الفرصة الأخيرة للكوكب.. لهذه الأسباب ستكون قمة المناخ حاسمة في تحديد مصيرنا

يعتقد المتشائمون أن الوقت قد تأخر لمحاصرة آثار التغيّر المناخي، لكن القمة المنعقدة في بريطانيا تؤكد أن هذا الهدف ما زال ممكن التحقيق شريطة اتخاذ إجراءات غير مسبوقة وجريئة من الدول الصناعية الكبرى.

ميدان حريق رمزي للمناخ في ساحة جورج في غلاسكو قبيل قمة المناخ (غيتي)
ميدان حريق رمزي للمناخ في ساحة جورج بمدينة غلاسكو حيث تُعقد قمة المناخ العالمية (غيتي)

لندن- تتجه أنظار العالم إلى مدينة غلاسكو في أسكتلندا التي تحتضن قمة المناخ (COP26)، وذلك بعد تأجيلها سنة بسبب جائحة كورونا. ويُعدّ هذا الاجتماع الذي يمتد على مدى أسبوعين حاسما في معركة الحفاظ على البيئة، فإما الخروج بتعهدات تسهم في خفض الاحتباس الحراري، أو الاستمرار في حالة التدهور البيئي المنذرة بكوارث طبيعية جديدة.

مؤتمر "الإيمان والعلم نحو قمة المناخ العالمية COP26" جمع القادة الدينيين في العالم (مواقع التواصل)

ما هي قمة المناخ (COP26)؟

إنها القمة الـ26 للتغيرات المناخية، وتحتضنها المملكة المتحدة بشراكة مع إيطاليا، وكان مخططا أن تنعقد هذه القمة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، إلا أنها أُجِلت بسبب جائحة كورونا، وحالة الإغلاق التي كان يعيشها العالم.

ومن المتوقع أن تمتد أشغال القمة أسبوعين، من 31 أكتوبر/تشرين الأول إلى 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتنعقد أعمال القمة وجاهيا، بمشاركة آلاف من قادة دول وجمعيات وناشطين في حماية البيئة، وتعهّدت بريطانيا بتلقيح الضيوف الذين لم يحصلوا على مطاعيم كورونا بسبب عدم توفرها في دولهم.

لماذا تعدّ هذه القمة مصيرية؟

تُعدّ قمة المناخ حاسمة في تحديد مصير كوكب الأرض، لأن هدفها الرئيس انتزاع التزامات من دول العالم، بالسعي لخفض الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة بحلول سنة 2030، والوصول إلى درجة "الصفر" بحلول عام 2050.

وبينما تقول بعض وجهات النظر المتشائمة إن الوقت قد تأخر لبلوغ هذا الهدف، فإن القمة التي جمعت حكومات العالم حول التغيير المناخي، في بريطانيا، تؤكد أن هذا الهدف ما زال ممكن التحقيق شريطة اتخاذ إجراءات غير مسبوقة وجريئة من الدول الصناعية الكبرى.

ومن التحديات التي تواجه القمة تحديد الإسهامات الوطنية لكل دولة في بلوغ هدف " 1.5 درجة" بحلول 2030، حيث تختلف هذه الإسهامات حسب دور الدول في تلويث الكرة الأرضية، وهناك نقطة خلاف كبيرة بين الدول الصناعية الكبرى، والأخرى النامية.

من أبرز الغائبين والحاضرين؟

شكّل غياب الملكة إليزابيث عن أشغال القمة مفاجأة أو خيبة، بعد أن نصحها الأطباء بالراحة أسبوعين؛ وقد يؤثر غيابها في مجريات القمة لما لها من وزن دبلوماسي قادر على تحريك كثير من الخلافات العالقة فيها.

ومن المقرر أن يحضر القمة أكثر من 120 قائدا من مختلف دول العالم، يتقدمهم الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يريد التخلص من إرث سلفه دونالد ترامب المنسحب من اتفاق باريس للمناخ.

ومن أبرز الغائبين: الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، رغم أن هذه الدول الثلاث تُعدّ من أكثر دول العالم تلويثا لكوكب الأرض ولحضورها أهمية بالغة.

بلجيكيون يشاركون في مظاهرة ببروكسل ضد ممارسات الدول التي تزيد من الاحتباس الحراري وتغير المناخ (الأناضول)

ماذا سيحدث لو فشلت القمة؟

استبقت الأمم المتحدة هذه القمة بإصدار تقرير يقول إنها إذا فشلت في التوصل إلى اتفاق لخفض الاحتباس الحراري إلى "1.5 درجة"، فإن هذا يعني ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى "2.7 درجة".

وهذا المستوى يعني دخول الكرة الأرضية في منطقة اللاعودة، وفي مرحلة الكوارث الطبيعية غير المسبوقة، وهو رقم بعيد عن الاتفاق الذي وقعته دول العالم في قمة باريس سنة 2015 لخفض الاحتباس الحراري إلى ما دون "درجتين".

ما أبرز نقاط الخلاف؟

ومن المتوقع أن يشكّل تمويل حماية البيئة أبرز نقاط الخلاف الأساسية في هذه القمة. ففي سنة 2009 التزمت الدول الغنية بجمع نحو 100 مليار دولار بحلول سنة 2020، كي تُمنح للدول الفقيرة لمساعدتها على حماية البيئة.

لم يتحقق هذا الهدف في العام الماضي، وسيكون النقطة الرئيسة للخلاف بين الدول الغنية وخاصة حول قيمة إسهام كل دولة، فضلا عن الخلاف مع الدول الفقيرة التي ترفض أن تكون كبش الفداء لوضع تقول إنها غير مسؤولة عنه.

إلا أن توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تستبعد بلوغ هدف 100 مليار دولار في هذه السنة، وإنما بحلول سنة 2023، أي بتأخير مدته 3 سنوات. وحتى حدود سنة 2019، بلغ تمويل حماية البيئة من جانب الدول الغنية نحو 79.6 مليار دولار.

ما القرارات التي ستتخذها القمة؟

ستركز أغلب التزامات الدول على خفض انبعاثات الغازات الملوثة. وعلى سبيل المثال، أعلنت بريطانيا التزامها بخفض هذه الانبعاثات بنسبة 68% بحلول سنة 2030، وكثير من الدول ستحذو حذوها.

وستكون العين أيضا على القرارات التي ستُتخذ للتشجيع على الانتقال إلى استعمال السيارات الكهربائية، وتسريع الانتقال نحو الطاقات النظيفة، وتقليص قطع الأشجار.

ومن الأفكار الجديدة التي ستُناقش: بناء نظام دفاعي في السواحل المهددة بموجات المد البحري، وتطوير منظومات رصد البراكين والعواصف، وتشكيل قوة دولية للتعاون في مجال إخماد الحرائق الكبرى التي شهد العالم بعضا منها في الصيف الماضي في أكثر من بلد.

غواصون تحت الماء في سيناء على البحر الأحمر حيث 200 صنف من الشعاب المرجانية مهددة بارتفاع درجات حرارة البحر (الفرنسية)

كيف يمكن القول إن القمة نجحت؟

ستضع المملكة المتحدة، باعتبارها الدولة المضيفة، ثقلها الدبلوماسي، من أجل الخروج باتفاق يلزم كل دول العالم ببلوغ درجة "صفر" للانبعاث الحراري، أي العودة للمستوى الذي كانت عليه الأرض قبل الثورة الصناعية.

وستكون القمة ناجحة أيضا إذا أقرّت إجراءات فعلية لتقليص استخدام الفحم الحجري، والاعتماد على المشتقات النفطية، والانتقال السريع نحو الطاقات النظيفة.

ومن منظور الدول النامية أو السائرة في طريق النمو، سيتحدد مستوى نجاح القمة بقدرتها على توفير المساعدات المالية التي تجعل هذه الدول قادرة على الالتزام بحماية المناخ.

وما زال الجدل قائما بين علماء البيئة بشأن الوقت المتاح أمام العالم لحماية كوكب الأرض، أم إن الجميع قد ضيّع الفرصة الوحيدة للحدّ من التغيرات المناخية؟

المصدر : الجزيرة