كانت أول مواجهة بين طائرات أميركية وروسية.. معركة المنصورة الأطول بعد الحرب العالمية الثانية

صورة حية مأخوذة من طائرة حربية أثناء معركة المنصورة الجوية بمصر (ويكيبيديا)

القاهرة- تحكي السيدة السبعينية سعاد من ضمن ما تستعيده من حكايات حرب أكتوبر/تشرين الأول بين مصر وإسرائيل عام 1973، أنها شهدت معركة الطائرات الحربية في سماء قرية "منية النصر" قرب مدينة المنصورة في دلتا مصر، حيث اشتعلت السماء بالقذائف والضربات بين الطيران المصري والإسرائيلي بعد أيام من نجاح القوات المصرية في عبور قناة السويس.

وتضيف أنها سمعت ما يتداوله الفلاحون عن سقوط طائرة إسرائيلية في حقول الذرة، وأن الفلاحين تسارعوا لأسر الطيار الإسرائيلي الناجي من السقوط، وأنهم أخذوه وسلموه لمركز الشرطة في المدينة.

هذه المعركة التي تتذكرها السيدة المصرية هي أهم المعارك الجوية المصرية والتي أصبحت لاحقا عيدا للقوات الجوية المصرية، ففي 14 أكتوبر/تشرين الأول 1973، حاولت إسرائيل اختراق العمق المصري، طامحة في ضرب المطارات المصرية في العمق كما فعلت في حرب يونيو/حزيران 1967.

وفي ذلك اليوم انطلقت غارة جوية من 120 طائرة مقاتلة إسرائيلية من نوع "إف-4 فانتوم"، و"إيه-4 سكاى هوك" بهدف تدمير قواعد الطائرات المصرية بدلتا النيل فى المنصورة وطنطا والصالحية، لتتصدى لها القوات الجوية المصرية مكونة 62 طائرة مصرية مقاتلة فقط، وتدور بين الجانبين معركة جوية عنيفة استمرت لنحو 53 دقيقة.

ووفقا لجريدة الأهرام الرسمية، أذاع راديو القاهرة البيان رقم 39 في العاشرة مساء، وتضمن أنه "دارت اليوم عدة معارك جوية بين قواتنا الجوية وطائرات العدو التي حاولت مهاجمة قواتنا ومطاراتنا، وكان أعنفها المعركة التي دارت بعد ظهر اليوم فوق شمال الدلتا، وقد دمرت خلالها للعدو 18 طائرة وأصيب لنا 3 طائرات".

 

هل اقترح مبارك هذا اليوم عيدا؟

يحكي الرئيس الأسبق حسني مبارك -قائد القوات الجوية خلال حرب أكتوبر- أن مطار المنصورة كان مهما جدا، وكان مركزا قياديا للطائرات المصرية، وأن التنسيق جرى مع الدفاع الجوي للتصدي للهجوم الجوي الإسرائيلي الذي تم رصده، وكانت تشكيلات القوات الجوية جاهزة وتصدت للطيران الإسرائيلي الذي لم ينجح في عبور سماء المنصورة بعدها.

ويضيف مبارك -في حوار تليفزيوني- أنه هو من اقترح اعتبار 14 أكتوبر/تشرين الأول عيدا للقوات الجوية، باعتبارها أكبر معركة جوية وقعت.

ويعتبر اللواء طيار نصر موسى -الذي شارك في المعركة الجوية- أن استمرار القتال 53 دقيقة يعد إعجازا، موضحا أنه من الطبيعي ألا تستمر المعارك في الجو أكثر من بضع دقائق.

ولفت موسى خلال مقطع مصور على حساب بمواقع التواصل الاجتماعي متخصص في التاريخ العسكري المصري، إلى أن كفاءة الطيارين المصريين أشعرت الإسرائيليين بكثرة الطائرات المصرية، رغم قلة عددها مقارنة بالطائرات الإسرائيلية.

مبارك ليس القائد

 وقاد المعركة الفريق محمود شاكر عبدالمنعم، نائب قائد القوات الجوية، والذي "طمس تاريخه عمدا من قبل مبارك"، بحسب صحيفة الأهرام، حيث تم الترويج خلال سنوات حكم مبارك أن الضربة الجوية هي أهم أسباب نصر أكتوبر، كما نسبت معركة المنصورة لمبارك أيضا.

وتسرد الأهرام بطولة أحد الطيارين المصريين، وهو محمد رضا عبدالحميد صقر الشهير بـ"رضا صقر" والذي استطاع إسقاط طائرتين "فانتوم" للقوات الإسرائيلية، حيث أقلع كقائد تشكيل من مطار طنطا، ليفاجأ بنداء من قاعدة المنصورة، يخبره بهجوم طائرات العدو لضرب المطار، وعند وصوله فوجئ بـ8 طائرات "فانتوم" إسرائيلية تهاجم المطار في تشكيلين.

ويحكي صقر –في تصريحات صحفية– أنه تعامل مع آخر طائرة من السرب الأخير حيث كان يتخذ وضع الهجوم على الممر، ويضيف "قمت بضربها بصاروخ وإصابتها بشكل مباشر، ثم دمرت الطائرة الثانية، وكان ما حدث يمثل معجزة لأن طائرة الفانتوم إمكانياتها كبيرة جدا مقارنة بالميغ التي كنت أقودها".

اهتمام عالمي

يحكي سمير فرج -العسكري السابق ومدير الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة سابقا- أنه أثناء دراسته العسكرية في إنجلترا، تم تنظيم مشروع تدريبي مشترك مع كلية الأركان حرب الجوية البريطانية لمدة أسبوع، للتعرف على أساليب قتال القوات الجوية، ليفاجأ بأنهم يدرسون معركة المنصورة الجوية.

يقول فرج في مقاله بجريدة الأهرام إنه شعر بمزيد من الفخر وهو يستمع إلى نظرة الغرب لهذه المعركة، التي تعرضها أكبر كلية متخصصة فى الطيران الحربي بالعالم.

ويوضح العسكري المصري السابق أن اهتمام الدوائر العلمية حول العالم بهذه المعركة، لأنها المرة الأولى التي يدور فيها قتال جوي مباشر بين طائرات روسية وأخرى غربية، وتم استخدام أسلحة إلكترونية حديثة مثل التشويش على رادرات الطائرات.

كما أبرزت كفاءة عناصر التوجيه الأرضي، وكفاءة الأطقم الأرضية، خاصة على الجانب المصري، التي نجحت فى إتمام مهمتها على أكمل وجه، مثل إعادة تزويد الطائرات المصرية بالوقود، وإعادة تسليحها، والتأكد من السلامة الفنية للطائرات طوال مدة القتال.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة