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010 إلى 88% هذا العام، وخلال الفترة نفسها فقد الدينار نصف قيمته. وتبدو البلاد عالقة في فخ الديون مع إجمالي عجز الموازنة البالغ 9% من الناتج المحلي الإجمالي، ومدفوعات خدمة الدين السنوية تراوح ما بين 7% إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتأخذ التحويلات إلى الشركات المملوكة للدولة ما بين 7% إلى 8% أخرى من الناتج المحلي الإجمالي، ويستهلك الدعم الحكومي للسلع نسبة 5% إضافية، وبلغت الأجور العامة 18% من الناتج المحلي الإجمالي، وتذهب كل الإيرادات الحكومية تقريبا إلى البنود المذكورة، تاركة القليل للاستثمار أو الإنفاق الاجتماعي.

على طريق لبنان

وقالت المجلة إن تونس بدأت محادثات مع صندوق النقد الدولي في مايو/أيار الماضي بشأن قرض قدره 4 مليارات دولار (10% من الناتج المحلي الإجمالي) متعهدة بتقليص الأجور العامة والتخلص التدريجي من دعم الغذاء والوقود.

وكان من المؤمل إبرام صفقة قبل إصدار السندات المزمع الشهر الجاري، لكن سعيّد أوقف المفاوضات، وذلك تسبب في انخفاض سعر السندات التونسية.

ويتساءل البعض حاليا عما إذا كانت تونس ستسير في طريق لبنان الذي تخلف عن السداد وشهد اقتصاده انهيارا.

وما هو موجود اليوم، بعد مراسيم سعيّد، هو نظام شديد المركزية بقيادة أكاديمي ليس لديه خبرة ولا ميل إلى حل مشاكل تونس الاقتصادية.

وختمت المجلة تقريرها بالقول إن الحكومة تم الاستيلاء عليها، وحتى الأمور التي لا أهمية لها أصبحت تتطلب الآن موافقة من الرئيس، وإن منتقدي الديمقراطية الفتية في تونس مغرمون بالإشارة إلى ذلك، إذ يقولون إن الديمقراطية أنتجت 10 حكومات في 10 سنوات، ولم يكن أي منها فعالا، لكنهم يتناسون ما حدث قبل ذلك، وهو أن حكم الرجل الواحد مدة 23 عاما لم يكن ناجحا أيضا.

المصدر : إيكونوميست