ميدل إيست آي: "انقلاب" السودان.. المتظاهرون يعتمدون على خبرة أجيال في مقاومة الانقلابات العسكرية

شبان سودانيون يواجهون قوات الأمن وسط إطلاق الغاز المسيل للدموع في الخرطوم الخميس 27 أكتوبر/تشرين الأول الجاري (الفرنسية)

نشر موقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) البريطاني تقريرا عن الاحتجاجات ضد الاستيلاء العسكري على السلطة في السودان يقول فيه إن السودانيين لديهم خبرة متراكمة على مدى أجيال في مقاومة الانقلابات العسكرية، وإن المحتجين حاليا يعتمدون على ذلك.

وأوضح التقرير أن النقابات في السودان لطالما لعبت أدوارا حاسمة في التغيير السياسي، وفي الانتفاضة الحالية أيضا. ففي أكتوبر/تشرين الأول 1964، استخدم المعارضون العصيان المدني للإطاحة بالحكم العسكري للرئيس السوداني الأسبق إبراهيم عبود، في أول ثورة ضد حكم عسكري بالبلاد.

تكتيكات مجربة

وكررت انتفاضات أخرى في السودان نفس التكتيك، إلى جانب الإضرابات والمظاهرات، لإسقاط حكومة تلو الأخرى، وكان آخر هدف هو السلطة الحالية للفريق عبد الفتاح البرهان، الذي أطاح بالحكومة المدنية ورئيس وزرائها عبد الله حمدوك الاثنين الماضي.

ونقل التقرير عن يوسف سر الختم (72 عاما)، الذي شارك في الإطاحة بحكومة عبود، قوله إن كل جيل يتعلم من الجيل السابق، مضيفا أن الاحتجاجات الحالية، ومع التفاف الناس مرة أخرى حول شعار "الحرية والعدالة والسلام" ضد الحكام العسكريين، وصلت الخبرة المتراكمة إلى ذروتها.

وأشار التقرير إلى حملة الاعتقالات الواسعة التي ينفذها الجيش وقوات الدعم السريع ضد المعارضين والمسؤولين السابقين والصحفيين منذ يوم الاثنين.

أوجه شبه

كذلك نقل التقرير عن خالد حسين (52 عاما)، العامل بالسكك الحديدية السودانية، الذي شارك في انتفاضة أبريل/نيسان 1985 ضد حكومة الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري، قوله إنه يرى أوجه تشابه مع الوضع الحالي.

الأصم: على مدار تاريخهم، جمع السودانيون مجموعة قوية من الأدوات لهزيمة الدكتاتوريات (الأوروبية)

وقال حسين إن المحتجين في 1985 استخدموا وسائل اتصال قديمة مثل التلغراف وهيئة البريد والقطارات لإرسال رسائل من مدينة إلى أخرى من أجل ربط النقابات والأحزاب السياسية والناشطين، وفي الانتفاضة الحالية يستخدم المعارضون نفس التكتيكات الأساسية، مع إضافة التقنيات الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة.

وقال عضو بارز في تجمع المهنيين السودانيين، طلب عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية، إن العمل المنظم كان الوسيلة الرئيسية للتعبير عن مطالب الشعب خلال انتفاضات 1964 و1985 و2019، وإن النقابات السودانية وتحالفاتها يمكنها دائما إسقاط الدكتاتوريات.

العصيان المدني

ودعا تجمع المهنيين السودانيين عقب إعلان القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان الاستيلاء على السلطة الأسبوع الماضي، إلى العصيان العام على مستوى البلاد لهزيمة "الانقلاب" العسكري الحالي.

ودخل أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسون ومعظم موظفي مؤسسات القطاع العام المختلفة في إضراب بالفعل وسط شلل واسع للقطاع العام وإغلاق للأسواق ووسائل النقل العام.

وقال القيادي بتجمع المهنيين السودانيين، محمد ناجي الأصم، إنه وعلى مدار تاريخهم، جمع السودانيون مجموعة قوية من الأدوات لهزيمة الدكتاتوريات، داعيا المتظاهرين إلى عدم الرد على استفزازات الجيش والأجهزة الأمنية التي تسعى لجر الثوار إلى العنف.

وقال الأصم في كلمة أمام تجمع للمتظاهرين في شارع المطار بالعاصمة الخرطوم الأربعاء "وحدتنا كمتظاهرين مؤيدين للديمقراطية، والاحتجاج السلمي، والعصيان المدني، والإضراب السياسي، كلها أدواتنا الحاسمة لهزيمة أي محاولة انقلابية".

Sudanese take to the streets of capital Khartoum
حواجز (متاريس) يستخدمها المحتجون السودانيون لتعطيل حركة الشرطة والقوات النظامية (الأناضول)

المتاريس

ونصب المتظاهرون حواجز يسمونها محليا (متاريس) في مدن مختلفة، وسدوا الأحياء وحتى الشوارع الرئيسية وسط اشتباكات واسعة النطاق بين المتظاهرين والجيش.

وحثت اللجنة المركزية لأطباء السودان، وهي إحدى المجموعات النشطة في قيادة الاحتجاجات والإضراب، الأطباء على التوقف عن العمل في المستشفيات، باستثناء وحدات الطوارئ، والانسحاب الكامل من المستشفيات العسكرية.

ودعا تجمع المهنيين السودانيين والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقاومة إلى مسيرة مليونية غدا السبت لإسقاط سلطة البرهان.

وقال محمد بدوي كبير المحللين في المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام في السودان (ACJPS)، إن على المتظاهرين استخدام أدوات العصيان المدني بحكمةٍ خاصة مع تدهور الوضع الاقتصادي.

وأضاف أنهم رأوا هذه المعارك منذ عام 1964 وحتى الآن، وأعرب عن اعتقاده بأنه على الرغم من كل التكتيكات "العدوانية" التي تستخدمها الجيوش والقوات النظامية، فإن المحتجين يحصلون على المزيد من الأرض في كل مرة بسبب تراكم تجربة المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية.

المصدر : ميدل إيست آي